قائد الطوفان قائد الطوفان

"نجوم العقد الماضي".. دروس وعبر في هذا الموسم

الألماني بالاك والإسباني راؤول والإيطالي ديل بيرو
الألماني بالاك والإسباني راؤول والإيطالي ديل بيرو

الرسالة نت - وكالات

ظلُّ التركيز غالباً على المواهب الشابة من قبل الجمهور المتابع لعالم كرة القدم، ففي كل موسم يتنبأ المشجعون ببزوغ نجم استثنائي قد يكون مُلهِباً لأسواق الانتقالات الصيفية أو أحد أهم تعاقدات فريق يسعى للمنافسة على بطولة تُسعد جماهيره، ولكن ماذا عن اللاعبين ذوي الخبرة؟، الذين يقدّمون مستويات رائعة قد تسهم أحياناً كثيرة في خطف بطولة تلبّي طموح المتابعين أو قد يكونون عَالةً على فرقهم في أحيان أخرى فيناقضون تاريخهم المميّز بعد أن ينتقلوا لخوض تجربة جديدة منذ موسمٍ أو اثنين، وقد يفشل مع ناديه نفسه الذي سبق وسطّر فيه تاريخه الكروي.

لتأتي مشاعر الوداع المصحوبة بغصّة لا يمكن إخفاؤها بعد أن تُجبَر الجماهير على أن تودّع لاعباً أو أكثر، سيلعب لفريق جديد وقد يعتزل عالم الكرة كلياً، فماذا عن الدروس التي تقدمها تجارب البعض من أبرز نجوم الكرة في العقد الأخير وموسمهم المتناقض في الأداء أو الإنجاز؟.

شوّهوا تاريخهم الكروي

سيكون تشويه التاريخ الكروي ربما الوصف الأدق على الرغم من قسوته لبعض حالات اللاعبين الذين انتقلوا لأندية أخرى بعد أن كانوا أرقاماً صعبةً في أنديتهم السابقة، فأصبحوا يلعبون دوراً ثانويناً "الكومبارس" وخيّبوا آمال جماهير أنديتهم الجديدة وعشاق النجوم أنفسهم.

الهولندي فان نيستلروي صاحب الـ35 عاماً كان "بُعبعاً" لحراس الأندية الإسبانية، عندما لعب مع ريال مدريد في سنوات مضت، ولكن عودته إلى إسبانيا مع ملقا، بعد موسمٍ ونصف الموسم قضاها مع هامبورغ الألماني، أظهرت نجماً من الدرجة الثانية، فلم يسجّل سوى 4 أهداف في 1150 دقيقة شارك بها، وهو ما يعتبره الكثيرون فشلاً في نهاية حياةٍ كرويةٍ للاعب سجّل 244 هدفاً في الأندية التي لعب لها سابقاً وحصل على 18 إنجازاً جماعياً، ومع ذلك فإن النجم الهولندي تدارك الموقف عندما أعلن اعتزاله عند حصول فريقه على المركز الرابع المؤهّل لدوري أبطال أوروبا.

وفشل بالاك للموسم الثاني على التوالي في إعادة ذكريات الزمن الجميل مع ليفركوزن الذي تألّق معه في بداياته، فأُجبر هذا الموسم على الخروج من الفريق إلى تجربة جديدة قد تكون خارج القارة العجوز، وذلك بعد أنباء عن خلافاتٍ متواصلة مع الكوادر الفنية للفريق، فلم يلعب صاحب الـ35 عاماً والحاصل على 23 لقباً في مسيرته سوى 1216 دقيقة هذا الموسم.

ويعتبر الأورغوياني دييغو فورلان من اللاعبين الذين قدموا موسماً سيئاً للغاية في تجربتهم الجديدة، فسجّل هدفين فقط مع إنتر الإيطالي، الذي لم يتأهّل لأيّ بطولة أوروبية في 1013 دقيقة، بعد أن كان اللاعب رقماً صعباً مع أتلتيكو مدريد الإسباني، وحاز في وقتٍ سابقٍ على جائزة أفضل لاعب في كأس العالم (2010 جنوب أفريقيا)، ويبدو صاحب الـ32 عاماً والحاصل على 10 ألقاب قاب قوسين أو أدنى من مغادرة إنتر إلى تجربةٍ جديدةٍ قد تكون أقلّ سوءاً.

أما أفضل لاعب في العالم مرتين (2004 و2005) البرازيلي رونالدينيو صاحب الـ32 عاماً فبدأ يبحث جديّاً عن تجربة جديدة بعد الموسم العادي مع فلامنغو البرازيلي، الذي يعاني من أزمةٍ مالية خانقة، علماً بأنّ روني الذي حقّق 14 لقباً في مسيرته كان يقدّم أداءً مقبولاً في الكثير من فترات لعبه مع ميلان الإيطالي إلا أنّه ومنذ رحيله من برشلونة عوّد جماهيره على أدائه المتناقض.

"الاختيار الموفّق" استمرار في التألُّق

يمثل الاختيار الموفّق للنادي الذي يريد اللاعب الانتقال إليه أحد أهم الأسباب التي قد تسهم في استمرار تألّقه ونجوميته، وهنا لا بد من الحديث عن الإسباني راؤول غونزاليس (34 عاماً) الذي قاد شالكه الألماني للتأهّل إلى دوري أبطال أوروبا هذا العام بعد أن سجّل له 15 هدفاً في الدوري وشارك في 2798 دقيقة كثاني أكثر لاعبي شالكه مشاركةً في الدوري، وعلى الرغم من محاولة النادي الألماني التمسّك براؤول، إلا أنّ اللاعب الذي أحرز 31 لقباً في تاريخه رغب في تجربة جديدة فانضمَّ للسد القطري ثالث أندية العالم.

وأكّد صاحب اللمسات المميّزة أندريا بيرلو أنّه من طينة الكبار عندما أسهم في تتويج يوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي، الذي سبق وحقّقه مع ميلان الموسم الماضي، فتصدّر قائمة صانعي الألعاب في الدوري بـ13 كرة وسجّل 3 أهداف بعد أن لعب 3317 دقيقة كأكثر اللاعبين مشاركةً مع يوفي في السنوات الخمس الأخيرة، وقد يتوّج بعد أيام ببطولة كأس إيطاليا مما يعني وصول بيرلو لمنصة التتويج للمرّة الـ19 في تاريخه.

ونجح الفرنسي دافيد تريزيغيه في تعويض تجاربه التي لم تلبِّ الطموح عندما لعب مع بني ياس الإماراتي وهيركوليس الإسباني، فعاد صاحب الـ34 عاماً للتألّق في الدوري الأرجنتيني للدرجة الثانية وسجّل لريفر بلايت 11 هدفاً في 866 دقيقة دفعت فريقه للصدارة ليردّ القليل من هيبته بعد أن كان توّج بـ18 لقباً.

الوفاء في الوقت الخاطئ

يعتبر هذا الموقف أشدّ المواقف صعوبة عندما يرغب اللاعب في الاستمرار بتقديم إمكانياته الفنية والبدنية لخدمة فريقه الذي عاش معه أجمل لحظات حياته الكروية، ولكن التقدّم في السن وطموحات عشاق النادي تجبر اللاعب وإدارة ناديه على اتخاذ القرار الأفضل للإثنين وهو رحيل اللاعب مع احترام تاريخه.

وعاشت جماهير ميلان الإيطالي هذه اللحظة بعد أن فشل (فيلبو إنزاغي وجينارو غاتوسو وأليساندرو نيستا والهولندي مارك فان بوميل) في تقديم شيءٍ يُذكر للنادي هذا الموسم، فلم ينجح الفريق في الفوز سوى بلقب السوبر الإيطالي بداية الموسم ليعلن الأربعة مغادرتهم لميلان علماً بأنّ كلّاً منهم حقّق عدداً مميّزاً من الألقاب (إنزاغي 23 لقباً وعمره 38، غاتوسو 21 وعمره 34 ونيستا 28 بعد 36 عاماً، وأخيراً فان بوميل صاحب الـ35 عاماً وحقّق 28 إنجازاً أيضاً).

نفس الحالة قد تنطبق بعد أيام على مجموعة من اللاعبين الذين لم يقدموا ذلك المستوى الذي يفرض بقاءهم في أنديتهم، وأهمهم الهولندي كلارنس سيدورف وماسيمو أمبروزيني وجيانلوكا زامبروتا لاعبو ميلان، إضافة للاعبي إنتر الذين قضوا موسماً تعيساً للغاية مع ناديهم الجريح، ولعلّ أبرزهم الصربي دايان ستانكوفيتش والأرجنتينيان والتر صامويل وخافيير زانيتي, وقد تحدث استثناءات تفوق لغة الأرقام التي نتكلّم بها بحسب سياسة النادي ورغبة اللاعب.

تضحيات مستمرّة ومستقبل مجهول

يأتي الحديث هنا عن عدد من أبرز النجوم الذين استمروا في وفائهم لأنديتهم ولكن القدر جعلهم يجبرون على المرور بلحظات تاريخية في مستقبلهم الكروي، خاصةً في ظلّ إيمانهم بقدرتهم على تقديم إضافة حقيقية لفرقهم الموسم القادم، وفي مقدمتهم أليساندرو ديل بييرو الذي لعب 498 دقيقة فقط مع ناديه يوفنتوس وسجّل خلالها ثلاثة أهداف وصنع اثنين،  فكان له دور واضح في تتويج فريقه ببطولة الدوري وتأهّله لنهائي الكأس الذي سيُلعب بعد أيام، إلا أنّ اللاعب البالغ من العمر 37 عاماً يبدو في طريقه للرحيل تلبيةً لتصريحٍ رئيس النادي أندريا أنييلي الذي أعلن بداية هذا الموسم أنّه سيكون الأخير لبييرو الذي توّج 28 مرّة في مسيرته الكروية.

في المقابل نجح عدد من نجوم الخبرة في تأدية ما طلب منهم على أكمل وجه، إلا أنهم لم يحقّقوا شيئا ملفتاً مع فرقهم ومنهم الويلزي راين غيغز لاعب مانشستر يونايتد الإنكليزي، الذي كان مؤثّراً في 1469 دقيقة شارك بها صاحب الـ38 عاماً وكذلك زميله بول سكولز (37 عاماً)، الذي كانت مجرد عودته عن اعتزاله في المراحل الأخيرة من الدوري وتسجيله لثلاثة أهداف وصناعة أربعة في 1167 دقيقة لعبها أمراً مميّزاً، إلا أنّ ذلك قد يفرض ضرورة اعتزالهما وهما في قمّة عطائهما بعد أن حقّق الأوّل 58 لقباً في مسيرته والثاني (51)، لكن سكولز فضّل التمديد لموسم إضافي مع يونايتد بينما ما يزال مستقبل غيغز غامضاً.

والحالة نفسها بالنسبة لقيصر روما الإيطالي فرانشيسكو توتي الذي كان ثاني أفضل لاعبي فريقه بصناعة 6 أهداف وتسجيل ثمانية ولكن خروج الفريق من المشاركة في أيّ من البطولات الأوروبية يفرض على صاحب الـ35 عاماً أن يفكّر جديّاً في مستقبله خاصة في ظلِّ صعوبة تحقيقه للقب الـ22 في مسيرته بسبب السياسة المتخبّطة التي تتبعها إدارة ناديه.

ويبدو أن الجدال سيستمر طويلاً بين مؤيّدٍ لضرورة اعتزال نجوم الكرة بعد تقدّمهم في السن وهم في قمّة عطائهم وبين معارض لذلك نتيجة الطمع في متابعة نجمهم يلعب أطول فترةٍ ممكنة، وسيبقى الموضوع محط نقاش لكثير من الوقت بسبب عدم اتفاق الحكمة مع المشاعر لدى غالبية جماهير الكرة، وبالتالي فإنّ استمرار تناقض الآراء في المستقبل أمرٌ لا بدّ من ملاحظته وخاصةً بعد إعلان العديد ممَن ذُكرت أسماؤهم الرغبة في الاستمرار باللعب للموسم المقبل وربما أكثر.

البث المباشر