لم يتوقف هاتف الحاج نافذ الملفوح عن تلقي المكالمات منذ إعلان (إسرائيل) نيتها تسليم جثامين عدد من الشهداء الأسرى الموجودين في مقابر الأرقام إلى السلطة الفلسطينية في بادرة حسن نية تجاه رئيسها محمود عباس.
للملفوح ابن استشهد في يونيو/حزيران 2004 في عملية عسكرية ضد موقع (إسرائيلي) شمال القطاع، ومنذ ذلك الوقت تحتجز (إسرائيل) جثمانه إلى جانب نحو ثلاثمائة فلسطيني حسب بعض التقديرات المحلية.
في المقابل لم يترك الملفوح مسؤولاً يعرفه إلا واتصل به على أمل الحصول على بعض التفاصيل، من قبيل هل ابنه من ضمن الذين ستسلم (إسرائيل) جثامينهم؟ فالرجل كان جهز نفسه في يوليو/تموز الماضي بعدما أدرج اسم ابنه ولكن (إسرائيل) تراجعت عن ذلك.
يقول الملفوح "لم يكشف المسؤولون أي تفاصيل، الكل يقول لنا انتظروا ولا نريد التعجل، نحن متشوقون لأن نأخذ ابننا وندفنه على الطريقة الإسلامية ونزوره. نحن محرومون من ذلك من العام 2004".
كذب (إسرائيل)
وأضاف الملفوح "في العام الماضي جهزنا أنفسنا وحجزنا قبراً لمؤمن ولكننا صدمنا بتوقف الأمر من قِبل الاحتلال، لذلك نحن لا نعول كثيراً هذه المرة، ولكننا لا نريد أن نفقد الأمل، ونطمح لتسلم جثمانه ودفنه، باختصار نحن نعيش في قلق مستمر منذ أيام ونأمل أن ينتهي ذلك سريعاً".
وأوضح الملفوح أنه حاول كثيراً رفع دعاوى قضائية ضد الاحتلال لاسترداد جثمان نجله، لكن محاولاته باءت بالفشل بعدما أكد الجميع له أن المحاكم (الإسرائيلية) تتحيز لرواية الجيش.
من جانبها، قالت والدة الشهيد مؤمن إنها تشعر بقلق متزايد وتنتظر اللحظة التي ينتهي فيها هذا الالتباس، متأملة أن يكون ابنها الشهيد في قبر إلى جوار شقيقه الأكبر رائد الذي استشهد في الحرب الأخيرة على غزة.
وأضافت "أتمنى أن يكون الأمر جدياً هذه المرة، حتى لو لم تفرج (إسرائيل) عن جثمان ابني وتفرج عن آخرين سأكون سعيدة بأن الأهالي المتألمين على عدم وجود مزار لابنهم ستنتهي معاناتهم".
من ناحيته قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس للجزيرة نت إن السلطة تبلغت من (إسرائيل) عزمها الإفراج عن عدد من جثامين الشهداء المحتجزة.
وعبر المسؤول عن خشيته أن تحدث بلبلة أو ألا تصدق (إسرائيل) كما فعلت في العام الماضي عندما أبلغتنا نيتها تسليمنا جثامين 88 فلسطينياً محتجزين لديها في مقابر الأرقام.
زيادة معاناة
بدوره قال الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة إن (إسرائيل) تعمدت عدم تسليم جثامين نحو ثلاثمائة فلسطيني لذويهم بعد استشهادهم في عمليات عسكرية وحتى داخل السجون لتزيد من ألم ذوي الشهداء.
وأوضح فروانة أن من حق الأهالي الخوف والقلق لأن الاحتلال يمكن في أي وقت أن يرفض تنفيذ ما وعد به، متحدثاً عن جهود فلسطينية في الأعوام الثلاثة الأخيرة لتفعيل القضية لكنها لم تنجح كما هو مطلوب.
وأصعب من ذلك -وفق فروانة- أن (إسرائيل) فرضت أحكاماً بالسجن على بعض الجثامين التي وضع بعضها في مقابر الأرقام وأبقي بعضها في ثلاجات الموتى دون مراعاة القواعد الدولية والإنسانية في مثل هذه الحالات.
ويشير فروانة إلى أن بعض المقابر جرفتها مياه الأمطار والسيول والبعض الآخر تحول إلى باحات للكلاب الضالة، علماً أن (إسرائيل) لا تتبع القواعد السليمة لعملية الدفن مما يعرض الجثامين للسرقة أو النهش.