ترحل عيناه كل يوم إلى ما وراء الأسلاك الشائكة والجدر المشيدة، ففي الضفة أرض لا يستطيع صاحبها الوصول إليها حين تكون تحت سيطرة المستجلبين.. ينثر أحلامه وأمنياته علها يوما تعود إليه.
المواطن إبراهيم موسى من بلدة الخضر جنوب مدينة بيت لحم واحد من آلاف الفلسطينيين الذين سرقت أراضيهم في وضح النهار تحت حجج مختلفة، إما لتشييد الجدار العنصري أو بناء المستوطنات أو شق الطرق للمستوطنين أو إقامة معسكرات للجيش، وهكذا حتى سلبت بالكامل ولم يعد باستطاعته أن يقترب منها، ثم بدأ يفقد الأمل في استعادتها.
ويقول موسى لـ"الرسالة نت" إن قوات الاحتلال أصدرت قرارا بالاستيلاء على ثمانية دونمات تعود له بحجة شق طريق استيطاني، وهي التي شيد فوقها الشارع المسمى 60 والذي يصل بين مدينتي بيت لحم والقدس المحتلة ويخصص للمستوطنين فقط.
ويوضح موسى بأن الاحتلال أبلغه بقرار المصادرة دون وجه حق وكتب في أمر الاستيلاء "لأغراض عسكرية"، بينما كان السبب الحقيقي هو شق طريق للمستوطنين، مبينا بأن ستة دونمات أخرى سرقت من أرضه لصالح بناء الجدار العنصري.
ويضيف:" ضاعت أراضينا تحت هذه الحجج الواهية وأصبحنا بلا أرض وبلا حق في قاموس الاحتلال، وفي كل مرة نجد أوراقا تفيد بمصادرة الأرض دون أي مبرر ونحاول رفع قضايا في المحاكم الإسرائيلية ولكن بالطبع يكون الانحياز لصالح الاحتلال، ونحن لا نملك إلا الاحتساب عند الله لأنه لا يوجد من يساعدنا ولا من يكترث لأمرنا في وجه هذه الغطرسة".
سرقة ثم تزوير
القضية لم تعد فقط في مصادرة الأراضي والاستيلاء عليها دون وجه حق، بل في قيام حكومة الاحتلال المتطرفة بتسجيل الأراضي المسروقة من أصحابها باسم المستوطنين زورا وبهتانا، هذا التزوير القديم الجديد أقدم عليه الاحتلال لشطب الحق الفلسطيني في الضفة ونهب أكثر من 60% من مساحتها.
ويؤكد الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش لـ"الرسالة نت" بأن هذه السياسة بدأت منذ سنوات، حيث يقوم الاحتلال بتسجيل الأراضي المصادرة باسم المستوطنين وضباط في الجيش وموظفين في الإدارة المدنية، وهذه المكاتب منتشرة في عدة مستوطنات مقامة على أرض الضفة أبرزها "معاليه أدوميم".
ويوضح حنتش بأن الاحتلال يقوم بتسجيل الأراضي المقامة عليها المستوطنات والنقاط العسكرية والطرق الاستيطانية والجدار العنصري بأسماء للمستوطنين دون وجود أي أوراق ثبوتية وبعملية تزوير كاملة، مبينا بأنه بذلك يتجاوز أوراق "الطابو" الفلسطينية والتي تؤكد حق الفلسطينيين في أراضيهم المسلوبة.
ويضيف:" عمليات التزوير كانت تجري على قدم وساق، حيث دققنا في تواريخ مختلفة لعمليات تسجيل الأراضي بأسماء المستوطنين وكان بعضها يوم الجمعة أو في أيام عطل رسمية، وهو الأمر الذي يثبت أن تزويرا واضحا يتم في عملية التسجيل".
ويذكر الخبير بأن التهويد المتسارع للأرض الفلسطينية بدأ منذ احتلالها عام 1948، وما يجري على الأرض يفند المزاعم حول "نية" حكومة الاحتلال تسجيل الملكية للمستوطنين لأن ذلك بدأ فعلاً قبل سنوات.
"لن ننسى"
وفي مقابل ذلك تتعالى الأصوات من ثنايا الشعب المقهور أن أعيدوا الأرض واحفروا التاريخ في قلب كل فلسطيني لأن الصغار لن ينسوا يوما.
وفي هذا يرى منسق لجنة مقاومة الجدار والاستيطان صلاح الخواجا بأن الواجب على القوى الشعبية الفلسطينية أن تحفر تاريخ الأرض في قلب كل فلسطيني صغيرا كان أم كبيرا، وأن تكون هناك حملات توعية للأراضي المسلوبة والتذكير بأنها مصادرة من قبل الاحتلال وتسميتها بأسمائها الأصلية وليس بحسب مسميات الاحتلال.
ويؤكد لـ"الرسالة نت" بأن الاحتلال يحاول خلق نكبة جديدة في الضفة عبر مصادرة الأراضي وزرع المستوطنات بشكل مكثف، مضيفا بأنه من الواجب على المستوى الشعبي مقاومة كل المحاولات لتهويد الأرض، وعلى المستوى الرسمي تفعيل القضية عربيا ودوليا والاستفادة من مواقف بعض الجمعيات الدولية في الاعتراف بالحق الفلسطيني.