غزة-الرسالة.نت
في ظل الحديث عن أزمة المناخ وما تسببه مصادر الطاقة التقليدية من مضار على البيئة اطلقت في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية وقائع اليوم الدراسي "مصادر الطاقة البديلة" الذي نظمه قسم تكنولوجيا الحاسوب والمهن الصناعية.
بدوره رحب الدكتور خضر الجمالي نائب العميد للشئون الأكاديمية بالحضور، مثمنا جهود قسم تكنولوجيا الحاسوب والمهن الصناعية في مناقشة العديد من القضايا التي تختص بشئون البيئة ومواردها ومصادر الطاقة فيها، معتبرا أن البحث عن مصادر جديدة للطاقة وبديلة عن تلك المصادر القديمة المضرة بالبيئة يعد من أهم المنجزات التي يمكن تقديمها للإنسانية والطبيعة على حد سواء، خاصة في ظل التلوث الشديد والآثار السلبية الخطيرة لمخلفات مصادر الطاقة المستخدمة على الأرض والهواء والماء والإنسان، آملا أن يوفق الباحثون والمشاركون في التوصل إلى مقترحات وحلول فعالة تسهم في إيجاد البدائل الفعالة.
من ناحيته أوضح المهندس محمد صلاح رئيس قسم الحاسوب والمهن الصناعية بالكلية أن فكرة هذا اليوم الدراسي مستوحاة من الواقع الذي تحياه البشرية اليوم في ظل محدودية مصادر الطاقة من جهة وآثارها السلبية على البيئة والإنسان من جهة آخرى، مشيرا إلى الآثار الخطيرة الناجمة عن الاستخدام المفرط لمصادر الطاقة الحالية دون مراعاة الكم الهائل الذي تخلفه من أضرار على الكائنات الحية، مؤكدا أنه أصبح من الواجب على الباحثين والعلماء أن يقدموا للعالم مصادر جديدة وبديلة للطاقة وبدون آثار جانبية على البيئة.
وافتتحت الجلسة الأولى لليوم الدراسي بورقة عمل تحت عنوان (مصادر الطاقة والطاقة البديلة) تحدث خلالها هيثم الحفني عن مصادر الطاقة المستخدمة من قبل البشرية وانقسامها إلى مصادر متجددة ومصادر غير متجددة أو مؤقتة، منوها إلى أن إن مصادر الطاقة المؤقتة متوفرة في الطبيعة بكميات محدودة وغير متجددة كالبترول والفحم الحجري والغاز الطبيعي، وأن هذه المصادر تسد حاجيات الإنسان بنسبة تقدر بـ %97.7 من حاجيات سكان الأرض، مضيفا أن هذه المصادر مؤقتة وستنفد في يوم من الأيام مما يتطلب من الجميع البحث عن مصادر جديدة وصديقة للبيئة.
وحول ( خلايا الوقود بين النظرية والتطبيق) ذكر المهندس أحمد اللحام المدرس في قسم تكنولوجيا الحاسوب والمهن الصناعية في الكلية أن خلايا الوقود هي جهاز يستخدم لتحويل الطاقة الكيميائية الى طاقة كهربية، حيث يعمل على تحويل الهيدروجين والأوكسجين إلى ماء ومن خلال هذا التفاعل ينتج تيار كهربى يستفاد به، موضحا أن خلايا الوقود تمتاز بالكفاءة العالية في توليد الطاقة والديمومة في إنتاج التيار الكهربائي طالما تزود بغازي الهيدروجين والأوكسجين.
وأضاف اللحام: يمكن للباحث التغلب على مشكلة توفير غاز الهيدروجين من خلال استخدام معالجات الوقود (Fuel Processors) لاستخلاص الهيدروجين من مواد أخرى مثل البنزين والكحول والغاز الطبيعي، إلا أن استخدام معالجات الوقود لتوفير الهيدروجين قد تسبب انبعاثات ملوثة للهواء الجوي مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الملوثات.
أما الباحث نبهان الرنتيسي استعرض تطبيق عملي للرياح كأحد مصادر الطاقة الطبيعية المتجددة، حيث تقوم فكرته على تحويل طاقة الرياح إلى طاقة كهربائية ومن ثم تخزينها في بطارية 12V/55A عبر منظم شحن (charge controller )، فيما ناقش المهندس رأفت السيقلي خلال ورقته ( الهيدروجين وقود المستقبل ) أسباب البحث عن مصادر بديلة للطاقة الحالية خاصة وأن المنتجات الهيدروكربونية لها آثار سلبية وملوثة ولا بد من إيجاد مصادر مستدامة وصديقة للبيئة، حيث أصبحت بعض الدول تنظر لهذا الأمر من وجهة نظر الأمن القومي لأنها تستورد النفط وتعتمد على دول أخرى، وبالتالي بدأ البحث عن إيجاد بديل داخلي يدعم الأمن القومي.
وذكر السيقلي أن أنظار العالم أصبحت تتجه اليوم نحو الطاقة المتجددة وزيادة إنتاجه منها كونها نظيفة وغير مضرة بالبيئة علاوة على أنها لا تنفذ كالشمس والرياح والمياه والمد والجزر وحرارة المحيطات وحرارة جوف الأرض، إلا أن مثل هذه المصادر كطاقة الرياح وطاقة الشمس تواجه مشكلة عدم التواجد دائما وفي كل مكان وعدم القدرة على تخزينها لفترات طويلة، وهنا يأتي دور الهيدروجين ليحل تلك المشكلة خاصة وأنه يمكن تخزين هذه الطاقة متى نريد وحيث نريد مشيرا إلى أنه أصبح مؤخرا يستخدم كبديل عن البنزين.
ورقة العمل الأخيرة كانت بعنوان (أزمة الطاقة في قطاع غزة آفاق وحل) تحدثت خلالها المهندسة حليمة عبد العزيز عن واقع الطاقة في الأراضي الفلسطينية، وذلك أن الأراضي الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص يعاني من مشكلة حادة في مجال الطاقة تتمثل في ندرتها والاعتماد الكلي على إسرائيل للحصول عليها، موضحة أننا كفلسطينيين في أمس الحاجة إلى التوفير في استهلاك الطاقة ومحاولة إيجاد مصادر وطرق أخرى بديلة ، خاصة وأن قطاع غزة يفتقر إلى مصادر الطاقة التقليدية على الرغم من وجود بعض اكتشافات للغاز الطبيعي في المنطقة المحاذية للقطاع في البحر المتوسط.
وأفادت عبد العزيز أن أفضل الحلول المقترحة لمشكلة الطاقة في قطاع غزة استخدام الطاقة الشمسية كمصدر أساسي للطاقة المتجددة يمكن إذا ما تم استغلاله بشكل جيد التوفير والتقليل بشكل ملحوظ من الاعتماد على الطاقة التقليدية خاصة في المباني، لذا فإن المطلوب حاليا هو التركيز على استغلال هذا النوع من الطاقة المتوفرة وبشكل مجاني للجميع، كما يمكن تحقيق ذلك بشكل مباشر من خلال استخدام الخلايا الكهروضوئية لتوليد الكهرباء أو استخدام المجمعات الحرارية ( الحمامات الشمسية ) لتسخين الماء أو بشكل غير مباشر من خلال اختيار شكل وتفاصيل وتوجيه التصميم المعماري.
ومع اختتام وقائع اليوم الدراسي، أكد المشاركون والباحثون على مجموعة من التوصيات، داعين إلى توعية المواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة بضرورة ترشيد استهلاك الطاقة، وتشجيع إنشاء وحدات لأبحاث الطاقة المتجددة خاصة في الجامعات والمراكز العلمية والتي من شأنها تطوير هذا المجال ودراسة إمكانيات التطبيق في قطاع غزة، إضافة إلى حث وتشجيع المواطنين والمؤسسات على استغلال الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية في المباني وتبني ودعم هذه الأبحاث.
ودعا المشاركون والباحثون إلى العمل على سن قوانين وتشريعات خاصة باستخدام الطاقة الشمسية في المباني على مستوى التخطيط وذلك من خلال التأكيد على ضرورة الاستفادة من الطاقة الشمسية في تخطيط المدن والأحياء الجديدة خاصة في المناطق المحررة من خلال توجيه المباني وإقرار حق كل وحدة سكنية في الحصول على الطاقة الشمسية، وكذلك على مستوى التصميم المعماري مع ضرورة وضع مقاييس تحدد مواصفات المباني الموفرة للطاقة فيما يتعلق بالأداء الحراري والذي له علاقة مباشرة باختيار مواد البناء واستعمال مواد العزل الحراري، منوهين إلى أن هذه الإجراءات من شأنها أن تقلل من الاعتماد على الطاقة التقليدية وتوفر بديل متجدد وعمارة بيئية سليمة موفرة للطاقة.