"الإخوان" والفلول الجدد.. هل بدأت الحرب الباردة ؟!

القاهرة – الرسالة نت

في ظل تصاعد الأزمات القانونية في المشهد السياسي المصري يصف الخبراء ما يجري بأنه صراع بين الدولة العميقة بطواغيت مالها وأجهزتها الأمنية من جهة وبين الإخوان المسلمون ومكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة وطواغيت المال التابعين لهم من جهة أخرى.

وبمد الخطوط على استقامتها يحذر خبراء من أن الأزمات الشكلية القائمة حاليا بين المجلس الأعلى والإخوان تستهدف أساسا إعادة ترسيم صلاحيات السلطة بينهما، وهناك شبه إجماع على أن الصراع الحالي يضعف القوى المدنية ويقسمها ويشتت قواها ويحصرها في فخ الاختيار بين الماضي الذي قامت ضده الثورة وبين حاضر يجري توجيهه إلى ماض أبعد من الماضي القريب الذي سبق 25 يناير 2011.

 

وقد اتخذت الأزمة السياسية في مصر هذا الأسبوع منحى خطيرا ينذر بالعنف، إذ أبطلت المحكمة الدستورية قرار الرئيس محمد مرسي القاضي بإلغاء مرسوم حل البرلمان الذي أصدره المجلس العسكري الشهر الماضي في حكم سارعت «الإخوان المسلمون» إلى اعتباره «منعدما»، معلنة إحالة القضية إلى محكمة النقض، واللجوء إلى الشارع، فنظمت مظاهرات حاشدة مؤيدة لمرسي في ميدان التحرير قابلتها مظاهرات معارضة له أمام مقر الرئاسة.

وكان مرسي قد أصدر الأحد الماضي قرارا جمهوريا يلغي بموجبه مرسوما سابقا أصدره المجلس العسكري في منتصف الشهر الماضي بحل مجلس الشعب استنادا إلى حكم المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات التشريعية وباعتبار مجلس الشعب «غير قائم قانونا».

وقضت المحكمة العليا الدستورية قبل يومين بـ«وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية» الذي قضى

بإلغاء قرار العسكري ودعوة مجلس الشعب إلى الانعقاد مجددا.

وأمرت الدستورية بتنفيذ حكمها السابق ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب الذي جرت بموجبه الانتخابات، "وبما يترتب على ذلك من حل المجلس واعتباره غير قائم بقوة القانون".

ورفضت هيئة الدفاع عن قرار الرئيس المصري الحكم من فور صدوره، وتلا ممثلها المحامي عبد المنعم عبد المقصود بيانا أمام الصحافيين أكد فيه أن هذا الحكم يعتبر «منعدما»، معتبرا أن المحكمة الدستورية جنبت القانون واستدعت السياسة فيما قال المستشار القانوني لمرسي محمد جاد الله إن قرار الدستورية «منعدم لعدم الاختصاص».

وكانت المحكمة الدستورية قد شددت في بيان أصدرته بعد اجتماع لهيئتها العامة على أن أحكامها وكل قراراتها «نهائية وغير قابلة للطعن بحكم القانون».

ورغم موقف المحكمة فقد عقد مجلس الشعب المصري الذي يهيمن عليه الإسلاميون جلسة قصيرة في تحدّ للقضاء.

وقال رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني («الإخوان المسلمون») في مستهل تلك الجلسة إن المجلس مدرك لحقوقه وواجباته، "ولن يتدخل في شؤون السلطة القضائية ولن يصدر تعليقا على أحكام القضاء".

وأضاف قبل أن يعلن رفع الجلسة بعد 12 دقيقة فقط أنه أجرى مشاورات مع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب في كيفية تطبيق منطوق حكم الدستورية العليا وكذلك الحيثيات المرتبطة به، مشيرا إلى أنه وطبقا للفقرة الأولى من المادة 40 من الإعلان الدستوري التي تقضي بأن تفصل محكمة النقض في صحة عضوية أعضاء مجلسي الشعب والشورى فقد تقرر إحالة الموضوع إلى محكمة النقض للنظر والإفادة.

 

 محكمة النقض لن تفيد

ويعترض عدد كبير من القانونيين المصريين على إحالة الأمر لمحكمة النقض باعتبارها غير معنية بتفسير أحكام المحكمة الدستورية أو تطبيقها، "وإنما الفصل في النزاعات حول العضوية الفردية لمجلس الشعب".

وحضر الجلسة نواب «الإخوان» و«حزب النور» السلفي في حين قاطعها نواب آخرون وبخاصة الليبراليون الذين اعتبروا قرار مرسي «انقلابا دستوريا».

وتوافد آلاف من مؤيدي «الإخوان» على ميدان التحرير تعبيرا عن دعمهم لمرسي ورفضا لقرار المحكمة الدستورية فيما تظاهر المئات من معارضي مرسي أمام مقر الرئاسة بمصر الجديدة وأمام ضريح الرئيس الأسبق أنور السادات في مدينة نصر.

وتأتي هذه التطورات عشية سفر مرسي إلى السعودية للقاء الملك السعودي عبد الله الثاني، وقبل أيام قليلة على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى مصر يوم السبت المقبل.

وردا على سؤال حول رؤيتها لعودة البرلمان المنحل شددت كلينتون على ضرورة الحوار والتعاون بين الرئيس والعسكر والجهات المعنية، قائلة: «أدرك تماما أن التغيير أمر صعب وأنه لن يحدث بسرعة، وقد شهدنا خلال الأيام الماضية أن هناك كثيرا من العمل ينتظرنا في مص (...) نحث على أن يكون هناك حوار مكثف بين كل الجهات المعنية من أجل ضمان أن يكون هناك طريق واضحة لهم ليتبعوها".

مشيخة الأزهر أكدت من جهة ثانية إصرارها على بقاء المادة الثانية من الدستور المصري المعطل التي تنص على أن «مبادئ» الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع من دون تغيير في الدستور الجديد، رافضة أي صياغات جديدة قد يفهم منها أن أحكام الشريعة -وليست مبادئها- هي مصدر التشريع.

 

وكالات

البث المباشر