لإسهاماتها وكفاءتها..نظرة المجتمع تتغير عن عمل المرأة

غزة/ ديانا طبيل      

لازالت قضية عمل المرأة تثير جدلاً واسعا، إلا أن العديد من التغييرات الاجتماعية ساهمت في تغيير نظرة المجتمع لعمل المرأة بعدما أثبتت التجربة حاجة المجتمع إلى مساهماتها.

وقد ساعد ذلك في أن تثبت المرأة نجاحها في تطوير ذاتها وتوسيع خبراتها، فماذا أضاف العمل لشخصية المرأة في ظل نظرية التوافق بين واجباتها المنزلية وحياتها العملية ؟ وهل تسبب خوضها مجال العمل إلى تقصيرها في دورها الأسري مع زوجها وأطفالها وعلاقاتها الاجتماعية؟

تأثير إيجابي

الموظفة ناهد ياسين " 29 عاما" قالت أن العلاقة المتينة التي تقوم بين الأم وأولادها، لا يمكن أن تتدهور وتنهار نتيجة عمل الأم، فمتانة العلاقة لا تقوم على عدد الساعات التي تقضيها الأم بجانب طفلها، بقدر ما تقوم على صدق وصحة تربيتها، وحبها له.

وذكرت أن العمل أثر على شخصيتها إيجابيا وأكسبها الكثير من الصفات الجيدة، وقالت معددة تلك الإيجابيات: قبل العمل كنت إنسانة منعزلة ومترددة وغير مبادرة لكن مع المسئوليات الملقاة على عاتقي كموظفة إدارية تغيرت الأمور إلى الأفضل وأصبحت صاحبة علاقات اجتماعية جيدة بمحيط العمل والأسرة وفقدت ترددي وأصبحت أكثر شجاعة ومبادرة .

واسترسلت الموظفة ياسين في ذكر ما عكسه العمل عليها من إيجابيات وقالت: شتان بين المرأة العاملة وغير العاملة على كل الأصعدة فقديماً كانت اهتماماتي وثقافتي وطريقة تفكيري ونظرتي للأمور سطحية لكن بفعل العمل توسعت مداركي و خبراتي وثقتي بالمحيطين .

وأكدت أن العمل انعكس إيجابيا على دورها في أسرتها وقالت: حتى علاقتي بزوجي أخذت منحى أخر وأصبحت مشاركة في صنع القرار والتخطيط.

ورأت ياسين أنه من الضرورة أن تختار المرأة العمل الذي يتلاءم ومهمة الأم الأساسية داخل المنزل  ، فتحصد سعادتها وسعادة أسرتها ، مضيفة النساء يتمتعن بالحنكة والذكاء لتختار ما يناسبها و لا يؤثر على قواها الجسدية والعصبية و التوازن العائلي.

من جهته يرى إسماعيل أبو ركاب أخصائي علم النفس التربوي  أن "العمل حاجة واستعداد" في داخل كل إنسان ومرتبط بجوهر الحياة لديه ، مؤكداً أن حياة الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة لا يمكن أن تستقيم بدون العمل، علاوة على أن العمل يحقق للفرد ذاته  وشخصيته ، ويشعره بالإنتاج والإنجاز والأهمية  كما يعطيه الاستقلال المادي وخصوصا المرأة غير المتزوجة.

أكثر قوة وقيمة

وأضاف أخصائي علم النفس التربوي  أن العمل يجعل المرأة أكثر قوة و قيمة في مختلف النواحي.

وبالرغم من ذلك فإن أبو ركاب يرى أن التأثيرات المرتبطة بعمل المرأة وعلاقتها مع المحيط الاجتماعي مرتبطة بمدى ملائمة العمل لشخصية المرأة وقدراتها ومهاراتها ، والوقت التي تقضيه خارج المنزل.

وأوضح ذلك قائلاً أن العمل الروتيني الممل أو القاسي أو الذي يحتاج إلي وقت كبير يؤثر بشكل سلبي في صحة المرأة العاملة النفسية وقدرتها على تقسيم أوقاتها بما يتناسب ووضعها الاجتماعي والتواصل مع الآخرين مما يؤدي إلي زيادة الضغط والعزلة الاجتماعية.

ورأى أبو ركاب إن المرأة العاملة وبسبب تعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، تُصاب بالإرهاق و الضغط النفسي، فإذا ما أدت عملها خارج البيت بكل جهد و إتقان فإنه سيكون على حساب عائلتها ، وإذا ما حدث العكس فإن عملها خارج البيت سيتأثر بتأخرها وكثرة غيابها أو بخروجها المبكر من العمل وهذه سيؤثر في شخصيتها ويجعلها شخصيه مهتزة أمام الآخرين غير قادرة على التوفيق بين متطلبات العمل ومتطلبات البيت فتصبح امرأة محبطة وعنيفة .

وتابع أبو ركاب حديثه قائلاً : من الملاحظات العملية نجد أن بعض النساء لا يزلن يحملن قيماً متناقضة حول أهمية العمل وجدواه ، مما يجعل حماسهن ونشاطهن وجديتهن هشةًً نوعا ما وضعيفةً في مواجهة الضغوط الاعتيادية ، وتتراجعن أمام الضغوط والعقبات والإحباطات ولا يستطيعن أن يتحملن درجات اكبر من المعتاد من التوتر القلق , كما أن بعضهن يدخلن ميادين العمل بسبب التسلية أو التغيير، مما يعطي أبعاداً سلبية لعمل المرأة وهذا ما يدلل أن الاتجاهات التي تحملها المرأة  مختلف باختلاف البيئة وباختلاف الثقافة وباختلاف الإمكانيات المتوفر لها لتحقيق ذاتها  .

ضرورة ملحة

من جهته يعارض الإعلامي عماد الافرنجى رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين مقولة أن عمل المرأة أصبح ضرورة ملحة في عصرنا الحالي ، بل وحسب قوله ازدادت الأهمية والضرورة لانكفاء المرأة للاهتمام الرئيس بقضية التربية والإعداد التي هي صاحبة الإبداع فيها.

واستدرك الافرنجي قائلاً أن ذلك لا يعني معارضته لعمل المرأة مبدياً تأييده لعمل المرأة التي ترى أن لديها القدرة العلمية والجسمية وتتوفر لها الظروف المناسبة ودعاها لأن تعمل وتشارك في تنمية المجتمع وزيادة إنتاجه وقدراته وبناء شخصيتها واهتماماتها.

وأضاف الافرنجى أن هناك تأثيرات قوية على طبيعة عمل المرأة أهمها مدى انفتاح ووعي وفهم رب العمل مقابل قوة شخصية وعلم المرأة و ثقتها بنفسها وقدراتها على النجاح والتعاون والتواصل علاوة على تأثير الزوج عليها.

وأوضح أن هناك تطورا ايجابيا في نظرة غالبية فئات المجتمع للمرأة العاملة ، لاسيما في خصوصية الوضع الفلسطيني وقناعة المجتمع بأهمية المرأة ودورها وقوتها وقدرتها على شغل مناصب كبيرة مؤكداً أن كلا من المرأة العاملة وغير العاملة صاحبة رسالة وان كانت تختلف ، وأن العاملة صاحبة رسالة أكبر وأقوى.

 

البث المباشر