على حين غرة وقع هجوم سيناء وقتل 16 جندياً مصرياً، وفي الساعات الأولى بدأت بعض وسائل الإعلام توجه أصابع الاتهام إلى قطاع غزة، قبل تشكيل لجان للتحقيق في الحادث.
المخابرات المصرية لم تكن تعلم بالعملية رغم التحذيرات، وفلول مبارك سرعان ما تقمَّص دورها وترحم على الضحية وألقى في حجر غزة المسؤولية.
وفور الحادث خرج إعلام الفلول ليذيع خبر تسلل منفذي العملية من غزة، وأن قذائف هاون كان تطلق منها وقت التنفيذ.
بوابة الأهرام الإلكترونية –كمثال- ذكرت فى أول خبر بثته عن الجريمة أن "خلية من غزة" نفذتها، ناهيك عن مواقع الخفة والإثارة.
وعلى ذات الموَّال، أخذ الإعلام الفتحاوي يتهم الإسلاميين بغزة –في إشارة إلى حماس والحكومة الفلسطينية- بقتل الجنود.
وانتهج إعلام فتح أسلوب "الردح" في إذاعة كل ما يتعلق بالعملية، وجعل يلقي باللائمة على حماس و"أمن المقالة" كما يزعم.
على سبيل المثال لا الحصر، خرج –بعد فتور- الناطق باسم فتح وعضو مجلسها الثوري جمال نزال، ليعلن غزة محتلة وأنه يتوجب تحريرها من الظلام.
حماس –المتهمة من قبل نزال- رفضت الرد على تصريحاته، ووصفته بـ "الناطق النكرة".
وعلى غرار نزال، خرج من مصر رئيس "الفراعين" توفيق عكاشة ليبيح دم الرئيس المصري محمد مرسي، بصفته المسؤول عن دماء الجنود المصريين. وفق قوله.
لم يكتف عكاشة بهذا، إنما أعفى (إسرائيل) من المسؤولية، وألصق التهمة بحماس ودعا إلى محاربتها.
حماس لم تعر تصريحات نزال وعكاشة أي اهتمام، وانشغلت بحيثيات هجوم سيناء، وسارعت والحكومة الفلسطينية إلى إغلاق الأنفاق الحدودية، وإظهار التضامن مع الشعب المصري عبر الدعوة للاحتشاد والصلاة أمام سفارته بغزة.
وانصرف مسؤولو الحكومة لإجراء الاتصالات مع نظرائهم المصريين، وتقديم التعازي وتبرئة غزة من دماء أبنائهم والتعبير عن استعدادهم للتعاون الأمني بغرض إظهار الحقيقة.
وباتهام غزة، تسلل الإحباط إلى نفوس الفلسطينيين بقطاع غزة، وأخذ الجميع يتأفف ضجراً لحقيقة أن باتت غزة "شمَّاعة" يُعلق عليها كل مصيبة.
رفض الفلسطينيون اتهامهم بهجوم سيناء، واتهموا (إسرائيل) بإحداث الوقيعة بين الشعبين المصري والفلسطيني.
الداعية المصري صلاح سلطان بادر للدفاع عن أهل غزة في وجه الحملة المسعورة التي يقودها الفلول وإعلام فتح.
وطالب سلطان إعلام الفلول بالكف عما أسماه "الكذب" واتهام غزة في الهجوم الذي تعرض له الجيش المصري.
وخاطب سلطان -الذي يزور غزة حاليًا- وسائل الإعلام المصرية، قائلاً: "كفى كذبًا وتضليلًا باتهام غزة بالهجوم".
وناشد بفتح معبر رفح البري، مضيفاً: "لا يمكن أن نكون نحن من يمنعهم من ذلك، ولا يقبل الإسلام ولا العروبة ولا الإنسانية تلك المعاناة التي يعانيها أهل القطاع.. مصر الجديدة لن تسمح بحصار غزة وإهانة الفلسطينيين على المعابر".
"جهود الفلول وإعلام فتح نجحت في تأجيج وتعميق الوقيعة بين الشعبين الفلسطيني والمصري" يقول فهمي هويدي الكاتب والمفكر المصري المعروف.
ويؤكد هويدي –في إحدى مقالاته المنشورة حديثاً- أن بعض السياسيين ومن يسمون بالخبراء تعامل مع الحدث بذات الدرجة من التسرع والخفة، وهم يقطعون بأن غزة هى مصدر البلاء وحماس هى المشكلة.
ويدافع هويدي عن غزة قائلاً "إن الذين يكثفون هجومهم على غزة ويعتبرونها خطرا يهدد سيناء وأمن مصر القومي، ينسون أن عمليات تفجير خط الغاز إلى إسرائيل التي وصلت إلى 14 عملية لم يذكر أحد أن غزة أو حماس كانت لهما علاقة بها، وإنما ظلت تنسب دائما إلى عناصر في سيناء".
هي حقيقة يؤكدها هويدي وكثيرون أن الفلول وإعلام فتح باتوا يحرفون الكلم عن مواضعه؛ كيداً من صعود الإسلاميين في مصر وقطاع غزة.