تقف الستينية أم محمد أبو خوصة في صبيحة أيام عيد الفطر الثلاثة على قبر زوجها في مقبرة الشيخ رضوان بمدينة غزة الذي توفي قبل 15 عاماً باكية ومستذكرة لحظات العيد التي كان يقضيها معها ومع أبناءه, إلا أنها تبادر بقراءة الفاتحة وتوزيع "الغريبة" عن روحه للأطفال يوم العيد.
وعلى الرغم من أن ما تقوم به أم محمد مخالف للشريعة الاسلامية ويرفضه الكثير من أبناء المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، إلا أن هذه العادة تعودت عليها منذ توفي زوجها, مؤكدةً أنها تأتي لتعيدّ على زوجها التي تعودت على الاخلاص له حتى بعد مماته بزيارته في المناسبات والأعياد وتوزيع الصدقات على روحه.
ويرافق أم محمد ابنها الصغير الذي يبلغ من العمر 35 عاماً , ويأتي معها في كل عيد لأنه يحن إلى والده الذي توفي قبل سنوات بمرض أودى بحياته بسرعة.
ويؤكد ابنها أنه منذ خمس سنوات يزور قبر والده طيلة أيام العيد الثلاثة ويبدأها بعد صلاة العيد مباشرة, مؤكداً أنه سمع بأنها بدعة من العديد من أئمة المساجد إلا أنه يعتبره عادة وليس أكثر وبراً بأمه التي تفتقد زوجها خلال المناسبات السعيدة.
عيدية بين القبور
ويحرص العديد من الفلسطينيين على زيارة المقابر طيلة أيام العيد الفطر الثلاثة يبدؤونها منذ الساعة الأولى لاسيما الأمهات والأرامل والأيتام, رغم تحذير أئمة المساجد من هذه البدعة.
ويعمل العديد من الزائرين على ترتيب قبر فقيدهم ورشه بالماء وتنظيفه من أي شيء قد يكون عليه, ويعمدون بعد ذلك على توزيع الحلويات وحلويات "الغريبة" بالتحديد على الأطفال, بينما تقوم النساء بتوزيع العيدية على الأطفال الذين يأتوا للمقبرة.
ويقطن الطفل ياسر بالقرب من المقبرة، الأمر الذي يدفعه للتوجه صباح عيد الفطر للمقبرة دون علم أهله لاستلام العيدية من الزوار.
أما شادي العمري فيأتي منذ 4 سنوات لزيارة قبر والدته التي توفيت بمرض السرطان خلال فترة الحصار, مؤكداً أنه يشتاق إليها في هذه المناسبة السعيدة, مشيراً إلى أنه يأتي ويتلوا لها القرآن ليكون لها رحمة داخل قبرها.
وأضاف :" أمي من رحمي وأنا أزور رحمي في المقبرة, وتكون عيديتي لها بالدعاء وقراءة القرآن وتقديم الصدقات عن روحها, وليس فقط بل بسقاية قبرها بالماء واقامته حتى لا يندثر ولا نتوه فيه خلال السنوات المقبلة".
بدعة
من جهته أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة الشيخ حسن الجوجو "للرسالة نت" أن زيارة القبور سنة مشروعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ثبتت في الحديث لقوله عليه الصلاة والسلام "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة", مؤكداً أن الشرع لم يحدد يوماً معيناً لزيارة القبور، لذلك فإن تخصيص يومي العيد بزيارة القبور بدعة مكروهة.
وشدد على أن العيد للأحياء وليس للأموات الأحياء هم من صاموا رمضان فكان لهم العيد, داعياً لأن تكون الزيارات للأهالي والأرحام والأقارب الأحياء وتهنئتهم بالقبول لدى الله وليس لمن انتهى عملهم وباتوا في الدار الآخرة.
وأضاف :"قد تكون حراماً إذا رافقتها الأمور المنكرة التي نشاهدها في أيامنا هذه يوم العيد كانتهاك حرمات الأموات من الجلوس على القبور ووطئها بالأقدام، وغير ذلك من الأمور المخالفة للشرع".