تجلس الأربعينية أم فادي في أول أيام عيد الفطر السعيد، بجانب ضريح فلذة كبدها الشهيد أنس جمعة صالح، تُعيد ذاكرتها للوراء، لترى مسلسل ذكرياتها مع ابنها, وعيناها تذرفان دمعًا يملأ خديها، وترفع يديها إلى السماء داعية إلى الله أن يغفر لابنها و للمسلمين كافة.
وتحمل أم فادي في جعبتها الهدايا لتوزيعها على الفقراء المتواجدين في المقبرة عن روح ابنها، وتقدم المال للأطفال بنية صدقة جارية عن المرحوم.
"أصعب شيء في الدنيا انك تفقد ابن لك"، بهذه الكلمات تصف الأم الحزينة مشاعرها على فراق ولدها، صباح العيد بعد تجمع أولادها حولها بملابسهم الجديدة.
وتقول أم فادي لـمراسل "الرسالة نت" :"صباح العيد يتجمع أولادي حولي، لكن أفتقد أنس بينهم، الأمر الذي يدفعني إلى الذهاب للمقبرة ".
واعتادت أم فادي على زيارة قبر ابنها في أول يوم العيد منذ تاريخ استشهاده بداية عام 2011 الماضي.
وتستذكر مواقف فقيدها التي اعتاد على فعلها في أيام العيد بقولها :" كان ما يعجبه أي ملابس، وبحب يكون مميز دائمًا، ويخرج مع أصدقائه ليفرحوا بأيام العيد".
وتبقى أم فادي واحدة من اللواتي فقدنّ أولادهن، في قطاع غزة بعد، الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة بحق أبنائه.
ولم يخف والد الشهيد أنس، شعوره بالشوق والحنين لابنه في أيام العيد، وكل مناسبة تمر بها عائلته"، مبينا أنه يستذكر كثيرًا المواقف التي كان يشاركه فيها خلال زيارته أقاربه في العيد.
ويقول الحاج أبو فادي :"أشعر بأنني قريب من ولدي عند زيارتي لضريحه, الأمر الذي دفعني أن أزور قبره في العيد".
ويضيف وعلامات الحزن بدت واضحة على ملامح وجهه :" غياب الابن صعب كثير وما بعرف قيمته إلا اللي بفقد انسان عليه"، راجيًا من الله المغفرة والرحمة لابنه ولكل المسلمين والمسلمات.
الزيارة في الشريعة
من جانبه، أكد الدكتور ماهر الحولي عميد كلية الشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية، أن زيارة المقابر مشروعة في أصلها لما ورد في السنة النبوية.
ويشدد الحولي على عدم تخصيص يوم العيد لزيارة القبور، مشيرًا أن ذلك يعتبر "بدعة"، لأنها تجدد الأحزان.
ويقول الحولي "باب البر مفتوح طوال أيام السنة و لحظات اليوم، من أجل كسب الأجر في الزيارة"، مضيفًا " لا يجوز تخصيص زيارة الأهالى لمواتهم أول يوم في عيد الفطر السعيد".
ويوضح لـ "الرسالة نت"،أن هناك فرقًا بين زيارة أهالي الشهداء في شعب المقاومة, وزيارة الموتى، التي من شأنها أن تجدد العهد على السير بنفس الطريق.