قائمة الموقع

"سعيد ويسرا" براءة الأطفال تكبّلها الإعاقة

2012-09-12T10:06:31+03:00
"سعيد ويسرا" براءة الأطفال تكبّلها الإعاقة
دير البلح-محمد بلّور-الرسالة نت

في منزل المواطن عيد صيام لا تقوى عضلات وجوههم على نشر الابتسامة وذلك لأن سنوات من الوجع الطفولي تكبر أمامهم يوماً بعد يوم .

يفتشون في حياتهم عن لحظات سعيدة يسلّون بها أنفسهم عن معاناة "سعيد 7 سنوات" و"يسرا 8 شهور" فلا تسعفهم الذاكرة باستحضار الجميل القديم .

تعيش أسرة عيد صيام 32 سنة معاناة مزدوجة فلديه طفلان مصابان بالشلل الدماغي هما "سعيد ويسرا" لا يقوى على تحمّل نفقات علاجهما بينما يعيش في منزل مستأجر وراتبه لا يتجاوز 800 شيكل .

فقد عيد والده حين كان في الثانية من عمره وعاش يتيماً هو وشقيقتاه وأمه وعندما تزوج أنجب 3 أطفال أصيب اثنان منهما بإعاقة مستمرة.

سعيد ويسرا

يتوسط الفريق الصغير الشقيق الأوسط "محمد سنتان ونصف" فيجد ما يعانيه أشقاؤه غريباً فوق العادة .

يحاول مداعبتهما ليشاركاه اللعب فتنتهي المحاولة بانسحابه صامتاً أمام عجزهم القسري عن اللعب .

تتجشّم الأم ساعات يومية من الرعاية الإلزامية لاثنين من الأطفال بدأت قصتهما بعيد الولادة بقليل.

يرقد سعيد "7 سنوات" في حجر أمه بنظرات زائغة وأطراف ملتوية بينما تسللت إلى ثغره ابتسامة مبهمة .

تقول الأم إن كل شاء كان طبيعياً قبل أن يبلغ سعيد شهره السابع ويصاب بأعراض مفاجئة زاغت فيها عيناه والتوت رقبته .

وتضيف:" لما تغيرت نظراته ورأسه أخذته للمستشفى فقالوا لي معه فقط زكام ! لكني أخبرتهم أنه عجز الجلوس وترخرخت أطرافه وامتنع عن الأكل" .

لم يقتنع الأب برواية المستشفى فأجرى صورة "ct" للطفل واكتشف أنه أصيب بشلل دماغي وضمور في خلايا المخ .

عن ذلك يضيف:" لم نعرف أنه كان يعاني من حرارة مرتفعة وأن التهاب السحايا قد أصابه ولم يكتشفوا ذلك في المستشفى حتى أصبح عاجزاً كما ترى" .

ومنذ سبع سنوات لا يقوى سعيد على الجلوس ولا الحركة ولا يتكلم ويحتاج لعلاج وحفاضات يومية تشكل مصروفاً شهرياً لا يقوى الأب على تسديدها .

في سرير صغير قرب باب المنزل تنام "يسرا" 8 شهور وهي قابضةً على رضّاعة الحليب نوماً ملائكياً .

نموها أقل من الطبيعي كما تقول أمها وهي تعاني من نفس مشكلة سعيد فقد تعرّضت لنقص الأكسجين خلال الولادة ما أدى لضمور في خلايا المخ وشلل دماغي .

عن حالة الطفلة تضيف الأم :"كانت طبيعية بعد الولادة بساعتين لكنها اختنقت وازرق لونها واكتشفنا أنها تجرعت السوائل المفترض شفطها فحدث ما حدث".

"سعيد

معاناة يومية

تجاهد الأم لحبس دموعها عند ذكر إعاقة "يسرا" الصغيرة فلا تفلح, تقول إنها قد تكون اعتادت حالة سعيد لكنها عندما تنظر للطفلة وترى عدم إدراكها تحزن وتبكي .

تتابع: "ابنتي بحاجة لعلاج طبيعي ولا أجد ذلك إلا مراراً وابني سعيد بحاجة لحفاضات شهرية وطعام وعلاج خاص لا نستطيع توفيره فراتب زوجي قليل ونفقاتنا كثيرة" .

أسلمت الأم أمرها لله بعد أن أكد لها الطبيب أن حالة سعيد مستقرة وأنه قد يتمكن من الجلوس في أحسن أحواله لكنها تأمل أن تقدم شيئاً لطفلتها الصغيرة.

ويؤكد عيد صيام أنه يحمل سعيد للطبيب كل عدة شهور لمتابعة حالته فيعدل الطبيب جرعة العلاج حسب وزن الطفل .

ويضيف :"سمعت أن هناك علاج عبر غرف الأكسجين بمصر وآمل أن أحصل على تحويلة علاج لنجرب حظنا ! علّه يتحسن ! " .

يغيب الأب عن منزل 15 ساعة يومياً مضطراً للعمل في محل لبيع الملابس بأجر لا يتجاوز 800 شيكل شهرياً .

يزيد انقطاع الكهرباء المتكرر من معاناة الأم حين تمكث على ضوء الشمعة وزوجها خارج البيت متنقلةً بين حاجات الطفلين المعاقين التي لا تنتهي.


"سعيد

متطلبات شهرية

تجتمع مصاريف العلاج الشهرية وأجرة البيت وفواتير المياه والكهرباء فوق كاهل عيد صيام فلا يجد لها موقعاً أمام أجرته الشهرية.

ترى كيف تكون المعادلة لمن يتقاضى 800 شيكل شهرياً في عمله وأجرة بيته 650 شيكل وهو مضطر لشراء العلاج والحفاضات لطفلين معاقين .

المساعدات التي تتلقاها الأسرة توقفت معظمها منذ سنوات ما زاد من معاناة عيد الذي كبرت همومه أمام معاناة متجددة.

تقول الأم إن راتب زوجها لا يكفي لأدنى متطلبات الحياة وعلاوةً على ذلك يضطرون لشراء طعام وعلاج خاص وفيتامينات لسعيد تفوق 300 شيكل شهرياً .

وتتابع :"توقفت بعض الجمعيات الخيرية التي كانت تقدم لنا اليسير والآن نحتاج لعلاج الأطفال وأحتاج عربة طفل معاق ثمنها 300 $ يجلس بها داخل البيت" .

أما الأب فيقول :"حياتي متعبة جداً فهناك ديون لا تنتهي للصيدلية والسوبر ماركت وأتمنى أن يقف أولاد الحلال لجانبي ويساعدوني".

عندما كان سعيد أصغر سناً وأقل وزناً كانت أمه تجتهد وتطوف به على المؤسسات الخيرية والطبية بحثاً عمن يساعده لكنها اليوم تعجز عن حمله ويئست من تلك المؤسسات.

أشفق الجيران على الأم وتبرعوا لها مجتمعين بشراء عربة متحركة لسعيد لكن تجربةً عملية لاستخدامها أثبتت أمام "الرسالة نت" كيف يرفض الطفل تقبلها ويعجز عن تحملها.

تداهم هواجس مزعجة رأس عيد بأن معظم أطفاله يتعرضون للإعاقة ما دفع للتفكير جدياً في وقف الإنجاب لكن عاد منذ أسابيع فاستغفر واسترجع .

يقول عيد:" أنا راض بقدري لكني بحاجة لمن يواسيني ويقف لجواري فقد تعبت كثيراً وكل ما أتمناه أن يشفي الله أطفالي وعلى الأقل لا يحتاجوا لمن يرافقهم لقضاء حاجتهم".

وتعيش الأم في عالم طفولي خاص عنوانه البراءة المكبّلة بآلام الإعاقة العقلية التي تكبر يوماً بعد يوم .

ولا يخفف من آلام أسرة عيد صيام سوى حركة محمد أو "حمودة" كما ينادوه والذي يتنقل بخطواته الناعمة بين والديه وجدته الجالسة في فناء البيت .

اخبار ذات صلة