بات من الضروري على حركة المقاومة الإسلامية حماس أن تحسم أمرها في كيفية التعامل مع حركة فتح وسلطة رام الله في ظل الحالة القمعية والملاحقات التي يتعرض لها مناصروها وعناصرها، وما جرى ويجري من حملة اعتقالات دليل واضح من قبل سلطة فتح في الضفة على أنها تسعى جاهدة لتصفية وجود حماس التنظيمي من الضفة الغربية رغم تربع حماس على قلوب غالبية الشعب الفلسطيني.
إن محاولة تشويه صورة حركة حماس في عيون الفلسطينيين هي محاولات اليائس الذي لم يتمكن حتى اللحظة من الاستحواذ على ثقة الشارع الفلسطيني وعدم الثقة بالنفس يدفعه إلى ارتكاب مثل هذه الحماقات التي تحدث عنها الضميري والبكري عبر وسائل الإعلام والتي أشارا فيها بأن الاكتشاف العجيب والفريد هو سجن معد من قبل حماس لتنفيذ مخطط للانقلاب على السلطة وكأن سردابا يوصل إلى غرفة كما تم الادعاء هو بدابة للانقلاب على السلطة وكأن الانقلاب بحاجة إلى سجن تحت الأرض قد لا يتسع لشخصيين اثنين حتى يكون سجنا حال نفذت حماس انقلابا في الضفة الغربية.
أضغاث أحلام وهلوسة مرسومة بإرادة السلطة وأجهزتها الأمنية من أجل تغطية عجزها وممارسة سياسة الإقصاء والتفرد، وهو سيناريو متكرر استخدم عام 1996 وربما استخدم بطريقة اشد في قطاع غزة وأسفر عن نتائج عكسية ظهرت في انتخابات عام 2006 .
الضميري ذكرني بخروجه عبر وسائل الإعلام باللواء غازي الجبالي الذي قاد تلك المرحلة (سيئة الصيت والسمعة) إلى جانب بقية قادة الأجهزة الأمنية؛ ولكنه تميز عنهم بتصدره لوسائل الإعلام وخروجه بمسرحيات كالتي خرج بها الضميري، وأذكر ذات مرة أن خروج الجبالي بعد ليلة مداهمات واعتقالات شملت العديد من منازل المجاهدين في كتائب القسام وأذكر أن أحد البيوت التي دوهمت يعود لعائلة الأخ زياد القيشاوي وخرج في أعقابها الجبالي للحديث عن العثور على زنازين للتحقيق داخل المنزل الذي عرفنا جوانبه وحجارته منذ نعومة أظفارنا ولم يتغير حتى اللحظة وهو باق على حاله حتى الزنازين التي ادعى الجبالي بوجودها لم تهدم، اليوم نفس السيناريو ونفس الطريقة ويبدو أن النتائج ستكون فيما بعد هي نفسها الذي كانت عليه بعد 2006.
حركة حماس مطالبة اليوم بالعمل على حماية التنظيم في الضفة الغربية وحماية أفرادها من هذا التغول ولم تعد سياسة الشجب والاستنكار وإصدار البيانات كافية، بل هي بحاجة إلى وضع إستراتيجية واضحة في التعامل مع حركة فتح والسلطة مبنية على حماية المجتمع وحماية التنظيم، ولكن هذا لا يعني أن تكون هذه السياسة مبنية على ردات الفعل كالقيام باعتقال عناصر وكوادر حركة فتح في غزة فهذا عمل غير مجد ولا علاقة لتنظيم فتح في قطاع غزة بما يجري في الضفة، كما أن السلطة وفتح في الضفة ليست معنية كثيرا بفتح في قطاع غزة حتى أنها تفكر جديا بقطع رواتب العاطلين عن العمل من المستنكفين الذين يتقاضون رواتبهم من سلطة رام الله بعد أن طُلب منهم ترك مقاعدهم في الوزارات المختلفة.
أبناء حركة حماس ومناصروها تحملوا الكثير الكثير من الظلم والاعتداء والمحاصرة والطرد من وظائفهم وحرمانهم وأبنائهم من ابسط الحقوق، هذه السياسة يجب أن تتغير، ويجب أن يحترم المواطن الفلسطيني والا يعاقب على انتمائه السياسي أو توجهاته الفكرية وهذا المواطن يجب أن يكرم لا أن يلاحق ويعتقل ويطرد من وظيفته.
المرحلة القادمة مرحلة جديدة بحاجة إلى طريقة في التعامل مختلفة، وبحاجة إلى سياسات تضع حدا لما يتعرض له الفلسطيني وخاصة من أبناء حماس ومناصريها في الضفة الغربية إيذانا ببدء المرحلة القادمة والتي هي بحاجة إلى كل جهد وطني والى كل مواطن فلسطيني. فهل بدأت حماس بدراسة الموقف من جديد لمعالجة الخلل الحادث، فإن لم يكن الأمر كذلك عليها الإسراع في ذلك وإلا ستكون الأمور أكثر صعوبة مما هي عليه الآن.