قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد تدمير أكثر من 150 نفقا

غزة على أعتاب كارثة اقتصادية

يستخدم الغزيون الأنفاق لجلب احتياجاتهم الأساسية
يستخدم الغزيون الأنفاق لجلب احتياجاتهم الأساسية

الرسالة نت - شيماء مرزوق

آليات ومعدات ضخمة استقرت في مدينة رفح المصرية منذ شهرين بالتزامن مع الحملة الأمنية التي تشنها القوات المصرية على الجماعات المتطرفة في سيناء بعد أن قتلت الأخيرة ستة عشر جنديا في أغسطس الماضي.

الحادثة التي هزت أرجاء مصر دفعت القيادة المصرية نحو العمل الجاد على ملاحقة كل المطلوبين والمتطرفين الذين اتخذوا من سيناء مقرا لهم, ولكن الحملة المصرية طالت الأنفاق المنتشرة على الحدود بين مصر وقطاع غزة بحجة أنها تهدد الأمن القومي المصري.

شرايين الحياة الاضطرارية التي بناها الغزيون طوال ست سنوات من الحصار والبالغ عددها 1200 نفق مهددة جميعها بالإغلاق, وهذا ما يهدد الاقتصاد الغزي الذي بات يعتمد بالكامل على البضائع الموردة له عبر الأنفاق.

ملتزمة بالشروط

ويقول أصحاب الأنفاق إن الوضع أصبح صعبا للغاية ولاسيما بعد تراجع نسبة الأنفاق العاملة إلى 10% فقط، "وهي ملتزمة بشروط مثل الهدوء الأمني على الجهة المصري والجانب الفلسطيني ونوعية البضائع والسلع التي يسمح بدخولها بالإضافة إلى التشديد على هوية المواطنين الذين يأتون عبرها, كما إن المسموح بإدخالهما حتى الآن الوقود ومواد البناء".

وقد بدأت مظاهر الأزمة تظهر في القطاع الذي شهد ارتفاعا في أسعار بعض السلع والمنتوجات خاصة المواد الغذائية والإسمنت والصلب والحصمة.

وأكد د. ماهر الطباع الخبير الاقتصادي في هذا السياق أن 30% من البضائع تأتي إلى غزة عبر الأنفاق، "كما إن  نحو 80% من الغذاء الذي يباع في القطاع يأتي عن طريق التهريب".

وقال الطباع: "إغلاق الأنفاق قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الغزي كليا نظرا لاستيراد كل شيء عبر الأنفاق".

وبين أن عدد الأنفاق المنتشرة على الحدود بين مصر وغزة يصل لـ1200 نفق دمر منها حتى الآن ما يزيد على 150 نفقا, معتبرا أنها أصبحت الخيار الوحيد المتاح لجلب الاحتياجات الأساسية لغزة من الخارج بفعل استمرار الحصار, ولافتا إلى أن واردات الأنفاق تجاوزت مليار دولار سنويا في فترات الحصار الشديدة.

وشدد الطباع على أن إغلاق الأنفاق المفاجئ دون فتح للمعابر التجارية ودخول جميع أنواع البضائع إلى قطاع غزة سيتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، "خاصة في قطاع الإنشاءات الذي يعتمد اعتمادا كليا على دخول مواد البناء ومستلزماتها عبر الأنفاق نتيجة منع الجانب (الإسرائيلي) دخولها عبر المعابر الرسمية".

وأوضح أن انخفاض أسعار مواد البناء الواردة عبر الأنفاق ساهم في تنفيذ بعض المشاريع العمرانية الممولة من المؤسسات الدولية المتضامنة مع غزة.

وأضاف: "ارتفاع معدلات البطالة في القطاع التي تجاوزت 40% دفع بعدد من العمال نحو اللجوء للعمل في الأنفاق رغم علمهم المسبق بأنهم قد يواجهون خطر الموت، فقد توفي ما يزيد على 200 عامل من عمال الأنفاق إلى جانب عدد من الجرحى نتيجة المخاطرة في عمل الأنفاق".

المواد الإنشائية

وزارة الاقتصاد في غزة قالت بدورها إن واردات القطاع من السلع والبضائع عبر الأنفاق تراجعت على نحو حاد عقب جريمة رفح في الخامس من أغسطس الماضي وإغلاق السلطات المصرية عشرات الأنفاق الحدودية.

وأوضحت الوزارة في بيان لها هو الأول من نوعه أن نسبة دخول الواردات الشهرية عبر الأنفاق لغزة من المواد الإنشائية بعد وقوع الحادث انخفضت بنسبة 45% نتيجة هدم عدد كبير من الأنفاق والتضييق على دخول المواد من الأنفاق المتبقية.

كما ذكرت أن نسبة دخول المواد الأساسية كالدقيق والأرز والسكر والقمح انخفضت بنسبة 31%، مشيرةً إلى أن نسبة الواردات عبر معبر كرم أبو سالم الشهرية للقطاع من المواد الأساسية ارتفعت بنسبة 22% خلال أغسطس الماضي في ظل انخفاض نسبة دخولها عبر الأنفاق في الشهر عينه.

 كما أشارت إلى ضعف الإمكانات الفنية للمعبر وقدرته فقط على استيعاب 300 شاحنة يوميا كحد أقصى تحول دون تلبية احتياجات قطاع غزة من المواد الأساسية وغيرها من المواد.

وأوضحت الاقتصاد أن المواد الإنشائية الواردة للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم مخصصة فقط للمشاريع التي تنفذها المؤسسات الدولية وليست للاستهلاك المحلي، لافتة إلى أن المواطنين بغزة يعتمدون أساسيا على دخول تلك المواد عبر الأنفاق فقط.

وكانت حركة حماس قد حذرت من حدوث انفجار في قطاع غزة جراء استمرار إغلاق الأنفاق من الجيش المصري دون إيجاد بديل ينهي الحصار (الإسرائيلي) المتواصل منذ ستة أعوام.

وطالبت حماس الحكومة المصرية بفتح المعابر رسميا لتمرير البضائع عبرها قبل إغلاق الأنفاق التي تمد القطاع بكل ما يحتاجه من مستلزمات.

يذكر أن مصر التي كانت تدرس إقتراح لإنشاء منطقة تجارية حرة بين قطاع غزة ومصر أبلغت الحكومة الفلسطينية بغزة رسميا رفضها لإقامة هذه المنطقة بحجة أنها تشكل خطرا على الأمن القومي المصري, كما إنها ستضر بالفلسطينيين مستقبليا.

البث المباشر