فرغ المواطن باسل الخطيب (40 عاما) من صلاة عيد الأضحى المبارك، وتوجه مباشرة إلى منزله لذبح الأضحية، وتجمهر الجيران –الكبار والصغار- للظفر برؤية مشهد الذبح، خاصة مع سوء أحوالهم الاقتصادية التي حالت دون تقديم قربان لله عزوجل في هذه المناسبة.
وقف باسل على ناصية الطريق ينظر يميناً وشمالاً وينتظر بفارغ الصبر قدوم "الجزَّار"، الذي اتفق معه سلفاً لذبح أضحيته.
لم يشأ باسل أن يتوجه بالأضحية إلى المسالخ المنتشرة في غزة بكثافة؛ لرغبته في إراقة الدماء على عتبة منزله، وأراد للجزار "أبو اسلام" أن يأتيه لباب الدار.
دقائق معدودة حتى بان الجزار من أقصى الطريق يقود دراجة نارية من نوع "توك توك"، وتعالت وقتها صيحات الصغار، وأخذ الجميع يهلل ويكبر ويا لها من لحظات رائعة تعيشها عائلة الخطيب.
ترجَّل الجزَّار أبو اسلام عن دراجته بعدما ركنها جانباً، وافتتح حديثه للمجتمعين بالعبارة الساخرة "صبَّح صبحَّ يا عمي الحج" التي اقتبسها من الفيلم المصري المشهور "بوحة" للفنان محمد سعد.
سلَّ أبو اسلام سكاكينه المعلَّقة على خاصرته، وسمَّى الله وشرع بالذبح، وما هي إلا ساعات قلائل حتى فرغ، وترك بقية العمل للعائلة التي ستتولى فيما بعد توزيع الأضحية على الفقراء والجيران.
يرافق أبو اسلام في مهمته أربعة مساعدين، يعينونه على ذبح أضاحي العيد، والأضحية الواحد تكلف مبلغ 250 شيكل إن كانت من العجول والأبقار، والخراف تصل لـ 60 شيكل للأضحية الواحدة.
ترك أبو اسلام صاحبنا "باسل الخطيب" وفارقه مهنئاً بالعيد، ليتوجه فيما بعد لأناس آخرين اتفقوا معه لذبح أضاحيهم.
كثير من الناس أمثال باسل يحبذون ذبح الأضاحي في المنازل؛ لإراقة الدماء فيها كما ذكرنا سالفاً، وبذلك تطفو للسطح مهنة "الجزار لباب الدار" التي قد تكون فرصة عمل مؤقتة، تدر دخلاً ليس بالقليل على أصحابها.
بيد أن هذه المهنة قد تكون خطراً في الغالب؛ نظراً لقلة الخبرة التي يفتقرها بعض الجزارين، ما قد ينتج عن إصابات قد لا يحمد عقباها.
ولا يكاد يخلو عيد الأضحى من إصابات توقعها الأضاحي الحية قبيل نحرها في محاولةٍ للهروب من نصل السكاكين "المروعة".
ففي محافظتي خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة، استقبلت المستشفيات، نحو 100 إصابة منذ أمس وحتى أول يوم بالعيد، تراوحت ما بين كسور ورضوض وجروح، جراء مطاردة عجول هاربة.
وأمام هذه الإحصائيات المقلقة بعض الشيء قد يكون لزاماً على المسؤولين ضبط هذه المهنة "الجزَّار"، واقتصار الذبح على المسالخ التي توظفها الحكومة في خدمة الناس.