قائد الطوفان قائد الطوفان

تحديد الأهداف.. مشكاة تنير طريق النجاح

غزة/ كمال عليان

مع اقتراب نهاية كل شهر، يمسك الشاب إبراهيم عمر (25عاما) بدفتر مذكراته، ويبدأ بتسجيل الأهداف التي يأمل في تحقيقها مستقبلا، وما إن يبزغ شمس اليوم الأول من الشهر الجديد حتى يصبح دفتر إبراهيم، الذي خط فيه طموحاته في طي النسيان.

ويعزو إبراهيم تركه دفتر "مخطط أهدافه" إلى انشغاله في ظروف الحياة الصعبة، والتقلبات التي يواجهها، مما يجعل التزامه بالأهداف التي وضعها "أمرا مستحيلا"، على حد تعبيره.

، موضحا أنه حاول كثيرا الالتزام بالأهداف التي يضعها إلا أنه يفاجأ بأمور لم تكن في الحسبان.

إبراهيم ليس الوحيد الذي يمثل وضع الأهداف مشكلة له. علاء مطر (30عاما) يعترف أنه لا يفكر نهائيا بوضع الأهداف المستقبلية لحياته، ولكن بفلسفة أخرى ، إنه يؤمن بأن الله ييسر الأمور بشكل أو بآخر.

ولا يجد علاء أية جدوى من كتابة الأهداف أو حتى تحديدها، قائلا:" أستيقظ كل صباح، وأذهب إلى عملي وأتركها للتساهيل حتى يمر يومي بسلام".

قيمة رئيسية

اختصاصي علم النفس بجامعة الأقصى د. درداح الشاعر يرى أن تحديد الأهداف قيمة رئيسية في حياة المرء، لأنها توجهه وتجعله يعرف كيف يبني مستقبله.

وتحديد الأهداف، كما يقول، يحمي المرء من الظروف المتغيرة التي قد تلم به، وبذلك يكون التخطيط على العكس مما يعتقد البعض.

كتابة الأهداف في كل فترة زمنية على ورقة، بحسب اختصاصي التنمية البشرية د.إبراهيم الفقي، أمر مهم، موضحا أن الكتابة تعني "نضوج الفكرة المتخبطة في المخ وتحويلها إلى هدف مدروس ومحدد يمكن تحقيقه.

ويشير الفقي في كتابه "المفاتيح العشرة للنجاح" إلى أن تحديد أهداف الحياة يبدأ بـ"كتابة المذكرات".

ويذهب إلى أن كتابة المذكرات تساعد المرء على استكشاف الذات وتخفيف التوتر وتحقيق الأحلام، وتجعل المرء يعرف ما الذي يريده بالتحديد، ويساعده على فهم حياته وماضيه ويحاول بطريقة ما إصلاح الأخطاء.

مجتمع قدري

المجتمع الفلسطيني والعربي "مجتمع قدري"، فيترك أموره للقدر من دون تخطيط مسبق، في رأي أستاذ علم الاجتماع د. وليد شبير، الذي يؤكد على أن الإنسان العربي يخاف من التخطيط ومن المستقبل بشكل عام ولا يثق بهما، فيعيش حالة عدم وضوح الرؤية أو غياب الضمان الأمني والاقتصادي والاجتماعي.

هذه الحالة يرجعها شبير إلى طريقة العيش التي تمارسها مجتمعاتنا وإلى أسلوب التربية، الذي غالبا ما يعود الأبناء على الاستسلام للحياة والواقع من دون مقاومة أو حتى محاولة.

ويعزو أستاذ علم الاجتماع أسباب عزوف الناس عن التخطيط إلى المتغيرات التي يعيشها المجتمع من عدم استقرار سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، والتي غالبا ما تكون خارجة عن السيطرة، مؤكدا على أن للأسرة دور في جعل الجيل المقبل منظما وقادرا على تحديد الأهداف.

ويردف :" الأطفال لا يعرفون معنى الهدف، ولكن يجب تحضيرهم للمجتمع ولسوق العمل عن طريق إشراكهم في كتابة الأهداف العامة للأسرة في العطل والأيام الدراسية على سبيل المثال".

أهداف وآمال

والتخطيط اليومي، كما يقول شبير، يجعل الطفل حين يكبر قادرا على تحديد أهدافه الأسبوعية والشهرية والسنوية وعلى وضع الخطط البديلة لحياته.

ومن وجهة نظر الشاعر، فإن كل امرأ يعرف إمكاناته واحتياجاته وعلى ضوئها يضع أهدافه، مبينا أنه في حال وضع المرء هدفا صعب التحقيق سيصاب بالإحباط.

ولتجنب الوصول إلى هذه الحالة، يدعو إلى كتابة أهداف واضحة بسيطة ومقسمة وبشكل مرتب، داعيا إلى عدم اليأس في حال كان هنالك تحقيق لبعض الأهداف، مبينا أن ذلك يعني النجاح بحد ذاته.

ويؤكد اختصاصي علم النفس على أهمية تحديد الأهداف في كل فترة زمنية معينة مهما كانت الظروف، ووضع الواقعي منها وترك الآمال جانبا، منوها إلى أن غالبية الناس يخلطون بين الأهداف والآمال.

 

 

 

البث المباشر