مقال: ترشيد استهلاك الكهرباء حل جزئي للأزمة

مصطفى الصواف

مشكلة الكهرباء تتفاقم ولا حلول سحرية أو غير سحرية في الأفق، والحال سيبقى على ما هو عليه بل ربما يزداد سوءا مع دخول فصل الشتاء، والمتوقع أن يكون فصلا قارصا هذا العام، وهذا يعني استهلاك مزيد من الطاقة في ظل قدرة إنتاجية محدودة ومستورد قد يتعرض لتعطيل متعمد من الاحتلال، وتحقيق الوعود المصرية لازال في علم الله ويخضع للظروف والأحوال في مصر الثورة.

أمام هذه المشكلة، ما هو الحل؟ هل نستمر في معدل الاستهلاك العالي للطاقة بطريقة تفاقم الأزمة، أم نحاول أن نجد حلا لترشيد استهلاك الطاقة والتخفيف من الأحمال الأمر الذي سيعمل على توفير جزء من الطاقة المستهلكة ويخفف العبء عن المواطن والمستهلك بشكل عام.

المشكلة في ظل ندرة الحلول لأسباب خارجة عن إرادة الشركة وليس في استطاعة الحكومة أن تقدم الكثير في هذا الأمر، وهي تحاول وتتلقى الوعود التي لم يلمسها المواطن ولم نشاهدها على ارض الواقع، وعليه يجب أن نفكر بشكل جدي في ترشيد الاستهلاك المتزايد لأسباب كثيرة منها إهمال في الدوائر الحكومية وفي البلديات يكمن في  ترك إنارة الوزارات والموظف خارج مكتبه دون اتخاذ قرارات إدارية تجبر الموظف على إتباع النظام السليم في مكتبه ووقف تشغيل أجهزة الطاقة من تكييف، مروحة، تلفاز، جهاز كمبيوتر على سبيل المثال، والبلديات مطالبة بمزيد من الترشيد وخاصة إنارة الشوارع التي تبقى منارة في ساعات النهار، والحال ينسحب على المؤسسات الخاصة والأهلية،  فالجميع في الهم سواء.

والمواطن يساهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة من خلال الاستهلاك غير المعقول والذي تحولت فيه كل أداوت البيت إلى أدوات تعتمد على الكهرباء؛ لأن جزءا لا بأس به من المستهلكين لا يدفع ثمن الاستهلاك مما يراكم عليه مبالغ كبيرة ويرفض أن يدفع المستحقات بدعوى عدم المقدرة والبطالة وعدم العمل علما أن جزءا كبيرا من هؤلاء الرافضين للدفع لا يتردد أن يدفع يوميا عشرة شواكل ثمنا لعلبة السجائر أو يذهب ومجموعة من أصحابه للسهر حتى الفجر في مقاهي النرجيلة ( الشيشة ) ويدفع عشرات الشواكل ثمنا لها، وعندما يطالب بالدفع للكهرباء يشكي الفاقة وقلة الدخل والبطالة والتي باتت شماعة كما الاحتلال.

الحل الجزئي يمكن في ترشيد الطاقة، وترشيد الطاقة لن يقدم عليه المستهلك بمحض إرادته وهو بحاجة إلى أن يفرض عليه الترشيد من قبل السلطات القائمة وشركة الكهرباء، وهناك دراسات قام بها خبراء في هذا المجال، وأنا أميل هنا إلى مثل هذه الحلول الجزئية التي ستعمل على ترشيد الاستهلاك مما يساعد على زيادة ساعات الكهرباء الموصلة للمنازل.

ومن هذه الحلول تقسيم المستهلكين إلى شرائح كل حسب كمية الكهرباء المستهلكة، بحيث يكون سعر كيلو وات في تصاعد حسب كمية الكهرباء المستهلكة، فكلما ارتفعت الكمية المستهلكة يرتفع سعر الكيلو وات ، حيث بينت بعض الدراسات أن 70 % من الاشتراكات  منزلية وهي الفئة الأقل استهلاكا، وبينت أن هذه الفئة تستهلك 10,896,739 كيلو وات في الشهر حيث قدر استهلاك المشترك العادي من صفر إلى 300 كيلو وات شهريا، وان 30% من المستهلكين للكهرباء هم الشريحة التي يقع استهلاكها ما فوق الـ 300 كيلو وات حتى يصل إلى أكثر من 1000 كيلو وات ، والأغرب أن الفئة التي تستهلك أكثر من 1000 كيلو وات في الساعة تبلغ 14,124 مشتركا وتستهلك ما قيمته 22,823,878 كيلو وات في الساعة شهريا من مجموع الطاقة المستهلكة.

المقترح في هذه الحالة لترشيد الطاقة وتوزيع الأحمال المالية أن يتم تقسيم المشتركين إلى شرائح وكل شريحة يحدد لها تعريفة لكل كيلو وات في الساعة، وهذه التقسيمة تعتمد على التالي:

الشريحة الأولى من المشتركين: هي الشريحة التي تستهلك من صفر حتى 300 كيلو وات ويقدر ثمن الكيلو وات لها بـ خمسة اغورات ( نصف شيكل ) وهو السعر الحالي، وهذه الفئة تبلغ نحو 63,750 مشترك، والشريحة الثانية: من 300 كيلو وات حتى 500 كيلو وات ويكون سعر الكيلو وات ستة اغورات ، علما أن هذه الفئة من المستهلكين تبلغ نحو 34,015 مشترك، والفئة الثالثة: التي تستهلك من 500 إلى 1000 كيلو وات وتبلغ هذه الشريحة 31,004 من عدد المشتركين، ويكون سعر الكيلو وات سبعة اغورات، والفئة الرابعة: من تستهلك ما يزيد عن 1000 كيلو وات وهي الفئة الأقل عددا والأكثر استهلاكا ويكون تسعيرة الكيلو وات ثماني اغورات ، وقد راعت الدراسة الاستهلاك التجاري والحكومي وهو استهلاك مفتوح على أن يكون سعر الكيلو وات هو سعر التكلفة وفق الثمن المدفوع للشركة (الإسرائيلية) ومقداره ستة ونصف اغورة، علما أن تكلفة إنتاج الكيلو وات لدى شركة الكهرباء يصل إلى 1,2 أي شيكل واغورتين.

الهدف من هذه التقسيمة هو عملية ترشيد استهلاك الطاقة في المقام الأول، ثم العدالة في التوزيع وتحمل المسئوليات، فلا يتساوى المستهلك العادي بالمستهلك المترف، وسيتشجع غالبية المستهلكين من المشتركين على ألا يزيد حجم استهلاكهم عن 300 كيلو وات ، ولكن هناك سؤال سيطرح من العائلات النووية الكبيرة التي تقع ضمن المستهلك العادي ولكن لكثرة المنتفعين تصبح الفاتورة عالية وأكثر من الشريحة الأولى، وهنا يمكن تركيب اشتراك لكل منتفع بدل الاشتراك الواحد على أن يكون هناك فترة سماح من الشركة يكون فيها تركيب الاشتراكات الجديدة مجانا فقط ثمن الساعة والتمديدات المطلوبة من الأسلاك.

هذه فكرة مطروحة أمام الحكومة وشركة الكهرباء والمواطن للنظر فيها ودراستها بمنطق العقل وحسابات الترشيد والتقنيين حتى لا نفاجأ يوما بان الكهرباء دخلت برنامجا لا تدخل فيه البيوت أكثر من أربعة أو خمس ساعات إذا بقي معدل الاستهلاك بهذه الطريقة المرتفعة، والتقسيمة هذه للشرائح لن تصيب الشريحة الأكبر من المستهلكين نتيجة ارتفاع الأسعار لدى الشرائح الثلاث الأخرى الأقل عددا والأكثر استهلاكا.

البث المباشر