تمضي السيدة نعيمة يوسف وأبنائها الخمسة ساعات الليل في قبو منزل العائلة بمخيم رفح جنوب قطاع غزة وتقول "إن كل نيران العدو الصهيوني لن تدفعنا على الهروب من منازلنا".
ويعيش سكان قطاع غزة حالة رعب متواصلة جراء استمرار الغارات الإسرائيلية المتواصلة لليوم الرابع على التوالي على الحقول الزراعية والمنازل والمقار الأمنية والأنفاق الأرضية بين القطاع ومصر.
ودأبت (إسرائيل) على استهداف منطقة الشريط الحدود مع مصر البالغ 13 كيلو متر. وتتركز عمليات القصف في الجانب الفلسطيني من الحدود لكن الضرر يصيب الجيران المصريون على الطرف الأخر من الحدود.
واستشهد في مدينة رفح ستة فلسطينيين وجرح العشرات جراء سلسل الغارات المتواصلة على المديمة على مدار الساعة.
واطمئن هالة فوزي وتقطن في رفح الفلسطينية على أفراد عائلتها في رفح المصرية من خلال مكالمة هاتفية وكليهما نزحا زجاج بعض النوافذ الذي تطاير بفعل القصف.
وكان فوزي تزور عائلتها بشكل دور من خلال عبور أحد الأنفاق لكن في ظل القصف أصبح الأمر بعيد المنال وفق ما قالت.
ومعظم سكان الحدود يمضون أوقات عصيبة جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة ضد الأنفاق. وجيرانهم المصريون يعيشون نفس الأوقات العصيبة وبعضهم هرب إلى مدينة العريش عاصمة شبة جزيرة شمال سيناء وفق ما ذكر والد السيدة هالة فوزي.
وشطرت اتفاقية السلام المعروفه باسم "كب ديفيد" بين مصر و(إسرائيل) عام 1979 مدينة رفح إلى شطرين عندما شيدت الشريط الحدودي في صيف العام 1982.
وكثير من سكان الحدود أقرباء وبينهم مصاهرة ويتناوبون على زيارة بعضهم من باطن الارض أو عبر معبر رفح البري.
وقالت الأرملة نعيمة يوسف وكانت تجلس أمام منزلها في وقت الظهيرة "كل يوم في قصف لكن هجوم الليلة كان مرعب جدا بالنسبة لأطفالي".
ويتجمع أبناء الأرملة نعيمة يوسف مع حلول الظلام في قبو المنزل المشيد من طبقتين من الخرصانه المسلحة بمخيم يبنا المطل على الحدود مع مصر. وهذه السيدة فقدت زوجها في الحرب الإسرائيلية قبل أربع سنوات على قطاع غزة.
وقذفت طائرات حربية من نوع "F16" حوالي ثلاثين "قنبلة" على طول الحدود بين قطاع غزة وشبة جزيرة سيناء فجر اليوم السبت.
وأيقظت تلك القنابل معظم سكان مدينة رفح التي يقطنها 200 ألف نسمة وأحدثت اهتزاز أرضي هائل مع دوي انفجار مرعب على مدار نصف ساعة تقريباً.
وذكرت تقارير صحافية عبرية أن الطيران الحربي الإسرائيلي قذفت حوالي عشرين "قنبلة ذكية" على الشريط الحدودي بهدف تدمير الأنفاق.
ولجأت (إسرائيل) إلى استخدام تلك القنابل الأمريكية الارتجاجية شديدة الانفجار في العام 2006 وخلال حرب غزة في شتاء العام 2008- 2009. وقالت مبررة استخدام تلك القنابل آنذاك إنها بديل عن إعادة احتلال الشريط الحدودي بين غزة ومصر.
وكان الجيش الأمريكي قد استخدم تلك القنابل في تدمير كهوف القاعدة في جبال تورا بورا في أفغانستان في أواخر العام 2001.
وتدعي (إسرائيل) أنها تهدف من وراء قذف تلك القنابل تدمير الأنفاق مع مصر لأنها تشكل الممر الحيوي لدخول الأسلحة والصواريخ للمقاومة الفلسطينية.
وقال مسؤولون محليون إن عشرات القنابل الذكية استهدف الأنفاق الحدودية من الجهة الفلسطينية وتركزت على منطقة يبنا وبوابة صلاح الديني وحيي البرازيل والسلام.
ووصف رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان الغارات الإسرائيلية على المدينة بـ"البربرية" وقال خلال تفقده للدمار الذي أحدث القصف "إن الغارات التي استهدفت الشريط الحدود سببت الكثير من الدمار في عشرات المنازل المطلة على الحدود".
وتلك القنابل تسببت في تدمير عشرات الأنفاق التي يستخدمها الفلسطينيون في استيراد البضائع والسلع لمواجهة سياسة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ صيف العام 2007 وفق ما ذكر مالكو أنفاق.
وبدا أبو أحمد مذهولاً وهو يتفقد نفقه الذي أصيب بقنبلة بشكل مباشر. وكان نفس النفق قد تعرض للتدمير إبان الحرب الإسرائيلية على غزة قبل أربع سنوات. وقال لأقرانه قرب النفق إنه سيعد بناءة من جديد فور توقف العدوان.
ومن شأن تلك الغارات أن تحد من تدفق البضائع والسلع إلى القطاع الساحل المكتظ بالسكان.
وقال مالكو أنفاق إنهم علقوا عملهم منذ بداية العدوان خشية وقوع مجازر بصفو العاملون في باطن الأرض جراء القصف الإسرائيلي المفاجيء.
وتواصل إسرائيل إغلاق معبر "كرم أبو سالم" الرئيس مع قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي.
ويمثل معبر رفح البري مع مصر المنفذ الوحيد لسكان القطاع لكنه مخصص لعبور الأفراد والأدوية الطبية.
وقال مسافرون قادمون إلى غزة إن بعض من العمال المصريون حدثوهم روايات مرعبة عن القصف الذي استهدف الشريط الحدودي.
وتقول هيئة المعابر والحدود إن حوالي 300 فلسطيني عادوا إلى غزة عبر معبر رفح اليوم السبت.