أبحر محمد عمر وثلاثة من أبنائه إلى عمق محدود في البحر المتوسط وظلوا يصطادون الأسماك من جحورها على مرأى جنود البحرية الإسرائيلية المنهزمين بفعل انتصار المقاومة الفلسطينية في الحرب التي انخمدت نيرانها الأربعاء الماضي.
وسمح لصيادوا قطاع غزة مطلع هذا الأسبوع بالدخول ستة أميال بدلا من ثلاثة أميال في عمق البحر المتوسط وفق ما نص بند باتفاق تهدئة "هش" بين المقاومة الفلسطينية و(إسرائيل) وأنهي موجة من القتال استمرت ثمانية أيام.
ويقول عمر (53 عاماً) الذي كان يستعد لرحلة ثانية إلى عمق المتوسط "هناك الكثير من الأسماك في عمق البحر .. إنه رزق وفير يكفي جميع زملائي ويفيض".
وكان الكثير من زملاء عمر في مرفأ رفح جنوب قطاع غزة يستعدون للخروج في رحلة صيد على عمق ستة أميال.
ويوجد حوالي 3700 صياد يعملون بدوام كامل في قطاع غزة ولديهم استعداد لخدمة سوق تتكون من 1.7 مليون فلسطيني.
لكن منذ فرض الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة في العام 2007، لجأ الفلسطينيون في إلى استيراد 70 بالمائة من الصيد البحري من مصر عبر أنفاق في جنوب القطاع.
وقال أحمد بردويل ( 29عاماً)، الذي كان يجهز شباكه على عجل "نأمل أن تستمر هذا التسهيلات وتزيد مساحة الصيد لأن ذلك حق لنا".
وكان بردويل والكثير من صيادو الأسماك في قطاع غزة يتغلبون على الحصار البحري من خلال التسلل إلى شواطئ شبة جزيرة سيناء المصرية والاصطياد هناك بعيدا عن نيران الاحتلال القاتلة.
وقال شقيق بردويل وهو فتى لا يتجاوز السادسة عشر "لم يتوقف جنود الاحتلال عن التحديق نحو قوارب الصيادين وبعضهم كان يصيح وآخرين أطلقوا رصاص تحذيري لأن زملاء لنا حاول الدخول لعمق أكبر".
وكان بردويل وثلاثة من أشقائه عادوا للتو من رحلة صيد هي الأولى لهم منذ سنوات في عمق بحر غزة.
وتدفقت أسماك اللوكس، سلطان إبراهيم، الغبّص، الفريدن، الغزال التركي (الكنعن) وأنواع أخرى إلى سوق السمك المركزي برفح وسط إقبال كبير من قبل عشرات المواطنين بالمدينة.
وأسماك اللوكس كانت شحيحة في غزة خلال السنوات الماضية ووصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 80 شيقل ما يعادل (21 دولار أمريكي).
وانتشرت على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صور لأسماك بكميات وأنواع مختلفة التقطها هواة وصحفيون من أسواق السمك في قطاع غزة.
ويقول صيادون إن أسماك اللوكس وحدها توفر الرزق الوفير للعاملين في هذه المهنة المرهقة والخطرة.
وقال تاجر أسماك يدعى حسن فسفس "لقد بعت مائة كيلو من أسماك اللوكس والفريدي والغزلان خلال اليومين الماضيين والناس تطلب المزيد..".
وأضاف وعلامات الفرح جلية على ملامحه "شكراً للمقاومة شكراً لصواريخها شكراً لشهدائها وجرحاها الذين هزموا العدو".
وقالت سمية حمدان التي اشترت القليل من سمك الفريدي "ربنا ينصر المقاومة كمان حتى يحرروا البحر والأرض من دنس الاحتلال".
وتخلى الاحتلال الإسرائيلي عن تفاهمات اتفاقية أوسلو في ما يتعلق بمساحة الصيد البالغة 20 ميل (الميل البحري يساوي 1882 متراً) وقلصته إلى 3 أميال وأقل من ذلك في صيف العام 2007.
وخلال الحربين على قطاع غزة في 2008- 2012 لم تجرؤ الزوارق الإسرائيلية على الاقتراب من شواطئ غزة.
وفي المقابل لم يجرؤ صيادو غزة تجاوز مسافة الثلاثة أميال.
وقتل وأصيب واعتقل العشرات من الصيادين في عرض البحر منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في خريف العام 2000 وفق توثيق مؤسسات حقوقية فلسطينية.
وتوقع مسؤول في وزارة الزراعة أن يرتفع إنتاج الصيد البحري بعد تخفيف الحصار الإسرائيلي.
وقال الوكيل المساعد لوزير الزراعة إبراهيم القدرة لـ"الرسالة نت": "نتوقع أيضاً أن يتحسن مستوى دخل الصيادين وكل من يتعامل معهم من بائعين وناقلي للبضائع ومسوقين لها".