قائمة الموقع

قوارب تهريب الأسماك تحطم أرزاق صيادي الجنوب

2010-02-16T09:50:00+02:00
قوارب تهريب الاسماك

دير البلح-محمد بلّور

في مكتبه المطل على شاطئ دير البلح حافظ نقيب الصيادين نزار عيّاش على هدوئه امتصاصا لثورة صيادي رفح والوسطى الوافدين بالشكوى .

لقد فاض الكيل بتفاقم المشكلة فقوارب تهريب الأسماك المسافرة من غزة إلى المياه المصرية تمزّق في طريقها شباك صيادي الوسطى ورفح وخان يونس .

 كان وفدا عالي الخسارة والتمثيل قد وصل لمكتب نقيب الصيادين لاستنفاد كامل الخطوات, فالأبواب كلها طرقت ولم تبق سوى إجراءات ارتجالية لمواجهة الخطر الجديد- حسب قول الصيادين .

وازدادت في الأسبوعين الأخيرين ظاهرة تهريب الأسماك من المياه المصرية حيث تلتقي قوارب فلسطينية بأخرى مصرية وتتبادل الأسماك في عرض البحر وتعود محملة بمئات الكيلو جرامات لبحر غزة .

تمزيق وضحك

تخفق قلوب الصيادين  كلما رأوا قاربا قرب الساحل يتجه نحو الحدود المصرية فالمشهد المؤلم تكرر كثيرا ومع تكراره تزداد خسارتهم .

 مقابل الموج الهادئ تحلى الصياد يوسف مقداد من رفح بحالة معاكسة فثورته تزداد كلما تحدث عن تلك القوارب وقال:" قوارب تهريب السمك القادمة من غزة للمياه المصرية تمزق شباكنا وعندما ننادي عليهم يصفوننا بالجواسيس ! هذا على حساب من ؟!" .

وتفصل بين جمل يوسف سيجارة ينفث دخانها ويغلي معها غضبا مشيرا أنه فقد أربعة شباك لا يستطيع إصلاحها ولا الصيد بها .

 وقال صياد آخر من رفح رفض الكشف عن اسمه إنه فقد 26 قطعة من الشباك مزقتها محركات قوارب تهريب الأسماك المسافرة للحدود المصرية حيث تبلغ تكلفة كل قطعة قرابة 1000 شيكل .

 وهزّ الصياد كتفيه متعجبا من كيفية وصول تلك القوارب للمياه المصرية ومتسائلا عن جدوى تمزيق شباك الصيادين العاملين في مسافات قريبة من الشاطئ .

وأضاف:"نضع إضاءة فوق شباكنا فيخترقوا شباكنا ويضحكوا ويسخروا منا ثم يمزقوا الشباك ويدخلون للمياه المصرية".

وقاطع يوسف زميله مشددا على خطورة المشكلة:"هذا اليوم لم نجد لنا شباكا أصلا فأنا أعيل 10 أفراد فهل يعقل أن يربح تجار الأسماك المهربة وأموت أنا من الجوع ؟!" .  

خصم جديد

أمام مكتب نقيب الصيادين تجمع 4 صيادين حول الصياد كامل أبو عودة "أبو علاء" لسماع آخر التفاصيل التي أعقبت لقاءه بنقيب الصيادين.

 ولوّح أبو علاء بذراعه تجاه الشاطئ ملخصا المشكلة في قوارب بعض صيادي غزة الذين يمزقون شباكهم مضيفا:"هم غير مهتمين لأحد, حدث اليوم دمار كبير وخسارة بـ25 ألف شيكل وبالأمس مزقوا شباكا تقدر بـ20 ألف شيكل" .

وتوعّد أبو علاء قوارب التهريب مشيرا أنه سيحارب كل من يقطع رزقه حيث فاض الكيل لديه بعد خسارة تسعة قطع من الشباك الأسبوع الماضي .

وحاول أبو علاء تعزيز روايته فأشار لصياد آخر بجواره مضيفا:"هذا الصياد خسر 5000 شيكل وقديما وحديثا كنا نبلغ الشرطة والنقابة عن المشكلة لكن الآن-يضع أصبعه أمام وجهه- أتوعدهم  بالحرب فلن أحارب اليهود بل سأحاربهم وأخطف منهم فقد وصل الأمر بأن يسرق بعضهم الشباك أيضا" .

 وتحمل قبعة الصياد المسن إبراهيم أبو عودة "أبو خالد" رائحة البحر فقد عايشه منذ سنوات طويلة وأثرت شمسه في وجهه المرهق.

وعجز أبو خالد عن مواجهة الأمر فأضاف:"الآن انتهى الأمر سأضع نفسي أمام حسكة من حسكات غزة حتى يضربني موتورها وأموت فعلي ديون بأكثر من 2000 شيكل" .

 وتلحّ على رأس أبو خالد صورة دائن الشباك جمال هنية الذي سيعجز عن سداده مع تكرار المشكلة يوميا مضيفا .

 وقاطع أبو علاء حديث أبو خالد مضيفا:"معقول كل واحد منهم يربح 1000$ ويجيب سمك مليطي وسردين ونحن نموت من الجوع" .

وشبّك الصياد فضل العمري من دير البلح ذراعيه في إشارة لحالة العجز التي يعيشها مؤكدا أن الخسارة أصبحت بالنسبة له يومية, ومضيفا:"على مياه 3-4 قامات يمزقون لنا الشباك في الليل والنهار وبعضهم يسرق الشباك فقد خسرت شباك بـ3000 شيكل" .

غرامة وعقاب

وقال نقيب الصيادين نزار عياش إن بعض القوارب تذهب للصيد في المياه المصرية قرب الحدود وفي سيرها تكون قريبة من الشاطئ فتمزق الشباك وهي مسرعة من "مراوح" محركاتها .

وأوضح عيّاش أن نقابته تنظر بخطورة لذلك الأمر مستهجنا حرص بعض الصيادين على الربح السريع وخسارة الصيادين الصغار مصدر رزقهم الوحيد .

 أما مدير أركان البحرية المقدم سفيان خلف فقال للرسالة إن الشرطة البحرية بالتنسيق مع كبار الصيادين والنقابة اتخذت قرارا حاسما بتغريم كل من يثبت تورطه في تمزيق شباك الصيادين .

 وأضاف :"تفاقمت المشكلة قبل أسبوع لذلك قررنا ملاحقة المخالفين وهذه الليلة كانت لنا ملاحقة لهم فلا يعقل أن يتاجر البعض ويربح ويتضرر الآخرون" .

 وبحسب الاتفاق الجديد فإن المسئولية تقع على القوارب المتجهة للمياه المصرية مجتمعة إن لم يتبين المتسبب الرئيسي في تمزيق الشباك حيث يتقاسم الكل غرامة الأضرار كحل رادع للحد من الظاهرة .

 ولن تختفي من أذهان الصيادين صورة القوارب المسرعة التي مزقت شباكهم وبددت آلاف الشواكل في دقائق وستعيش المياه في الأيام القادمة اختبارا حقيقيا للجاني والمجني عليه .

 

اخبار ذات صلة