قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: المصالحة التي نريد

مصطفى الصواف

لا نختلف على أهمية المصالحة للشعب والقضية والعلاقات العربية والدولية، وضرورتها في تحقيق الحقوق الفلسطينية في العودة والتحرير وإقامة الدولة، ولا يوجد فلسطيني ينتمي إلى وطنه وقضيته يقبل أن تبقى حالة الانقسام والخلاف قائمة والجميع ممن يحملون النوايا الصادقة والإرادة الحقيقية ينادون بإنهاء الانقسام والعمل على وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

المصالحة بحاجة إلى جهد كبير وإرادة حقيقية وقاعدة متينة تنطلق منها لتؤسس لوحدة حقيقية في الموقف والتوجهات تؤدي إلى بناء استراتيجية فلسطينية تعتمد على حقوق وثوابت شعبنا الفلسطيني، حديث رددناه كثيرا ونكرره اليوم في ظل تصاعد خطاب إعلامي كلامي من الجميع لم يقدم شيئا ملموسا على الأرض سوى تلك الخطوات التي تقدمت بها حماس من تشكيل للجنة للنظر في المعتقلين من أبناء حركة فتح ودراسة كل حالة على حدا حتى يتم الإفراج عن المعتقلين على خلفية الانقسام أو ارتكب مخالفات لها علاقة بالانقسام وما ترتب عليها، ثم قرار السماح لبعض عناصر فتح التي هربت في أعقاب الحسم عام 2007 والذين بالفعل وصلوا إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.

في المقابل نسمع تصريحات لا تبشر بخير من بعض قادة فتح في قطاع غزة وفي الضفة الغربية أيضا الذين اعتبروا أن ما أقدمت عليه حماس وحكومة قطاع غزة بأنه استحقاق يجب ألا تطالب عليه بخطوات مقابلة من حركة فتح في الضفة الغربية، والبعض منهم قال بأن السلطة أطلقت سراح البعض والبعض معتقل على مخالفات وهم يعتبرون أن من هم من عناصر حماس داخل سجون السلطة ارتكبوا مخالفات وجنايات وغسيل أموال على اعتبار أن ما يقدم للأسرى والشهداء والجرحى مخالفة وغسيل أموال ومقاومة الاحتلال جرائم يُعتقل ويُحكم على أساسها من يقوم بها.

وعلى الأرض لازالت الاعتقالات والاستدعاءات والملاحقات مستمرة في الضفة الغربية على أيدي الأجهزة الأمنية وأضف على ذلك التعاون الأمني ( التنسيق ) مع الاحتلال الصهيوني والذي لن يتخلى عنه عباس والذي اعتبر أن اتفاق أوسلو لازال حيا وأن ما سيتم في المستقبل من خطوات سيبنى عليه.

ومن هنا أقول لحركة حماس ألا تسترسل في التصريحات الكبيرة والقيام بخطوات متتابعة رغم أن فلسفة حماس هو تقديم كل ما يمكن أن يقدم حتى تقطع الطريق على عباس وتقذف بالكرة في ملعبه، ولكن على حماس أن تكون على يقين أن عباس لن يقدم على أي خطوة في اتجاه ما يحقق انفراجة على ارض الواقع وإن نفذ بعض الافراجات فلن تشكل النسبة المطلوبة والتي يجب أن يقوم بها وهو تبييض كل السجون من المعتقلين على خلفيات سياسية وعدم الهروب خلف عبارات وسياسات خادعة وكاذبة وتقسيم المعتقلين إلى تقسيمات غريبة وتلفيق تهم لهم ما انزل الله بها من سلطان.

وأؤكد أيضا أن محمود عباس لن يوقف التعاون الأمني مع الاحتلال (الإسرائيلي) ولن يسمح لحماس بمعاودة نشاطها السياسي والتنظيمي في الضفة الغربية وسيستمر في سياسة الاعتقالات والملاحقات ولا يقتنع بما تقدمه الحركة من خطوات تجاه إثبات حسن النوايا إلى جانب ما قدمت من خطوات كثيرة طوال الفترة الماضية.

ونقول على رسلك يا حماس ويكفي هذه الخطوات التي قدمت ويجب الحفاظ على مشاعر أهلنا في الضفة الغربية الذين باتوا يخشون على أنفسهم وأبنائهم من الاستمرار في نفس السياسة التي تنتهجها السلطة وأجهزتها الأمنية، وغياب الحريات والتعبير عن الرأي والحق في الانتماء والتنظير والتحشيد في صفوف المواطنين بحرية ودون تضييق أو ملاحقة.

المصالحة ضرورية وملحة ولكن ليس على حساب المصلحة الوطنية العليا أو على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته والمصالحة الحقيقية هي التي تنطلق على قاعدة وطنية بعيدا عن الرهانات الخارجية ووضع مصالح الشعب الفلسطيني أساسا لانطلاق أي مصالحة، ودون ذلك أي مصالحة ستكون بداية لانقسام جديد لأنها منطلقة من مصالح ذاتية خاصة مرتهنة إلى جهات خارجية مستجيبة للضغوطات الأمريكية والصهيونية.

المصالحة التي نريد يجب أن تؤسس لمرحلة جديدة تؤمن بالشراكة تؤمن بتداول السلطة وعلى قاعدة الاحترام المتبادل والقبول بنتائج الانتخابات واحترامها والتسليم لها، المصالحة التي نريد يجب ان تؤسس لمرحلة بناء استراتيجية فلسطينية يحمل مسئوليتها الكل الفلسطيني ويشارك في صنع القرار السياسي وليس على الطريقة الاستفراد أو الاستقواء بأطراف خارجية، المصالحة التي نريد يجب أن ترد القضية الفلسطينية إلى بعدها الحقيقي العربي والإسلامي وعدم الاعتماد على أمريكا والغرب.

وختاما نقول أن المصالحة التي نريد مصالحة تدعم المقاومة وتقف إلى جانبها وتعمل على استخدام كافة الأدوات التي يمكن لها أن تساعد المقاومة في تحقيق الحقوق لأن قانون التعامل مع المحتل هو قانون المقاومة فلا اعتراف بهذا المحتل وأن فلسطين وحدة واحدة غير قابلة للقسمة وهي ملك للشعب الفلسطيني.

البث المباشر