قائد الطوفان قائد الطوفان

يتم بعلم الأهل

في غزة مختلف... الزواج العرفي للتحايل على القانون

غزة- لميس الهمص

منذ نعومة أظفارها تعهد والدها بأن تكون زوجة لابن عمها، وعندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها لم يجد والدها سبيلا لإتمام صفقة "الزواج"  إلا "بعقد عرفي" خارج نطاق المحكمة كونها لم تبلغ السن القانوني لتصبح ربة بيت تتحمل مسئولية أسرة.

وبالرغم من انتشار الزواج العرفي في الدول المجاورة إلا أنه في "غزة مختلف"، فهذا النوع من الزواج يتم بعلم الأهل، ويعد صحيحا من حيث وجود الولي والشهود إلا أن اعتباره فاسدا يكمن في عدم توثيقه في المحكمة الشرعية وبذلك لا تترتب عليه أية حقوق للزوجة.

غير موثق

"الرسالة نت " حاولت التنقيب عن حالات زواج عرفي تمت بشكل أو بآخر، للتحذير من أضراره ومفاسده إلا أن صفة السرية التي تغلب عليه حالت دون ذلك.

تصريح للدكتور حسن الجوجو رئيس محكمة الاستئناف الشرعية كشف عن حالتي: "زواج مدني"، أشبه بعقد الزواج العرفي، الذي لا يخضع لإشراف المحاكم.

أضاف الدكتور الجوجو "للرسالة نت" أن حالات الزواج العرفي في قطاع غزة تختلف عن الدول المجاورة فالعقد فيها مستوف للشروط بوجود ولي وشاهدين لكن يبرمون العقد في غير جهات الاختصاص التي تراعي خلوهما من الموانع الشرعية.

وأوضح أن حالات الزواج التي كشفت كانت بعلم الأهل، وبوجود محامين، أو أحد المشايخ الذي يكتب زواجها في عقد عرفي، موضحا أن فساده يكمن في عدم توثيقه في المحكمة ، ولا يترتب عليه أية حقوق للزوجة كالمهر والمؤخر وغيرها من الحقوق.

وذكر الجوجو أن ما كشف الحالتين هو لجوؤهما للداخلية لإضافة الأبناء وفشلت الحالتان في إبراز عقد الزواج فكشف الأمر، مؤكدا على وجود أكثر من حالتين إلا انها مجهولة، كما أن هناك أسبابا مختلفة لكل حالة.

وأشار إلى أن المحامين والمشايخ الذين يعقدون خارج نطاق المحكمة يتم تحويلهم للنائب العام، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، منوها إلى أن العقوبات المنسوبة في مثل تلك الحالات غير رادعة مطالبا بتغييرها.

وبين أن الحديث في حالات الزواج المدني، يدور عن عائلات زوجت أبناء صغارا من باب الحفاظ على العادات والتقاليد، التي تحتم على الشاب الزواج من ابنة عمه، التي تكون وقت ذلك أصغر من السن القانونية.

وبحسب الجوجو فإن القوانين المعمول بها في المناطق الفلسطينية لا توثق هذا النوع من العقود، ولا تعطي أية حقوق للزوجة، حال طلاقها، لافتا إلى أن الأطفال الذين ينجبون من هذا النوع من الزواج لا يجرى تسجيلهم في الدوائر المدنية، وبين الجوجو أن الأزواج يلجئون إلى رفع دعوى إثبات زوجية أمام المحكمة، لحل مشكلتهم.

لأسباب عدة

ويلجأ عدد من العائلات للزواج العرفي لوجود أسباب تجعل الزواج مرفوضا في المحكمة، كصغر سن الفتاة، أو كون الزوج خارج فلسطين وغير قادر على إرسال وكالة ليتم عقد الزواج ،بالإضافة لبعض الحالات التي يكون فيها الزوجان حاملين لمرض الثلاسيميا ويريدان أتمام زواجهما.

كما تذكر تقارير أن بعض الأرامل يلجأ لهذا النوع من الزواج للاحتفاظ بحضانة الأطفال، كما أن هناك بعض الأفراد يكونون تجمعات بمفردهم وبعيدا عن المحاكم أو أية أوراق ثبوتية، وشيخهم هو من يزوج ويطلق.

من جهته قال د. ماهر السوسي المحاضر بقسم الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، إن الزواج العرفي في الأصل هو زواج مكتمل الشروط والأركان وهو زواج صحيح، لكنه منع قانونيا في فلسطين لأنه لا يتم توثيقه، وهذا يؤدي إلى ضياع حقوق احد الزوجين او كليهما.

وأضاف أنه من السهل إنكاره إن كان لا وجود للشهود أو شهوده مجهولون.

ورفض السوسي مبدأ الزواج العرفي، حيث تغلب حالات الطلاق، موضحا أن الزواج العرفي يتم عن نزوة وليس بقصد الارتباط وهو تحايل رجل وامرأة على الحلال والحرام ويتفقان على الزواج ولا يقصد به زواج شرعي.

ولفت إلى ان معظم حالات الزواج العرفي تنتهي بمأساة فالزوج لا يعترف بالزواج، ناهيك إذا حملت المرأة، التي غالبا ما تكون الضحية، وصيانة للحقوق وحفاظا على المرأة لا نعترف بهذا الزواج.

وأرجع السوسي أسبابه للأعباء المالية للزواج، بالإضافة إلى كونه مجرد نزوة مثل ان يكون الشاب متزوجا.

 وقال :"إن معظم حالات الزواج العرفي تحدث عند ورود مشكلة في الزواج الطبيعي"

وبالرغم من علم "الرسالة نت" أن الزواج العرفي هو مجرد حالات فردية ولم يصل لحد الظاهرة، إلا أنها طرقت أبواب العديد من المؤسسات النسوية لمعرفة دورها في توعية الفتيات بمخاطر ذلك النوع من الزواج والذي لا يترتب عليه أي حقوق لهن ، لكنها لم تجد أي جهود في ذلك وكأن مجتمعنا ينتظر تفشي الظاهرة ليتحرك ولا يعتبر بمقولة "الوقاية خير من العلاج".

 

البث المباشر