أعرب القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس د. صلاح البردويل عن تفاؤله بمستقبل المصالحة الفلسطينية، بعد الأجواء الايجابية التي تسود غزة والضفة، كما استبعد أن يشن الاحتلال أي حرب كبيرة على القطاع في الفترة القريبة المقبلة.
وأكد البردويل في حوار خاص مع لـ"الرسالة نت" أن المرحلة المقبلة ستشهد انفتاحا كبيرا في علاقات حماس مع دول العالم، مبديا استعداد حركته لإقامة علاقات مع دول العالم أجمع باستثناء الاحتلال "الاسرائيلي".
وأوضح أن رئيس السلطة محمود عباس لا يملك قرار حل السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، مبينا أن انهيارها ليس خسارة للشعب الفلسطيني بقدر خسارة الاحتلال.
متفائلون بالمصالحة
وقال البردويل أن انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة وانتصار الدبلوماسية في الأمم المتحدة ساهم بشكل كبير في إيجاد أجواء ايجابية للمصالحة، معربا عن تفاؤله بمستقبلها في الفترة المقبلة.
وأضاف :" حماس كانت عاملا مهما في تهيئة أجواء المصالحة، كما أن الحكومة في غزة أبدت حسن نية كبيرة تجاهها، بعد الافراج عن بعض المعتقلين، والسماح للهاربين من القطاع بالعودة إليه، والسماح بإقامة مهرجان فتح في السرايا".
وفي المقابل، أشار البردويل إلى أن السلطة في الضفة المحتلة، لم تخفف من وتيرة الاعتقال السياسي، وإغلاق المؤسسات، ولم تتوقف تصريحات عباس التي تهاجم المقاومة.
وتابع :" صدرت تصريحات مملة عن الرئيس عباس تتعلق بحق العودة وتسليم السلطة لنتنياهو، وعدم السماح باندلاع انتفاضة ثالثة"، مبينا أن ذلك يعكس مدى بعد قيادة فتح عن المصالحة.
"عباس لا يملك قرار حل السلطة في الضفة المحتلة
"
وأرجع البردويل السبب في مواصلة الانقسام إلى عدم وجود ثقة متبادلة بين قيادة فتح وحماس، والخوف من الولايات الأمريكية و"اسرائيل"، وعدم وجود شبكة أمان عربية للمصالحة، لافتا إلى أن فتح تخاف من مصالحة حماس حتى لا تصبح محاصرة مثلها "وهي غير قادرة على الوقوف موقف حماس بالصمود".
وأوضح أن القيادة المصرية بعد ترتيب أوضاعها الداخلية ستدعو إلى جلسة حوار فلسطيني في الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي سيساعد في وضع النقاط على الحروف.
وقال البردويل :" اتفاق المصالحة يتحدث عن تطبيق جميع بنوده رزمة واحدة، بدءً بأجواء الحرية وضمان النزاهة وتنظيم منظمة التحرير وبناء الثقة والشراكة في القرار وحكومة الوحدة الوطنية ثم في النهاية يتم التحضير للانتخابات".
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد دعا في وقت سابق إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، الأمر الذي اعتبره البردويل مخالفا لاتفاق المصالحة الموقع في القاهرة.
"السلطة لم تخفف من وتيرة الاعتقال السياسي
"
المواجهة المقبلة
وتشهد الفترة الأخيرة حالة من الحرب الباردة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال "الاسرائيلي"، وهو ما يرجعه البردويل إلى حالة "الصراع الوجودي" بين الطرفين.
وأضاف :" العلاقة بيننا وبين الاحتلال علاقة صراع وجودي، لن ينتهي إلا عندما تتحقق كامل الأهداف الفلسطينية، من حق العودة وتقرير المصير"، مشيرا إلى أن فكرة الهدنة الطويلة جدا مع الاحتلال غير واردة مطلقا في قاموس المقاومة، "نظرا لحالة الصراع المستمر حتى تحقيق اهداف الفلسطينيين".
واستبعد البردويل أن يشن الاحتلال "الاسرائيلي" حربا على قطاع غزة في الفترة المقبلة، متوقعا في الوقت نفسه أن يخوض الاحتلال حربا "انتقائية" ضد أهداف محددة للمقاومة في غزة.
وتابع :" الاحتلال يحاول أن ينتقم لذاته لما حدث في "حجارة السجيل" لاستعادة ما أسماها قوة الردع، ولذلك سيختار أهدافا موجعة للمقاومة وسيعتمد على مباغتة حماس".
ولفت البردويل إلى أن المقاومة بكل أطيافها تطّور من قدراتها، وتعد لمفاجئة الاحتلال كما حدث في "حجارة السجيل" الأخيرة.
انتخابات حماس
ومن الملاحظ أن انتخابات حماس باتت تشهد حالة من الاهتمام على الصعيد الدولي والمحلي، وهو ما يرجعه البردويل إلى الوضع السياسي الكبير الذي وصلت إليه الحركة في الفترة الأخيرة.
"مستعدون لإقامة علاقات بدول العالم باستثناء "اسرائيل"
"
وقال :" حماس لم تعد شأن فلسطينيا داخليا فقط، إنما أضحت حركة تهم جميع دول العالم وهذا يدل على أن المقاومة بالفعل أثبتت أنها جديرة بالاحترام والاهتمام".
وفيما يتعلق بالموقع المرتقب لخالد مشعل بعد تركه رئاسة المكتب السياسي للحركة، أوضح البردويل أن مشعل- في حال أصّر على ترك منصبه- مرحب به في أي موقع قيادي للحركة، معربا عن ثقته بجميع قيادات الحركة، " لأنها ذات خبرة ولأن المؤسسة هي التي تعمل وراء القيادة".
علاقات دولية
وتوقّع القيادي في حماس أن تشهد الحركة حالة من الانفتاح في علاقاتها مع الغرب في الفترة المقبلة، نظرا لثقل حماس وتأثيرها في الساحة الفلسطينية.
وأضاف :" علاقة حماس بدول العالم أقرّتها ضمن استراتيجيتها، وهي إقامة علاقات احترام متبادل ودون أي شروط، باستثناء إسرائيل".
وأكد البردويل أن من مصلحة القضية الفلسطينية أن تصل حماس إلى أوروبا لوضع الرواية الخاصة بالفلسطينيين " بعدما غرق الغرب بالرواية الاسرائيلية دائما"، لافتا إلى أن الذي يحول دون ذلك هو وضع حماس على قائمة ما يسمى "الإرهاب".
وتابع :" عندما اكتشفت الدول الغربية أنه من الصعب عزل حماس عن القضية الفلسطينية، اكتشفوا أنهم ارتكبوا خطأ في عزلها، لكن على خجل بدأت تحركاتهم تجاه الحركة لاستكشاف المواقف والتقينا كثيرا بشخصيات أمريكية وأوروبية مؤخرا".
وحول امكانية فتح مكتب لحماس بالقاهرة أكد البردويل أن حركته لا تحتاج إلى شكلا رسميا ومكاتب، مبينا أن مصر حتى هذه اللحظة لم تصل إلى مرحلة الاستقرار، منوها إلى أن الرئيس مرسي غير قادر على إحداث طفرة كبيرة جدا في علاقة مصر مع حماس، " ولكن هناك تطور في العلاقة بين مصر والفلسطينيين، ولم تعد كنزا للاحتلال".
حماس الضفة
وكانت صحيفة الصندي تايمز الأمريكية قد نقلت عن مسئولين في جيش الاحتلال "الاسرائيلي" عن تخوفهم من "خلايا نائمة" لحماس في الضفة المحتلة، ستعمل على حسمها وإنهاء السلطة.
وهذا ما نفاه البردويل جملة وتفصيلا، وقال :"حماس ليست عصابة صغيرة عسكرية وظيفتها الانقلاب على النظام، إنما هي حركة تسري في شرايين الضفة الغربية، وهي تنظيم اجتماعي سياسي في كل شبر بالضفة".
"حماس أكبر من السلطة التي يتهمونها بالسعي للانقلاب عليها
"
ووصف البردويل ما ذكرته الصحيفة بالحديث "المشبوه"، موضحا أن حماس أكبر من السلطة الفلسطينية التي يتهمونها بأنها تسعى للانقلاب عليها.
وأضاف :" حماس لا يمكن أن تستولي على سلطة تتعاون مع الاحتلال، ومهما قمعت السلطة حماس في الضفة، فإنها لن تستطيع اجتثاثها من هناك".
وشدد البردويل على أن الحركة ستنهض عسكريا في الضفة الغربية في القريب، مبينا أن ما يجري حاليا مجرد " استراحة مقاتل وكبوة جواد".
وأوضح أن السلطة ليست هدفا لحماس إنما هدفها هو تحرير كامل تراب فلسطين، مشيرا إلى أن حل السلطة قرار أمريكيا "اسرائيليا" دوليا وليس بيد رئيسها محمود عباس.
وهدد عباس قبل أيام بحل السلطة الفلسطينية إذا استمرت الانتهاكات "الاسرائيلية" وقال "سأسلم مفاتيحها لنتنياهو"، وهو ما اعتبره البردويل بالتصريح الفاشل والمعيب.
وأضاف البردويل :" عباس لا يملك الأرض الفلسطينية لكي يسلم مفاتيحها لنتنياهو، وتصريحه كان فاشلا وخائبا، وكان الأجدر أن يهددهم بالمقاومة، هذا كلام غير متزن ولا يخدم عباس والشعب الفلسطيني وبالتأكيد حل السلطة ليس خسارة للشعب الفلسطيني بقدر الاحتلال".