قائمة الموقع

مقال: حل السلطة بحاجة إلى توافق فلسطيني

2013-01-03T10:16:56+02:00
مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

تهديدات السيد محمود عباس بحل السلطة كلما تعرض لعملية ضغط أو شعر بالإخفاق والفشل باتت مسألة بحاجة إلى إعادة نظر، فكثرة استخدام هذه التهديدات تفرغها من مضمونها وتجعل من يستمع إليها بهذا التكرار يضحك كثيرا ويجلس مطمئنا أن حل السلطة ما هو إلا فزاعة يستخدمها محمود عباس كلما أراد توصيل رسالة إلى الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية ولكنها مع الأسف تصل بطريقة سلبية وتؤكد تمسك عباس أكثر بالسلطة.

حتى لو كانت تهديدات أبو مازن بحل السلطة هذه المرة جادة بسبب الأزمة الشديدة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية المادية منها والسياسية فإن حل السلطة ليس قرارا لمحمود عباس وحده فهو طرف ضمن أطراف أخرى بل ربما هو اضعف الأطراف، وما تحدث به عن تسيلم مفاتيح السلطة لنتنياهو وليس للشعب الفلسطيني هو دليل واضح على ان القرار مرتبط بجهات عدة وعلى رأسها الاحتلال (الإسرائيلي).

حل السلطة -بعيدا عن (إسرائيل) وأمريكا والاتحاد الأوروبي- يجب أن يكون شأنا فلسطينيا شاملا وليس قرارا فرديا من قبل محمود عباس، وإذا كان عباس فعلا جادا في تفكيره رغم تبريرات ونفي من هم حوله، يجب أن يكون قرارا فلسطينيا جمعيا، بمعنى أن يجلس محمود عباس مع كل القوى والفصائل الفلسطينية وأن يضعها في صورة الأوضاع وماهية الضغوطات الممارسة عليه وما يدور خلف الكواليس من مشاريع سياسية تهدف إلى إنقاذ (إسرائيل) من نفسها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وان يشمل اللقاء الحديث عن البدائل للسلطة حال تم اتخاذ قرار بحلها حتى لا يحصل فراغ سياسي وتعيش المنطقة بحالة من الفوضى والاضطراب ويترك المجال للعدو الصهيوني أن يفعل ما يريد دون رد فلسطيني منسجم بشكل متفق عليه وفق استراتيجية فلسطينية تحدد الأولويات والآليات لمواجهة المرحلة القادمة.

اتخاذ قرار حل السلطة مسألة ليست صعبة ولكنها بحاجة إلى توافق فلسطيني على ما سيكون بعد هذا القرار دون العودة إلى الاحتلال أو الإدارة الأمريكية واعتبار الأمر شأنا فلسطينيا تنتصر فيه الإرادة الفلسطينية الحرة التي تستند إلى وحدة الصف الفلسطيني المستندة على استراتيجية فلسطينية تعتمد على حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، عندها يمكن أن يكون الموقف الفلسطيني بهذه الطريقة موقفا قويا محترما ومقدرا من المحيط العربي وسيضعه هذا الموقف أمام مسئولياته ويفرض عليه طريقة في التعامل مع الشعب الفلسطيني وقيادته الموحدة بطريقة مختلفة عما يجري اليوم من إهمال وعدم احترام ودليل ذلك شبكة الأمان التي وعد بها العرب السلطة ولم تنفذ حتى اللحظة.

يجب على محمود عباس العدول عن طريقته السابقة في التعامل مع القوى والفصائل الفلسطينية والتخلي عن قانون فرعون (ما اريكم إلا ما أرى) وان ينظر إلى قوى الشعب الفلسطيني على أنها شريكة في القرار وليست مأمورة بالتنفيذ، وان يقتنع أننا لازلنا في مرحلة تحرر وطني وهذه المرحلة بحاجة إلى كل الجهود على كافة الصعد وأن الشراكة السياسة باتت مطلبا أكثر من أي وقت مضى، وهذا يتطلب دعوة صريحة وعلنية شاملة وصادقة وتتوفر فيها الإرادة النابعة من المصلحة الوطنية لكل القوى من أجل الجلوس والتفكير فيما كان وما يجب أن يكون في المرحلة القادمة وان يخرج الجميع بموقف فلسطيني موحد توزع فيه الأدوار بين الكل الفلسطيني وفق قاعدة واستراتيجية مشتركة بعيدا عن إملاءات أي أطراف خارجية مهما كانت قوتها، فوحدة الشعب الفلسطيني أقوى من كل القوى الخارجية.

مطلوب من كل القوى استثمار هذه اللحظة التاريخية التي تمر فيها القضية الفلسطينية والمنطقة الإقليمية والتي لو أُحسن استثمارها من قبل وحدة الموقف الفلسطيني ستكون عاملا مساندا وقويا للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وسيضع حدا للتجاهل الدولي لحقوق شعبنا ومصالحه العليا حال وصل إلى قناعة أن منطلق الفلسطينيين منطلق جمعي وان موقفهم موحد حول كافة القضايا وأنهم باتوا يديرون الصراع وفق رؤية موحدة وعلى قاعدة متفق عليها.

إذن هي الوحدة في حدها الأدنى التي يجب أن تنطلق فيها العجلة الفلسطينية متجاوزة المرحلة الماضية بعد التقييم واستخلاص العبر وصولا إلى مرحلة التحرير وإقامة الدولة وعندها يترك للشعب الفلسطيني اختيار قيادته الجديدة عبر صناديق الانتخابات وبإرادة حرة يختار من بينها البرنامج السياسي الذي يحقق له الرفاهية والحياة الكريمة، ودون ذلك كله سيتأخر المشروع الوطني التحرري سنوات اطول مما لو استمر حال التشرذم والفرقة على ما هو عليه.

اخبار ذات صلة