قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: فرخ الوز مسمار

كنعان سعيد عبيد

عنوانٌ غريبٌ لمقالٍ سياسيٍ في ذكرى انطلاقة ثورةٍ لتحرير فلسطين ولكن كما يقولون ليس كلُ الأصفر ذهباً وليس كل فراخ الوز عوَّامةً، فربَّ وزةٍ باضت مسماراً غطس في المفاوضات أو دق في نعش الثورة ورب ثورة تمخَّضت أوسلو ورب مقاتلٍ تمخَّض صائباً أو منسقاً فالعبرة بمن يحمل راية الثورة لا بمن يثور على الراية.

على أي حالٍ احتفلت فتح بذكرى انطلاقة الثورة فتهانينا للثورة والثوار أما احتفالها فشأنه كالمطلَّقةِ تحتفل بذكرى زواجِها. وطالما الحشد بالحشد والاحتفال بالاحتفال والأصفر بالأخضر لا بد من الوقوف على الحدث بدلالة أرقامه وأهدافه، فالاحتفال بعد معاينتي وقياسي لأبعاد المكان بجميع شوارعه المحاذية والمتفرعة على أقصى تقديراتي المبالِغة لم يتجاوز المائة دونم وأقصى ما يستوعبه المتر المربع اثنين من المحتفلين وعليه أقصى التقديرات المبالغ فيها هو مائتي ألف محتفل. ورغم ذلك اعتبر أن هذا العدد كبير جداً إذا اعتبرنا الحشودَ مقياس المواقف السياسية والنضالية أو اعتبرناها مبايعةً لمواقف عباس واستفتاءً على صفد وحق (إسرائيل)، والأخطر أن تكون هذه الحشود في طريقها لمبايعة خطوات مؤلمة لا يعلمها الا الله وعباس والمسمار وربما تراها يوما تبايع فياض أو تضطر أن تبيع.

والغريب ان تصفَّر الثورة وتُعتقل في قسيمة مرتبات فياض في وقت اخضرَّت فيه رايات الوطن العربي ربيعاً وارتفع سقف الارادة الشعبية العربية لتتجاوز المطالبة برغيف خبز الى المطالبة بتحرير كل فلسطين. وليس ترفاً أن أتحدث عن منصَّة الاحتفال التي أخفتها الكاميرا عن المشاهدين باعتبارها عورة ونسخة من صورة ادارة قيادة فتح لنفسها ومن تعول، وترجمة لأزمة قيادة لا ترضى الا ان تعتلي الجمهور والمنصة ومقياساً لحب عرفات حين نادى مناديهم من يحب عرفات ينزل عن المنصة فصعدها الجمهور حباً لعباس وغزلاً لدحلان.

وحماس في شهر الانطلاقات لها وعليها. فانطلاقتها كانت احتفالاً بانتصار حجارة السجيل وسابقتها انتصاراً بتحرير الأسرى وحشودها كانت مبايعة لبرنامج المقاومة وحشود انطلاقة فتح أيضا كانت دليل فشل حماس في ضم هؤلاء الى برنامج الثورة والمقاومة وتحرير فلسطين واحتفاظهم بما انطلقت فتح من أجله رغم ان الساحة الغزية كانت حكرا على حماس مدار ست سنوات، وهنا هل استدركت حماس بعد ذلك أنه استوجب عليها أن تنزل ببرنامجها التعبوي للجمهور وتخاطبه بلغة فلسطين لا بلغة التنظير للتنظيم؟ ألم يبرهن هذا ان حماس أتقنت تربية ابنائها وفشلت في تربية المجتمع؟ ألم تعلم حماس أن هؤلاء المحتشدين طاقات فلسطينية لو انحازت لخيار المقاومة لكانت كنزا لفلسطين؟ ألم يأن لحماس وفصائل الشعب الفلسطيني أن تحتفل بميثاق الثوابت الفلسطينية يقسم عليه كل فتحاوي وحمساوي ولا يحيد عنه إلا خائن؟ ألم يأن لحماس أن تساعد فرخ فتح ليكون عوَّاماً أو فرخ قناص في وادي الحرامية.

البث المباشر