ربوع "عناتا" تُجمل حكاية الحق المغتصب !

هدم منزل فيبالضفة المحتلة  (أرشيف)
هدم منزل فيبالضفة المحتلة (أرشيف)

رام الله - لمراسلتنا

لم يستطع سوى ترديد الدعاء على لسانه وهو ينظر متفحصا بورقة عُلقت على جدران منزله المتواضع، كوّمها في يده التي تحكي تجاعيدها قصة شعبٍ منكوب منذ عقود وألقى بها أرضا ولسان حاله "حسبي الله ونعم الوكيل".

لم تكن تلك الورقة إلا قرارا من محكمة الاحتلال يأمر بهدم منزله المكون من صفيح، فذاك في لغة الاحتلال أصبح عائقا أمام بناء آلاف المنازل للمستوطنين المستجلبين من دول العالم.. هذه حال عائلة فهيدات التي تقطن ربوع بلدة عناتا الخلابة، بعد أن سلمها الاحتلال إخطارات بهدم كل منازلها.

"لن نرحل"

قصة الظلم المحاكة بليل ضد منازل وأراضي بلدة عناتا كللت مؤخرا بمحاولة إزالة كامل حي الفهيدات بزعم أن منازله غير مرخصة، وهي الحجة القديمة الجديدة التي تحاول من خلالها سلطات الاحتلال أن تبيد الوجود الفلسطيني.

ويقول زياد فهيدات أحد سكان الحي لـ"الرسالة نت" إن قوات الاحتلال أخطرت قبل أيام بإزالة جميع منازل المنطقة، علما أن معظمها مشيد من الصفيح والمواد البدائية، مبينا بأن الاخطارات شملت 70 فردا هم جميع سكان الحي والذين تواجدوا فيه قبل الاحتلال.

ويشير فهيدات إلى أن الغرض الرئيسي من الاخطارات هو التوسع الاستيطاني وليس كما يدعي الاحتلال بأنه التنظيم العمراني للمنازل، "فلو كان يكترث لذلك لما هدم آلاف المنازل المقدسية في عناتا وغيرها".

ويضيف:" نحن موجودون هنا قبل الاحتلال، فوالدي عمره 72 عاماً، وهو ولد في الحي، وهذه القضية لا تمسنا فقط، بل تمس كل سكان عناتا والقدس؛ لأن السيطرة على مساحة 55 دونما نقيم عليها منازلنا تعني سهولة الاستيلاء على بقية الأراضي".

ويؤكد فهيدات بأن العائلات التي تقطن الحي لن ترحل عن منازلها ولو نفذت قوات الاحتلال الهدم، لأنهم متشبثون بأرضهم ولا يمكن أن يتركوها للمستوطنين، لافتا إلى أن معاناة أهالي شرق القدس تتفاقم في ظل غياب الدعم المادي والمعنوي من قبل الدول العربية وحتى السلطة نفسها.

ابتلاع

القدس وكم تحمل هذه الكلمة في قاموس الفلسطينيين من جراح، هذه المرة تتركز الأنظار السوداء نحو بلدة عناتا الوادعة التي مزق المحتل سكونها بجملة مصادرات طالت ما يقارب نصف مساحتها.

ويقول محمود الرفاعي عضو لجنة الدفاع عن أراضي البلدة لـ"الرسالة نت" إن الاحتلال كان صادر أكثر من 1500 دونم من أراضي البلدة عام 1980 حين أنشأ معسكرا على أراضيها، وفي حينه وبعد احتجاجات سكان البلدة عرض عليهم تعويضات ولكنهم رفضوها.

ويبين الرفاعي بأن الاحتلال صادر مئات الدونمات لصالح إحدى المستوطنات المقامة كاملة على أراضي عناتا، كما صادر ما يقارب 50 دونما لصالح مستوطنة "بسغات زئيف"، فيما عزل الجدار ألفي دونم خارج البلدة عام 2004، وقبل أيام يعلن عن نيته إقامة ما أسماها بالمدينة الثقافية للمستوطنين على حساب أهاليها والتي تصادر 250 دونما من الأراضي.

ولا يتعلق الأمر بمصادرة الأراضي فحسب، بل تبقى آلة الهدم تنهش منازل المقدسيين في عناتا لترحيلهم واحدا تلو الآخر، ووفق الرفاعي فإن الاحتلال يهدم بين الفينة والأخرى منازل أهالي البلدة بحجة أنها غير مرخصة، ولكن الهدف الرئيسي هو الطرد والترحيل.

عناتا ليست الضحية وحدها، بل كل البلدات والقرى المحيطة بالمدينة المقدسة أصبحت هدفا أمام سرطان الاستيطان وتحولت من مناطق خلابة إلى تجمعات معزولة يرمي المحتل إلى إزالتها، ولكن صمود أهاليها يقف شوكة في حلقه ما بقيت أنفاسهم تتوالى.

البث المباشر