قائد الطوفان قائد الطوفان

3 فتيات مقعدات بغزة "يطلبن العطف لا أكثر"!

(الأرشيف)
(الأرشيف)

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

" لست رسامةً، ولا شاعرة، بل أنا إنسانة، ما أستطيع مشاهدته أمام مد البصر.. هو الأمل الذي يحاول كثيرون حرماني منه، قائلين: أنت لا تصلحين لشيء، وأسألهم: لماذا؟! .. فلا مجيب"، كلمات رددتها آيات أبو جلد (25 عاماً)، تجلس على كرسي متحرك، أنهكه الجلوس، حتى أصيب بهشاشة عظام، نخرت قوائمه.

تحاول آيات أن تتناسى معاناتها، وتركز اهتماماتها على القراءة، إلا أن هاجساً يقف عقبة أمام تعليمها، وهو عدم وجود فضاء واسع يستقبل أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، ليستكملوا تعليمهم على مراحل عمرهم.

تفْتح حدقات عينيها وتقول " أعاني من مشكلة التعليم، وأتمنى أن أكمل تعليمي، إلا أن الخوف يسيطر علي، وأحمل همّ القادم"، تخفض رأسها إلى الأرض ببطء، ثم ترفعه بحركة سريعة لتضيف" دائماً نكون مهمشين، حتى من أبسط الحقوق، لو لم يتوفر لنا تعليم، ما الضير في أن يتوفر لنا أعمال مهنية نعتمد بها على أنفسنا؟!" تتساءل آيات.

تأخذ شهيقاً طويلاً وتُخرج معزوفة، ألحانها تنهيداتٍ متقاطعة، تسقط صوتاً عليها بقولها " نحن معاقون حركياً، وهناك في الفضاء الخارجي من هم معاقون فكرياً"، وتكمل " فلا تهمشونا بألسنتكم ونظراتكم، ولا تنسونا من عطفكم".

تهوى آيات كتابة الشعر، وتجد ميولاً نحوه، إلا أن يدها لا تساعدها على الكتابة، لأزمة عصبية في يدها، ما يدفعها لطلب مساعدة أخوتها، ليدونوا ما تلفظه، حتى يكون ذكرى لها.

وتنهي حديثها وهي تضع يديها على وجنتيها "أتمنى لو توفر لي مسجلٌ، يحفظ كتاباتي، لأرسلها إلى أصحاب الخبرة، يساعدوني كي أخرج للعالم بنبض حروفي، ما لم أستطع الخروج على قدماي، حتى يتغلغل لنفوس البشر، من فتاة تعبر عن هذه الفئة".

تجلس عبير أبو معيلق (28عاماً) في ركن مستقل، تغزوها علامات الحزن، تنطوي على نفسها قليلاً، تحاول الوقوف على قدميها جاهدة، فجهدها بات مهدوراً، تتعكز على جهاز "ووكر"، لتسير بضعة أمتار.

ترتدي عبير حذاءً مختلف الحجم والشكل، يخرج منه قضبان حديد، يساعدها على اعتدال حركة قدميها، إلا أنه يسبب أمراضاً لها، نتيجة استهلاكه أكثر من طاقته.

متوسط عمر الحذاء البالغ ثمنه (350 شيقل) عامٌ واحدٌ، إلا أن شح المادة تجبر عبير على استمرار السير به لمدة ثلاث سنوات، ما يؤثر على أعصاب القدمين، وسلامة الحركة.

أسماء القطراوي (25 عاماً) تخرج من منزلها على كرسيها المتحرك، تنتظر أحداً لتوقفه طالبةً يد المساعدة، حتى تتجاوز عتبات المنزل، التي تقف حائلاً أمامها، حتى تأخذ تلك العتبات حقها كاملاً من اللعنات.

تعاني أسماء من شلل دماغي منذ الولادة، أقعدها على كرسٍ متحرك، تتخذه صديقاً يعينها على الذهاب حيث تريد، إلا أن الكرسي عمره محدود، فتبقى أسيرة البيت، حتى يتوفر لها آخر بديل.

تحمل أسماء في جعبتها احتياجات لا تختلف كثيراً عن متطلبات أصحاب الصحة، وتقول "

أتمنى عندما أذهب خارجاً أجد شيئاً يساعدني، ومتوفرٌ أمامي بلا عقبات، فالكرسي الذي يحملني يحتاج تجديد سنوياً ولا أستطيع توفير ثمنه".

وتزداد الصعاب في نظرها، لتتمنى توفر "حمامٍ" داخل غرفتها، يساعدها على قضاء حاجتها، دون أن تضطر للذهاب إلى حمام العائلة.

"أعاني كثيراً داخل المنزل، والحمام به مشكلة، لا استطيع الذهاب اليه بمفردي، أتمنى لو وجد حماماً عندي في الغرفة، أستطيع أن أقضي حاجتي بمفردي" حال لسان أسماء.

وتضيف وجفن عينها يهتز حزناً يعلن اخفاء الدموع قائلةً " بدي لمن يتطلعوا علينا ما ينظروا النا على اساس احنا ناس اصحاب كراسي، او اصحاب اعاقة، احنا يمكن قعدتنا قعدة بشر مختلفين، لكن من داخلنا احنا مثلنا مثلكم".

البث المباشر