قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: شباط القطط

وسام عفيفة
وسام عفيفة

بقلم/ وسام عفيفة

المعروف عن شهر شباط أنّه موسم استفحال وتزايد نشاط القطط وتناسلها، حيث في هذا الشهر يعلو صوت الهّر ويزداد مواؤه في محاولته الفوز بأكثر عدد من إناث القطط ليضمّها إلى مستعمرته الشهرية.

إنه موسم نداءات الغزل المبحوحة بينها، فأينما ذهبت ستسمع مواءً. فوق أسطح المنازل، وفي جذوع الشجر، وفي أفواه الأزقة والدروب، وسترى القطط تتراكض بجنون محموم، وهي تموء، حتى ينقضي هذا الشهر القصير.

ويبدو أن قواسم مشتركة تجمع بين تزاوج القطط في شباط والمصالحة بين حماس وفتح على اعتبار أنها حالة سياسية موسمية، تعلو خلالها تصريحات السياسيين لدرجة لا نعلم معها ان كان هناك توافق او اختلاف.. تفاؤل أو تشاؤم.

 وتأثرا بشباط الخباط، متقلب الاجواء تتقلب أجواء المصالحة، التي باتت "ما عليها ارباط". فتكفي إشارة وتدخل من أمريكا -هادمة اللذات ومفرقة الجماعات- في مشهد يشبه نباح كلب يفسد لحظات قططية حميمية".

 وبدل أن تنتعش وتنتفض في شباط غريزة التآلف والتقارب السياسي، يظهر على الاعلام ناطقون وقياديون، يبررون بتعجرف التعاطي مع الضغط الأمريكي لأنه مصلحة فلسطينية، وأنه لا تقوى دولة في المنطقة على التصادم مع الأمريكان، فكيف لنا نحن الضعفاء ان نقف في وجه القوى العظمى؟.

تبرير واستخفاف بعقول الناس، حاله كحال ذلك القط المتعجرف حين يرعب أطفالنا في موائه المزعج وهو متلذذ أثناء تزاوج غريمة ليله الشباطي.

وكحال المثل الشعبي: "راح شباط الخباط لا أخذ مني عنزة ولا رباط"، يمكن ان تمر حوارات شباط الموسمية في القاهرة، لا نأخذ منها سوى السجل الانتخابي الذي اضفى هذه المرة حالة من التجديد والاثارة على التطورات السياسية، وربما تحمل لنا بشائر مستقبلة ربيعية أو صيفية، ما يشجع المتفائلين ان يقولوا: " شباط شبطنا وربطنا وروايح الصيف أجتنا".

او ربما يعوّلوا على التفاعل الاخير في الاطار القيادي المؤقت بأن يكون مقدمة لاختراق سياسي تظهر نتائجه الشهر القادم فيكون: "الصيت لشباط والفعل لآذار".

حكاية شباط مع الفلسطينيين قديمة، وقد حمل في الذاكرة الفلسطينية أحداثا منها على سبيل المثال قيام الثورة الفلسطينية الأولى في يافا 1919، توقيع الاتفاق الفلسطيني الأردني الذي تم في عمان والذي تضمن مبدأ الأرض مقابل السلام، 1985، انعقاد (الكنيست (الإسرائيلي) في القدس لأول مرة 1949، نهاية الحرب العربية (الإسرائيلية) الأولى وتوقيع اتفاقية الهدنة بين العرب و(إسرائيل) في جزيرة رودس (اتفاقية رودس) 1949، غارة (إسرائيلية) وحشية على غزة وجمال عبد الناصر يدعو مجلس الأمن الدولي للانعقاد 1955..

وهكذا تطول القائمة حتى تصل الى قرار الحكومة في غزة رفع علاوة المعلمين التي كانت بمثابة بشرى لباقي قطاعات الموظفين.. "فاذا غيمت على ابلاد بشر ابلاد".

على أية حال نأمل ألا يكون كلام الحكوميين والسياسيين والمتحاورين، مثل "شباط ما عليه رباط"، ونأمل أن تنتقل عدوى الغريزة الشباطية القططيّة إلى الفرقاء الفلسطينيين، وأن تستمر الى بقية أشهر السنة الأخرى.

البث المباشر