عبد الحميد حمدونة – الرسالة نت
يتأقلم المواطن علاء أبو عوكل مع ظروفه القاسية في بيت يحتوي على غرفة ضيقة، تغلب كثيرا في رص بعض الأواني المنزلية في جانب، والنوم في ناحية أخرى مع أفراد العائلة المكونة من ستة أفراد، فغرفة نومه لا تصلح للمعيشة فجدارها آيلٌ للسقوط، أما باب منزله فنصفه من الخشب والباقي من النايلون.
أبو عوكل"33عاما"، الذي يسكن في حاصل إحدى أبراج الندى شمال قطاع غزة مع عائلته تقطعت به سبل العيش بعد دمار منزله إبان الحرب العدوانية على غزة.
ومنذ عام 2005م يعجز من العثور على فرصة عمل، وبالغالب يدبر قوت أولاده من المساعدات الإنسانية التي تقدمها الجمعيات الخيرية، لكنها لا تسد رمقهم كثيرا، فهم يعتاشون على صنف واحد من الطعام.
ثلاثة من بناته الصغيرات كان يلعبن على باب المنزل بلعبة بلاستيكية صنعتها أيديهن الصغيرة منى"ثمانية أعوام"، وأسيل "ستة أعوام"، وأميرة لم تتجاوز الأربعة أعوام، وطفله الرابع محمد البالغ من العمر سنة ونصف، ولديه إعاقة في المخ، ويعاني من تشنجات ناتجة عن زيادة الكهرباء في جسمه الصغير.
وسافر به والداه إلى المشافي الإسرائيلية، لمعالجته، فعجز الأطباء عن مساعدته، لأن أجهزته الداخلية صغيرة، وهي خلقة ربانية.
ويقاطع كلام الوالد بكاء طفله محمد الذي كاد يختنق بسبب نقص الهواء، فأسرعت أخته الكبيرة لتضعه بجانب المروحة ، فنام وأنين الألم يخرج من بين شفتيه، لصعوبة تنفسه، فقد سبق وأن أجريت له عملية تجميلية في أنفه،ويتنفس الآن بمساعدة جهاز التبخير.
وقضى الطفل محمد السنة والنصف – وهي أيام عمره- بين أروقة المستشفيات، في ظل تكبد والده خسارة مالية تصل إلى 40 شيكلاً يومياً خلال نقله للمستشفى وسط حاجة عائلته إلى الشيكل الواحد.
يضيف أبو عوكل:" الجهاز يعمل على الكهرباء، والتي تنقطع بشكل متكرر، مشيرا إلى أن طفله لا يتحمل الحرارة المرتفعة، والجو حار جدا في هذه الأيام، الأمر الذي أجبره على مد خط كهرباء من جاره، لمواصلة حياته على جهاز التنفس الاصطناعي .
ووفقا لإحصائية اللجنة الدولية للصليب الأِحمر فإن مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في شريط ساحلي تفرض عليه إسرائيل حصارا مشددا، منع المواطنون من التأقلم مع حياتهم الطبيعية كباقي البشر.
زوجة أبو عوكل رضيت بهذا الوضع الأليم الذي رافقها في حياتها، فهي تشاطر زوجها تلك المصاعب، متمنية أن يكون الغد أكثر راحة من ذلك الموقف العصيب.
ابنتها البكر منى غابت الفرحة من عيونها، فهي لم تشتر زيها المدرسي للعام الجديد، وشعرت بحزن شديد لأنها ستعود للمدرسة بملابس بالية، فوالداها يكرسان جل وقتهما لابنهما الصغير بسبب مرضه المزمن.
أما أختها أميرة فهي لا تعي جيدا ما يدور بحال أسرتها الفقيرة، فهي غارقة في اللهو، وتقاطع حديث والدها بكلماتها البريئة " بابا أريد جوالا" ، فيعدها الأب مغلوبا على أمره بشراء ما تريد حتى تصمت وتكف عن البكاء.
ويأمل أبو عوكل أن يجد من يكفكف آلامه ويداوي جراح صغيره، مناشدا شركة الكهرباء بتوصيل خط يغذي المنزل الذي يسوده الظلام الدامس منذ عام ونصف، لكي يرى ابنه المعاق النور .