بعد أسابيع من العمل بدّدت الحلة الجديدة لجسر وادي غزة ذكريات الحرب وآثار القصف الذي دكّه بعنف ودمر طبقاته فقطع شريان الطريق الغربي للقطاع .
منذ أيام فقط عادت الحياة إلى الطريق الساحلي بإعادة بناء الجسر بعد 3 شهور من انتهاء العدوان على غزة فعادت معها المركبات لتلتهم الطريق متنقلة بين الشمال والجنوب.
في نهاية الأسبوع الماضي احتشد عشرات الضيوف على اللسان الشمالي للجسر, رؤساء بلديات ومندوبو مؤسسات خيرية وحكومية لحضور الاحتفال بإعادة تأهيله .
وكشفت كل من هيئة الأعمال الخيرية ممولة المشروع ووزارة الأشغال في الحكومة عن سعادتهما بالعمل سوياً طوال أسابيع من العمل المتواصل حتى عاد للعمل من جديد.
وكانت قوات الاحتلال قد قصفت جسر وادي غزة قبيل انتهاء الحرب بالزوارق البحرية والطائرات الحربية ما أدى لدمار كبير في الجسر .
ومنذ اليوم الأول لانتهاء الحرب بدأت وزارة الأشغال في إزالة الركام والدمار فيما كشفت هيئة الأعمال الخيرية عن استعدادها لإعادة بناء الجسر في زمن قياسي.
فرحة مكتملة
يهز المهندس أدهم العمراني مدير المشاريع في هيئة الأعمال الخيرية كتفيه بعفوية كاشفاً عن سعادته لأن الناس ستكتمل فرحتها بالمرور فوق جسر وادي غزة-كما يقول .
واعتبر العمراني أن مشروع الجسر حيوي لأنه يربط شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وقد سعت الهيئة لجلب التمويل له من مكاتبها في بريطانيا وايرلندا واستراليا بقيمة 250 ألف$
وأضاف: "المسافة المتضررة من الجسر طولها 30 متر بالإضافة إلى عمود رئيسي وبعد طرح العطاء تم تكليف شركة النجاح وتم انجاز العمل في 45 يوما، واليوم يجري الافتتاح" .
وأشار إلى أن هيئته لها بصمة في كل الأماكن بغزة، خاصة مع وزارات التعليم والصحة والأشغال و بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية في جدة، التي شاركتها في مشاريع مثل إسكان الفقراء وإعادة تأهيل المدارس و إنشاء مخازن لوزارة الصحة .
وحول العقبات التي واجهتهم خلال إعادة إنشاء الجسر أوضح أن أهمها كانت في المرحلة الأولى حيث كان من الصعب توفير حديد تسليح بقطر 25 ملم وبطول 16 متر وهو غير موجود لا في غزة ولا مصر ما اضطرهم لاستخدام حديد بديل بطول 12 متر .
واعتبر مشروع الجسر بأنه من أهم مشاريع هيئة الأعمال الخيرية المنفذة في قطاع غزة منذ انتهاء الحرب لأنه يخدم كافة فئات الشعب.
إصلاح الطريق
بالكاد يفلح مدير هيئة الأعمال الخيرية في غزة عماد الحداد في التخلص من ضيوفه المصرين على مصافحته قبل الصعود إلى منصة الحفل.
وقال الحداد إن مشروع بناء الجسر مشروع نوعي لأنه كل سكان قطاع غزة يستفيدوا منه وكان لابد من إعادة اعماره بطريقة وسرعة مناسبة –كما قال
وحول مواصفات إعادة البناء أضاف: "القاطع المتضرر كان طوله 30 مترا وتم إعادة بناء الأعمدة أسفله وبناء الجسم وتغطيته بالإسفلت واستكمال ما دمر وإعادة إنارة الجسر وتركيب الحماية على جانبيه إضافة للإشارات المرورية على جانبي الجسر".
وأشار إلى أن هيئته لديها مشاريع إستراتيجية حاليا أهمها مشروع تحلية مياه البحر لتزويد جزء من مدينة غزة بمياه نقية وهو مشروع بنية تحتية يشكل المرحلة الثانية بعد تحلية المياه الجوفية لمدارس غزة .
كما كشف عن إصرار هيئته على إعادة تأهيل الجسر لما يحمل من تخفيف حقيقي لمعاناة المواطنين المتنقلين بين غزة والجنوب.
وأضاف: "كان تعاوناً وثيقاً مع وزارة الأشغال وانجاز مميز نفتتحه اليوم بعد 3 شهور من حرب غزة وننهي معاناة المواطنين بعد أن اجتهدت الطواقم على مدار الساعة" .
حكاية صمود
من خلال موقعه ومتابعته اليومية طوال أسابيع قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ياسر الشنطي إن دور وزارته كان إزالة الركام وتجهيز مخططات العمل والكميات إضافة للإشراف في الموقع من ناحية ضبط الجودة والعينات .
وأضاف: "العمل كان به معوقات، فالجسر يعتبر مشروعا خاصا بحاجة لمواد غير متوفرة لا في غزة ولا في الضفة، فاضطررنا لإيجاد بديل لاستكمال العمل" .
ولفت إلى أن الظروف الجوية والأمطار أعاقت العمل ما اضطرهم لإقامة طبقة خراسانية لإنشاء أعمدة فوقها جسم الجسر حتى انتهى العمل بعد 45 يوم .
وحول أثار الحرب بدأت الأشغال بدفع مبالغ لـ90 منزلا مدمرا بشكل كلي إضافة إلى تعويض عشرات المنازل المدمرة بشكل جزئي حتى الآن .
كما ألقى الشنطي كلمة مقتضبة قال فيها إن جسر وادي غزة يعتبر حكاية صمود فقد بدأ العمل فيه من اللحظة الأولى لانتهاء الحرب .
النصيرات والزهراء
بالنسبة لبلديتي النصيرات والزهراء فهما الأكثر قرباً من جسر وادي غزة والمتنقل بين المنطقتين من جهة الساحل يضطر للمرور فوق جسر وادي غزة.
وقال محمد أبو شكيان رئيس بلدية النصيرات إن إعادة تأهيل الجسر مهم جدا للقادمين من غزة عبر الطريق الساحلي وكذلك سكان غرب النصيرات و قرية الزوايدة فهو الطريق الرئيس لهم .
وكشف عن سعادته بإعادة تأهيل الجسر لتعود الحياة للجسر، موضحا أن العدو استهدف الجسر أكثر من مرة ليزيد من ضغطه على المواطنين عبر قصف الجسور ما يشل حركتهم.
وفي الجوار أرخى جلال طومان رئيس بلدية الزهراء منظاره الطبي قبل أن يؤكد أن مدينة الزهراء لا تستغني عن طريق الجسر للتنقل بين غزة وجنوب القطاع .
وأعرب عن سعادته بعودة الحياة للجسر لان المركبات المارة من شارع الرشيد-طريق البحر-لا تتمكن من الوصول للجنوب إلا بالمرور فوق جسر الوادي فهو منفذ الحياة الوحيد للجهة الغربية-كما قال.