الضفة الغربية - الرسالة
بلعين.. نعلين.. المعصرة.. بورين، قرى فلسطينية أضحت عنوانا للمقاومة الشعبية في الضفة الغربية، بعد أن عزَّ الرصاص فيها جراء ملاحقة المقاومة من قبل الاحتلال والسلطة على حد سواء.
فبعد صلاة الجمعة من كل أسبوع تنتفض هذه القرى المحاطة بأسوار الفصل العنصرية، لتقول لمن أقامها أننا لن نرضى ولن نسكت عن حقنا بأرضنا، حيث أضحت تلك المناطق ساحة مواجهة حقيقية مع جنود الاحتلال.
ففي قرية المعصرة جنوب بيت لحم يتجمع الرجال والشباب بعد صلاة الجمعة، متجهين صوب مكان إنشاء جدار الفصل العنصري الذي سرق من أراضيهم مئات الدونمات، لتبدأ مسيرتهم الأسبوعية واشتباكهم مع جنود الاحتلال، وسلاحهم الوحيد الحجارة والهتاف.
ويتكرر المشهد في قرية بورين جنوب نابلس، حيث انتفض أهالي القرية هناك رفضا لقرار الاحتلال في هدم مسجد سلمان الفارسي، حيث يشتبك الشبان مع جنود الاحتلال الذي يقتحمون القرية، مدافعين عن مسجدهم وأراضيهم، رافضين التسليم بالأمر الواقع، خاصة في ظل غياب المقاومة المسلحة في الضفة.
لن نمل..
أما قريتي بلعين ونعلين، فتشهد منذ أكثر من عامين مظاهرات أسبوعية، لم تنقطع تحت أي ظرف، حيث يتجه أهالي القرية بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع ويحاولون اقتحام البوابة الحديدية التي يقيمها الاحتلال على أراضيهم، محاولين وقف أعمال البناء في جدار الفصل العنصري الذي التهم مئات الدونمات من أراضيهم الزراعية، التي تعتاش عليها العائلات في القرية.
ولم يمنع بطش الاحتلال الشباب الفلسطيني من الاستمرار في تنظيم المظاهرات الأسبوعية، بل أنها أضحت تكسب المزيد من الشعبية والتأييد.
ويواصل الأهالي في القرى المحاطة بجدار الفصل العنصري قرارات الاحتلال بمواصلة البناء فيه ومصادرة المزيد من الأراضي، يواجهون تلك القرارات بالمزيد من الاحتجاجات والفعاليات، حيث أضحت تلك المسيرات الأسبوعية مجالا لمقاومة المحتل، ومواجهته بشكل مباشر، حيث يصاب العشرات من الشبان بالأعيرة النارية والمطاطية، كما يصاب الكثيرون بالاختناق جراء القنابل المسيلة بالدموع.
الشاب "خ.ف" من قرية بلعين، يشارك في المسيرات الأسبوعية ضد الجدر في قريته، ويقول:"لن نمل من المشاركة والنضال حتى تحقيق أهدافنا في هدم الجدار كما هدم سور برلين، لن حتى يملوا، ولن نوقف فعالياتنا ومقاومتنا الشعبية، حتى لو كنا لا نملك السلاح، فإرادتنا وعزيمتنا سلاحنا في هذه المرحلة".
انتفاضة جزئية
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد وصفت المظاهرات ضد الجدار بأنها "انتفاضة جزئية"، وأنها نجحت في اكتساب شعبية وضم فلسطينيين جدد إليها، ونقلت عن أحد سكان بلعين قوله "الأمر لا يقتصر على النضال في بلعين فقط، ولكنها جزء من النضال الوطني".
أما في قرية بورين قرب نابلس، فقد قال الشاب "م.ح" 22 عاما للـ"الرسالة.نت":"نحن قبل كل شيء ندافع عن مسجدنا، وعن أرضنا، وهذا حق تاريخي لنا، ولن نتخلى عنه، ومحاولات الاحتلال في تهويد مقدساتنا وهدمها ستواجه بمقاومة شعبية كبيرة".
وأضاف:"الضفة ليست عصية أن تنجب مقاومين شرفاء يدافعون عن وطنهم بكل ما بوسعهم، فرغم كل ما تعرضت له المقاومة من ضربات من الاحتلال والسلطة، فإننا قادرين على ان ندافع ونقاوم بصدورنا العارية".
ويرى مراقبون أن اتساع ظاهرة المقاومة الشعبية في الضفة الغربية تمهد لانتفاضة جديدة في الضفة، خاصة في ظل الضغوطات التي تمارس على الشعب من قبل الحكومة اللاشرعية في رام الله، وممارسات الاحتلال الذي يلتهم من أراضيهم كل يوم مساحات وأراض زراعية كبيرة.
على صعيد آخر، يؤكد مراقبون أن تنازل محمود عباس التدريجي في مواقفه من بدء المفاوضات مع الاحتلال، سيكون له مساوئ أخرى كبيرة، حيث سيخسر من تبقى من مؤيديه ومناصريه، وسيرسخ الصورة السوداوية لحركة فتح بالضفة التي لم تقدم سوى التنازلات وراء أخرى للاحتلال.