قائمة الموقع

مقال: الدور التركي وحصار غزة

2013-03-24T07:36:26+02:00
أحمد أبو عامر
أحمد أبو عامر/ صحفي وكاتب فلسطيني

نزل وقع الاعتذار الاسرائيلي لتركيا على جريمة "مافي مرمرة" كالماء البارد على كبد عطشى بالنسبة للفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة، الذين اعتبروا ذلك بمثابة نصر دبلوماسي لهم قبل أن يكون للأتراك الذين تبنوا قضيتهم في رفع الحصار عن قطاع غزة، والانتقام من اسرائيل ولو دبلوماسياً على جريمتها.

للوهلة الأولى لم أصدق الخبر، لتبدأ وسائل الاعلام المختلفة بعد ذلك بإيراده وتضيف إلى جانبه أن اسرائيل قبلت شروط تركيا الثلاثة والمتمثلة في؛ الاعتذار ورفع الحصار عن قطاع غزة وتعويض أهالي ضحايا سفينة مرمرة.

وجّعنا من الحصار اللعين جعلنا نخرج وبسرعة لنهنئ بعضنا البعض على أن الحصار سيشنق على مشانق صنعت من صبر الفلسطينيين وأحكمت بدمٍ وسياسية تركية، وسيدفن بعد ذلك في قاع البحر، وسنضيف لهزائم اسرائيل العسكرية المتلاحقة هزيمة دبلوماسية جديدة.

ولكن وبعد وقت قليل تصفحت نص الاعتذار الذي قدمه رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لنظيره التركي رجب طيب أردوغان، فلم أجد كلمة "رفع الحصار" عن قطاع غزة مطلقاً، بل ما يحتويه نص الاعتذار هو أن "اسرائيل قدمت تسهيلات على حركة البضائع والأشخاص عبر المعابر وستواصل تقديم المزيد كلما سمحت الظروف بذلك".

اذاً لا رفع للحصار عن قطاع غزة، بل على العكس لاحظنا وقبل ساعات من ذلك الاعتذار والزعم بتقديم تسهيلات للفلسطينيين هو تقليص الاحتلال للمسافة التي سمح للصيادين الصيد فيها عقب العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة والتي وصلت لـ 6 أميال لتقلص وتصبح 3 أميال فقط.

جيد أن أردوغان طلب موافقة عباس وهنية على الاعتذار الاسرائيلي قبل الموافقة عليه من قبل الأتراك، وهو شيء مقدر ومن قبل ذلك كله الموقف الشجاع لتركيا منذ فرض الحصار على غزة، ولكن ما كان ينتظره الشعب الفلسطيني المحاصر أن تبقى تركيا على موقفها من رفع الحصار في أي تسوية للخلاف مع الاحتلال الاسرائيلي.

في النهاية تركيا قبلت الاعتذار ومن وجهة نظري أن الأمر أكبر من قضية اعتذار وتعويض أو تسهيلات بقدر ما هو مصالح استراتيجية فرضتها الظروف الحالية لكلا الطرفين، فتركيا تريد أن تكون لاعباً أساسياً في المنطقة – وهو حق طبيعي لها-، واسرائيل يشغلها كثيراً الملف النووي الايراني والتغيرات العربية وفي مقدمتها سوريا.

الأمر الذي يجب أن نقف عنده ونقرأه بعين فاحصه تلك الأحداث التي حدثت بصورة مفاجئة وسريعة والتي تمثلت في اتفاق الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني على وقف اطلاق النار، والدعم الأوروبي المسلح لثوار سوريا، وزيارة أوباما للمنطقة، والدعم المالي السخي للسلطة الفلسطينية، والتسريبات الاعلامية أن اسرائيل ستجمد بصورة هادئة الاستيطان، وضوء أوباما الأخضر لإسرائيل بضرب ايران، كلا هذا يؤكد أن شيئا ما أوشك على النضج في المنطقة وستظهره لنا الأيام القليلة القادمة.

في النهاية لا يجب أن نضع تركيا في موقع المفرط والمتراجع عن قضية غزة، بقدر ما نلتمس لها العذر في قبولها الاعتذار الاسرائيلي الذي جاء بسرعة وأثناء لقاء أوباما ونتنياهو في اجتماع تخطى الوقت المعد له مسبقاً، فالقاعدة السياسية تقول لا تحالفات دائمة ولا صداقات دائمة، إنما المصالح هي الدائمة.

اخبار ذات صلة