قائد الطوفان قائد الطوفان

(إسرائيل) وخيارات إشعال الجبهة الشمالية

جنود قوات الاحتلال خلال تدريب
جنود قوات الاحتلال خلال تدريب

د.صالح النعامي

لا تخطئ العين الاستعدادات التي تجريها (إسرائيل) لإشعال الجبهة الشمالية، حيث يتبين أن الجيش (الإسرائيلي) والمؤسسة الأمنية قد قطعا شوطاً كبيراً في إجراء الاستعدادات الميدانية والوقائية لها.

الافتراض السائد أن الحرب ستأخذ أحد ثلاثة سيناريوهات: مواجهة مع حزب الله، أو مع الجماعات التي تصفها (إسرائيل) الجهادية المتشددة التي يفترض أنها ستخلف نظام الأسد في حال سقوطه، أو حرب في الطرفين معاً وفي آن واحد.

ويتضح من خلال ما يدور من جدل داخل (إسرائيل) أن نشوب المواجهة على الجبهة السورية سيكون كردة فعل على ما قد تقوم به الجماعات الجهادية، التي تمثل العقدة الأبرز في أية مواجهة ممكنة وذلك على اعتبار أن (إسرائيل) تنطلق من افتراض مفاده إنه من المستحيل على الآلة العسكرية (الإسرائيلية) مراكمة الردع في مواجهة هذه الجماعات، على اعتبار إنها لا تمثل دولة، وبالتالي لا يمكنها إبداء حساسية إزاء ردات الفعل العسكرية (الإسرائيلية). وبالطبع هذه بخلاف حزب الله، الذي يعتبر جزءاً من معادلة الحكم في لبنان، وبالتالي بإمكان (تل أبيب) ممارسة الردع في مواجهته بشكل كبير.

ويستشف من الجدل (الإسرائيلي) الداخلي، فإن المواجهة مع الحركات الجهادية السورية ستكون في حال بادرت هذه الحركات على استهداف (إسرائيل) بالصواريخ، حيث إن هذا التطور من شأنه أن يغير البيئة الاستراتيجية لـ(إسرائيل) بشكل جذري، حيث بإمكان الجماعات السورية استهداف كل مكان في داخل الكيان الصهيوني بدءاً من "رأس الناقوة" في أقصى الشمال إلى "إيلات" في أقصى الجنوب، الافتراض السائد هو أن هذه الجماعات ستسيطر على جزء كبير من ترسانة نظام الأسد.

وعلى صعيد الجبهة مع حزب الله، فإن الافتراض السائد لدى المراقبين في (تل أبيب) هو أن (إسرائيل) ستكون معنية بضربة استباقية لحزب الله، على اعتبار أن دوائر صنع القرار في (إسرائيل) ترى أن حزب الله هو الذي سيتولى مهمة الرد على أية ضربة توجه لإيران، مما يستدعي تحطيم قوته العسكرية ابتداءً لتقليص الأضرار الناجمة عن سلوكه على الجبهة الداخلية المدنية في (إسرائيل).

ومن الواضح أن التحدي الذي يواجه (إسرائيل) هو كيفية التعاطي مع العدد الكبير من الصواريخ، الذي يفترض أن حزب الله سيطلقها. ويقولون إن كانت حركة حماس قد أطلقت 1500 صاروخ خلال ثمانية أيام من المواجهة في أثناء حملة " عمود السحاب " التي شنتها (إسرائيل) في نوفمبر الماضي، فإن حزب الله، الذي يحظى بدعم إيراني غير محدود وغير متحفظ، سيطلق نفس العدد في يوم واحد فقط، يشيرون إلى أن (إسرائيل) تتعامل مع أي مواجهة محتملة مع حزب الله على إنها مواجهة مع إيران، مع كل ما يعنيه الأمر من تحديات، وما يوجبه من استعدادات لحسم المواجهة لصالح (إسرائيل). وحسب المعطيات الاستخبارية المتوفرة لدى (إسرائيل) فانه في حال نشبت حرب مع حزب الله فإن (تل أبيب) ستقع تحت رشقات صاروخية كثيفة، حيث يملك حزب الله نحوا من خمسة آلاف رأس صاروخي تبلغ أوزانها بين 300 كغم الى 880 كغم.

تأمين الجبهة الداخلية

 ويتضح من خلال الجدل المحتدم داخل (إسرائيل) أنه منذ الحرب (الإسرائيلية) على لبنان عام 2006، فإن المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي في (إسرائيل) قد خصصا طاقات كبيرة واستثمرا إمكانيات كبيرة من أجل تأمين "الجبهة المدنية الداخلية"، على اعتبار أنها ستتعرض لأكبر قدر من الخسائر في المواجهة القادمة بسبب اعتماد حزب الله على الصواريخ فيها.

ويسود اعتقاد أن (إسرائيل) ستوجه "ضربة قوية جداً" لحزب الله وفي حال رد -كما هو متوقع- باستهداف العمق المدني (الإسرائيلي)، فإن هذا الرد سيتوقف بعد أن يتم تهديد الحزب بأن "الوجبة الثانية ستكون أقوى من الأولى بكثير". ودون أن يقدموا تفاصيل كثيرة، فإن المسؤولين الصهاينة يؤكدون إنهم سيستغلون حقيقة أن حزب الله يمثل أحد أركان الحكم في لبنان ويتم استهداف مرافق الدولة من أجل ممارسة الضغوط على قيادة الدولة والمواطنين في لبنان للجم حزب الله وزجره عن مواصلة استهداف (إسرائيل).

ويبدو أنه على الرغم من الاستعدادات الكبرى داخل الجيش (الإسرائيلي)، إلا إن هناك تباين داخل هيئة أركان الجيش حول الجهة العسكرية التي ستتولى عبء حسم المواجهة مع حزب الله، مع العلم أن جميع أذرع الجيش تدربت على هذه المواجهة.

فمن ناحية، فإن سلاح الجو (الإسرائيلي)،الذي تدرب كثيراً على ضرب اهداف لحزب الله في جميع المناطق، يرى أنه الأقدر على حسم المواجهة في أقل قدر من التورط في المستنقع اللبناني، في حين يرى سلاح المشاة الأكثر مناسبة للقيام بهذا الدور.

وحسب الصحيفة فإن قادة سلاح الجو يعتمدون بشكل أساسي على توظيف منظومات تقنية متقدمة جداً مع معلومات استخبارية دقيقة حول تحركات حزب الله ومخازن صواريخه. وفي المقابل، فإن ألوية المشاة في الجيش تقول إن التجربة قد دللت على أن حسم المواجهة مع حزب الله لن تتم عبر طلعات سلاح الجو وضرباته، وأن هناك حاجة ماسة لتدخل بري عبر قوات المشاة. لكن تدخل قوات المشاة يحتاج إلى وقت طويل من أجل اتمام الاستعدادات اللازمة للحسم، في حين أن إطالة أمد المواجهة يتنافى مع المصلحة (الإسرائيلية)، حيث إنه كلما طال أمد المواجهة، كلما تواصلت معاناة الجبهة الداخلية في (إسرائيل)، علاوة على أن الأمر يعني منح أطراف دولية وإقليمية الفرصة للتدخل بشكل يتناقض مع مصالح (إسرائيل).

من هنا، فإن المستوى السياسي ممثل في الحكومة (الإسرائيلية) يبدو أقرب لوجهة نظر سلاح الجو، على الرغم من أن رئيس أركان الجيش الجنرال بني غانز محسوب على أولئك المتحمسين لشن عمل بري، على اعتبار أنه يعزز قوة الردع (الإسرائيلي).

 

البث المباشر