قائد الطوفان قائد الطوفان

أخرجت ما في بطونها

غزة: معركة مع النحل لقطف العسل

جني العسل في غزة
جني العسل في غزة

غزة - فادي الحسني

أخرج النحال إيهاب السلطان صاحب البزة البيضاء حاملا خشبيا من بيت النحل يفيض عسلا والطنين يتعالى داخل المزرعة في صباح يوم ربيعي مفعم بالحيوية، وقال مبتسما: "كل عام وأنتم بخير.. اليوم نجني العسل"، وذلك إيذانا ببدء موسم القطف.

ودخل السلطان مزرعته الواقعة وسط مدينة غزة برفقة مراسل "الرسالة" متحمسا، فراح ينفث محتوى آلة دخان داخل بيت النحل لتساعده في "تطفيشه" حتى يتمكن من إخراج ألواح الشمع الملبدة بالعسل الناصع.

ويقول وهو ممسك باللوح: "مربو النحل يعانون تراجع إنتاجه، ولكننا نرى أن هذا الموسم أفضل من سابقه".

وبالقدر الذي تبدو فيه أجواء قطف العسل في غزة جميلة، فإنها تنطوي على خطورة بالغة، لذلك حرص السلطان على ارتداء بدلة النحل (آفارول) وقفازات سميكة وقناع شبكي لتجنب لسعات النحل الذي بدى يتفاعل شيئا فشيئا في الهواء كجيش يحارب عدوا احتل أرضه.

وقطف مربو النحل في غزة مزارعهم الثلاثاء الماضي وسط تمثيل حكومي رسمي وإعلامي، ومراقبة أعين ربات البيوت اللواتي أخذن يرمقن النحال من النوافذ.

ولم يستطع السلطان أن يقدر كمية العسل التي أنتجتها خلاياه العشرون، ولكنه قال إن معدل الإنتاج تراجع في السنوات الأخيرة بفعل قصف (إسرائيل) مزارع الحمضيات التي تقام فيها المناحل.

ويحظى العسل الغزي بسمعة طيبة لخلو معظم الكمية المنتجة والمقدرة بـ"220 طنا" من المواد الدخيلة كالسكر.

وحتى يثبت نقاء عسله نقل السلطان حاملات الشمع والعسل إلى مخزن مقام أمام المزرعة، وأخذ يمشط الحامل بمشط معدني ليعزل طبقة الشمع عن العسل، ثم انتقل إلى ماكنة كالبرميل يصطلح عليها بـ"الفرازة" تنفذ مهمة "طرد" العسل من الحاملات الخشبية بصورة مركزية ليتدفق بعدها العسل من الصنبور ناصعا كالشمس.

النحال زاد سرعة "الفرازة" ليزداد التدفق غزارة، ثم باشر تعبئة العسل في العلب تمهيدا لنقله إلى الزبائن الذين حجزوا كمياتهم في وقت سابق خاصة أن الكميات التي ينتجها القطاع تعتبر محدودة ولا تغطي حاجة السكان، وفق قول مربي النحل.

ويتوجس الغزيون من شراء العسل من المتاجر أو المحلات العامة خوفا من إمكانية غشه وخلطه بالمواد الدخيلة عبر عملية "الطبخ".

وبحضور وكلاء وزارة الزراعة الذين كانوا في افتتاح موسم قطف العسل، فإن عماد غزال رئيس الجمعية التعاونية لمربي النحل وجه لوما إلى الجهات الرسمية لتقصيرها في محاربة العسل المغشوش المستورد عبر "الأنفاق"، "أو الذي يهرب عبر معبر رفح البري".

وبعد أن خلع غزال بزته الفضفاضة، قال: "نطالب بمنع استيراد العسل من الخارج، وذلك من أجل تسويق المنتج المحلي الذي يعتبر غالي الثمن مقارنة مع المستورد"، مشيرا إلى أن النحالين يواجهون مشكلة كبيرة في إقامة مزارعهم بفعل اقتلاع جزء كبير من الأشجار بفعل الاحتلال وتجريفه الأراضي الزراعية، "أو نتيجة الزحف العمراني".

والعسل بالنسبة لغزال هو مصدر الرزق الأساسي لمن يمتهن تربية النحل، وأشار إلى أن المزارعين يكافحون بكل الوسائل للحفاظ على هذه المهنة الموروثة، مبينا ضعف العائد المادي مقارنة مع الأعوام السابقة التي كانت تنتج فيها الخلية الواحدة أكثر من 15 كجم، في حين تقدر كمية إنتاج الخلية الآن بـ10 كيلوجرامات فقط.   

وبالعودة إلى صنبور الفرازة الذي لا يزال يتدفق منه العسل، فإن النحال يقف ملحا على الحاضرين أن يتذوقوا منتوجه، وبعد أن لعق كل منهم ملعقته بنهم أشادوا بطيب المذاق وحلواته.

وكيل وزارة الزراعة المساعد زياد حمادة دعا الله بزيادة الإنتاج وفرة وبركة، مقدما وعودا إلى من يربي النحل بأن تتخذ وزارته الإجراءات المناسبة للحؤول دون إدخال العسل المستورد إلى القطاع.

وأشار حمادة إلى أن المنتج من العسل الفلسطيني ينافس الدول المجاورة من حيث الجودة, "لأنه عسل طبيعي بامتياز"، لافتا إلى نية وزارته إقامة مختبر تحليل مادة العسل كي يجري التأكد من جودتها دون الاستعانة بمختبرات خارجية.

ويقطف عسل النحل مرتين في العام: الأولى في الربيع، والثانية في فصل الصيف، ولكن الأول يعتبر أكثر جودة ووفره من الثاني لاعتماده الغذاء على النباتات، أما عسل الصيف فيتغذى النحل خلاله على السكر، ما ينعكس على حجم الإنتاج وجودته.

وتعرف الموسوعة الحرة على الإنترنت "ويكيبيديا" العسل بأنه مادة غذائية مهمة لجسم الإنسان وصحته، لأنه مضاد حيوي طبيعي ومقو لجسم الإنسان (يقوي جهاز المناعة الذي يتولى مقاومة الأمراض التي تهاجمه) فضلا على أن فوائد استخدامه منصوص عليها في القرآن الكريم.

البث المباشر