عرض الجامعة العربية مبادرة تبادل الأراضي يعني أمرا واحدا أننا سلمنا بوجود (إسرائيل). وتنازلنا عن عودة اللاجئين، ورضخنا للمستوطنات في الضفة الغربية والقدس، وشجعنا الاحتلال للتخلص من مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون داخل فلسطين المحتلة عام 48، ولا اعتقد ان نتنياهو يريد أكثر من ذلك.
معضلة (إسرائيل) وهاجسها في التركيبة الديموغرافية داخل فلسطين التاريخية، والعقلية (الإسرائيلية) تفكر ليل نهار كيف التخلص من الفلسطينيين في الضفة الغربية والمدن المحتلة عام 48؟ ويأتي هذا التنازل الرسمي العربي كحل سحري لإقامة كيان يهودي نقي كما تطالب الحكومة الصهيونية.
الاحتلال استعد لهذا التنازل وعمل كثيرا لاستثمار أمثال هذه التنازلات المجانية والجاهزة، فأقام الجدار العازل في الضفة الغربية، واستولى على أكثر من نصف أراضيها من مرتفعات وهضاب وأغوار، ومكن المستوطنين اليهود فيها، وحشر الكثافة السكانية الفلسطينية في منطقة محدودة مخنوقة عبر كنتونات، يقسمها ويعزلها التواجد (الإسرائيلي) عبر المستوطنات.
كما أنه حارب الوجود الفلسطيني في القدس ومناطق الـ 48، وعمل على ترحيلهم وإفقارهم، وسن سياسات تهجير المواطنين وطردهم على اتفه الاسباب، ومنعهم من تملك البيوت وبنائها بحرية، وجمعهم بمناطق محدودة ومعروفة ليتم التخلص منهم بمثل هذه التنازلات.
للأسف الجامعة العربية استغلت ضعف المنظمة كممثل رسمي عن شعبنا للقيام بهذا التحرك، ولو كان لدينا ممثل حقيقي لما تجرأت الجامعة العربية على التلاعب بهذه القضية المصيرية، ومن المؤسف أيضا ان السلطة في رام الله تلتزم صمت الموافق والمؤيد أمام هذا التنازل الخطير، واعتقد ان الجامعة لم تذهب بهذه الخطوة دون تنسيق مع ابو مازن واخذ موافقته بل، ربما يكون من شجع هذه المبادرة وطالب بها لتحريك العملية السلمية.
رد فعل حماس برفض المبادرة كان واضحا ومعبرا عن تطلعات شعبنا، جاء ذلك على لسان د. موسى ابو مرزوق موضحا أسباب الرفض فقال "رفضنا تبادل الأراضي لان كل الأرض لنا ولسنا مضاربو عقارات"، ولكن هذه الردود لا تكفي للتعبير عن الخطورة الموقف، فالمطلوب تحريك الجماهير لإظهار الموقف الفلسطيني الشعبي الحاسم والرافض لمثل هذه التنازلات، ولإرسال رسالة حازمة اننا لن نقبل العبث بثوابتنا وحقنا في فلسطين.