لم تعد خطة توريط غزة في الأحداث المصرية مقتصرة على الاعلام المصري التحريضي الذي باتت منابره لا ترى إلا ما يراد لها أن تراه، ولا تنقل إلا في حدود الدور المرسوم لها، بل تعدى ذلك الى بعض الجهات المعادية للمقاومة الفلسطينية والتي تحاول استغلال المشهد المصري الحالي لترك انطباع لدى المواطن المصري أن "حماس" هي العدو.
أطراف فلسطينية من مؤيدي السلطة الفلسطينية ومن اليسار شاركت هي الأخرى في محاولة زج غزة بأحداث "المحروسة" في محاولة منها لتشويه صورة حكومتها مما ينعكس سلباً على شعبيتها.
في حين يمثل العدو (الإسرائيلي) المحرض الدائم ضد القطاع، يرى محللون بانه الرابح الأكبر في ظل حالة الاستقطاب بين الأطراف.
ورغم تعدد أهداف كل طرف من خلال توريط غزة بالشأن المصري الداخلي الا أن مصالحهم تتقاطع مع بعضها لإفشال تجربة الاسلاميين في الحكم وأبرزها حماس في غزة .
الردح الإعلامي
ومن الملاحظ أن حالة الربط الفكري والأيديولوجي بين حركة حماس في غزة والاخوان المسلمين في مصر دفعت بين القوى السياسية والاطراف الى التحريض ضد غزة .
وفي السياق يرى المحلل السياسي حسن عبدو بأن غزة ظهرت كورقة سياسية بيد القوى السياسية المصرية الداخلية بسبب حالة الاستقطاب في الشارع المصري، مشيراً الى أن القوى الليبرالية والعلمانية استخدمت ورقة غزة باعتبار أنها جزء من حركة الاخوان المسلمين في مصر .
سياسة التحريض والردح التي تنتهجها وسائل اعلام مصرية جعلت من غزة (بعبع) مخيفا ومصدرا يهدد أمنها القومي، فحين تتصفح المواقع الإخبارية المصرية أو تتابع المحطات الفضائية المعارضة لحكم الإخوان، لابد أن تتصدّر "حماس" شريط أخبارها أو عناوين نشراتها
وتتهمها بالدفاع عن مقرات الاخوان المسلمين ومدهم بالسلاح.
ويؤكد محللون في الشأن السياسي بأن الصحافة المصرية نجحت في التأثير على الرأي العام بتشويه صورة حماس وزجها في أحداث المظاهرات، منبهين بأنه ليس بالتأثير الكبير الذي سيغير المعادلة.
بدوره قال عبدو لـ"الرسالة نت": "تطورت الهجمات الاعلامية المصرية الى أن باتت بما يشبه حالة من الفوبيا في الاعلام من خلال الاتهامات المتكررة بتدخل حماس في الشأن المصري دون أي دليل يقيم الحجة على ذلك".
أطراف فلسطينية
وثيقة سرية تؤكد وقوف حركة فتح خلف الاتهامات الموجهة لحركة حماس بالتدخل في الشأن المصري، هي آخر ما كشف الدور الذي يلعبه أفراد من حركة التحرير الوطني لتوريط حماس في الأحداث المصرية.
وكانت شبكة رصد قد حصلت على وثيقة صادرة من جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح (مفوض التعبئة والتنظيم الأقاليم الخارجية) موجهة لـ"سميح برزق" أمين سر لجنة الإقليم ( لجنة متخصصة بتنظيم عمل أبناء حركة فتح في خارج فلسطين ) ليقوم بالعمل بمضمونها وتوزيعها على أعضاء لجنة الإقليم.
وتظهر الوثيقة التعليمات والخطوات المطلوبة من أعضاء لجنة الإقليم للقيام بها، لاستهداف حركة حماس و التعامل معها في الإعلام المصري .
وفي هذا الجانب يرى المحلل السياسي بأن الجانب الفلسطيني يعيش حالة استقطاب حاد بين حركتي حماس وفتح، منوهاً الى أن بعض الأطراف في حركة فتح تحاول تسديد الضربات نحو حماس، مستغلة الوقت المناسب للمشاركة والتحريض ضدها.
بدوره كشف المتحدث باسم حركة "حماس" سامي أبو زهري عن امتلاك حركته وثائق ومعلومات أكيدة تثبت تورط قيادات في حركة فتح، سواء كانت موجودة في رام الله أو في القاهرة أو حتى داخل قطاع غزة في تشويه صورة حركة حماس أمام الشعب المصري.
واتهم أبو زهري في تصريح صحفي تلك القيادات بفبركة التقارير التي تتهم حركة حماس بالتدخل بشكل سلبي في الشأن المصري، وتقوم بتوزيعها بعد ذلك على وسائل الإعلام المصرية.
ورغم أن حركة حماس تجدد نفيها بين الحين والآخر أي علاقة لها فيما يجري من تجاذبات سياسية في مصر هذه الأيام، الا أن بعض الأطراف الفلسطينية المحسوبة على اليسار ما فتئت تحاول توريطها وزجها بمصر، وتشويه صورتها أمام الرأي العام.
ويؤكد عبدو على تقاطع مصالح الأطراف المشاركة في توريط غزة، لافتاً الى أن الحل هو الخروج من حالة الاستقطاب الفلسطيني.
