الرسالة.نت-محمد أبو قمر
للاستماع الى مقتطفات صوتية من معاناة العائلة اضغط هنا
في مدخل المنزل بدت التشققات وآثار القدم واضحة على الجدران ، فيما غابت خيوط أشعة الشمس عن المكان وتركت الرطوبة رائحتها وعلامتها على السقف والجدران.
في باحة المنزل الضيقة غط مريض القلب نبيل رمضان ريان بنوم عميق ربما هروبا من آلامه وأوضاع أسرته المتدهورة ، أو للابتعاد عن نظرات أطفاله المعاتبة التي تقول "ماذا سنأكل اليوم"؟
بمنطقة السدرة تسكن عائلة ريان المكونة من اثني عشر فردا في منزل مستأجر منذ خمس سنوات لا يصلح للاستخدام الآدمي كما لاحظت "الرسالة.نت".
يتكون المنزل من غرفتين إحداهما خصصتها العائلة لابنها الأكبر المتزوج وبقيت الأخرى والباحة الضيقة لبقية أفراد العائلة المكونة من الأب والأم والبنين والبنات.
اضطرت العائلة لإغلاق الفتحات والنوافذ بقطع أقمشة بالية علها تخفف من حدة البرد القارص الذي يتسرب الى المنزل .
"أحمد" في الثانوية العامة كان يحاول الهرب بنظراته من الأسئلة ، فتقول والدته "أم رمضان" " ابني في التوجيهي ولم أتمكن من توفير دروس خصوصية له ، والله ما أنا قادر، حياتنا تعبانة".
في إحدى غرف المنزل المظلمة يجلس شاب مطأطئا رأسه لا ينظر للآخرين تقول والدته أنه يعاني من تخلف عقلي ، فيما يعاني اثنان آخران من نوبات صرع.
واضطر رب الأسرة لترك عمله قبل خمسة عشر عاما بعد إصابته بمرض القلب الذي جعله طريح الفراش ويقضي معظم الأيام في المستشفى.
" نموت بالبطيء، وننتظر من يتصدق علينا ، حياتنا تعبانة لا ثلاجة ولا غسالة"، كما تقول أم رمضان.
مطبخ المنزل الضيق بدا خاليا من الأطعمة ، ولا تتواجد فيه سوى قطع أوان قديمة، فيما ركنت "أم رمضان" بابور الكاز في إحدى زوايا المنزل ، وهي تقول " الجرة مع الموزع منذ أشهر ولم نستطع طلبها نظرا لعدم وجود الأموال .
ويلتحق ستة من الأبناء والبنات في المدارس لكن أمهم تشير الى أنهم محرومون من ملابس جديدة ، ولا يتمكنوا من الانضمام لأي نشاط مدرسي أو رحلة ترفيهية لعدم توفر المال.
وفوجئت الوالدة صبيحة أحد الأيام بحديث طفلتها في الصف الرابع الابتدائي وهي تقول " يا رب أموت، عيشتنا مش عيشة".
ولم تسدد العائلة ثمن إيجار المنزل الصغير القديم الإيجار منذ فترة طويلة مما أدخلهم في جدل كبير مع صاحب المنزل الذي ينوي إخراجهم منه ، وتقول أم رمضان " وين بدنا نروح ".
استعاضت العائلة بقطعة قماش بدلا عن باب دورة المياه المفقود ، فيما غابت أي مظاهر صحية عن المكان.
تغرغرت الدموع في عين الوالدة التي تلجأ لها كلما ضاقت بها السبل أمام مطالب أبنائها بحياة أفضل ، حيث لم تجد ردا أمام مطالب طفلتها الصغيرة بحاجتها لملابس كبقية زميلاتها بالمدرسة.
"أغلب أيامنا ننام من دون أكل ، في بعض الأحيان جيرانا بيبعتولنا طبيخ ، أدخل شوف المطبخ ما في أي نوع من الخضار ، والفواكه بيمر موسمها وما بنشوفها " بهذه الكلمات لخصت "أم رمضان" معاناة أسرتها اليومية في توفير لقمة عيشهم.
واضطر الابن الأكبر لبيع طقم النوم الخاص به عندما اشتدت صعوبة أوضاعهم ، وتضع زوجته الملابس في صناديق كرتونية ، فيما يضع بقية أفراد الأسرة ملابسهم بخزانة حديدية صغيرة في الغرفة الأخرى .
فور مغادرة "الرسالة.نت" المكان تواصلت مع فاعل خير الذي وفر بعض مستلزمات العائلة اليومية ، ومبلغا من المال ، إلا أن عدة أسئلة بقيت بحاجة الى إجابة "من يستطيع أن يعيش بتلك الظروف؟ وأين أهل الخير من تلك العائلة؟