قائمة الموقع

مقال: الجــنرالات يبيدون غــــــزة

2013-07-23T07:45:39+03:00
أحد الجنود المصريين على الحدود (الأرشيف)
سمير الحجاوي

لا يكتفي الجنرالات المتمردون الخارجون على القانون في مصر باغتصاب السلطة والإطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب، بل ان شرورهم تتجاوز ذلك الى تخريب الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس، ليس في مصر وحدها بل في قطاع غزة المحاصر ايضا، فهم يشددون الخناق على 1.8 مليون فلسطيني من اهالي القطاع ويغلقون المعبر الوحيد الذي يربطهم بالعالم، والأدهى والأمر من ذلك انهم يغلقون الانفاق ويدمرونها بهدف خنق الفلسطينيين لاستكمال مخططهم الانقلابي للإطاحة بحكم حماس هناك من خلال تحويل حياتهم الى جحيم لكي يعلنوا العصيان على الحركة.

عملية الخنق التي يقوم بها الجنرالات الانقلابيون ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ممنهجة ومستمرة، بدأت بحملات اعلامية مركزة على الفلسطينيين وشيطنتهم، وتحميلهم مسؤولية ما يجري في مصر، واتهامهم بشن هجمات مسلحة ضد الجيش المصري في سيناء وغيرها من الاتهامات الباطلة، ثم الانتقال من "الشيطنة الاعلامية" الى منع الفلسطينيين من الدخول الى مصر وهي المنفذ الوحيد لأهالي قطاع غزة الى العالم الخارجي، ووضع كل الفلسطينيين في مصر  في دائرة الخوف من الترحيل او الاعتقال بدون اي سبب.

ما يقوم به الجنرالات الخارجون على القانون في مصر ضد الفلسطينيين خطير جدا، فهذا يعني ان هذا الشعب لا يواجه العدو الاسرائيلي فقط، بل يواجه عدوانا من الجنرالات والفلول واعلامهم ومنظوماتهم الفاسدة التي بناها نظام مبارك المخلوع، الذي يتسلل للعودة الى الحكم من جديد.

لقد تآمر نظام مبارك المخلوع على الشعب الفلسطيني وشدد الخناق عليهم، وكان شريكا للاسرائيليين في عدوانهم عليهم دائما، ويكفي ان نعيد الى الذاكرة ان وزيرة خارجية الكيان الاسرائيلي تسيبي ليفني اعلنت الحرب على قطاع غزة من قلب القاهرة، وبموافقة مصرية وتنسيق اشرف عليه مدير المخابرات المخلوع عمر سليمان شخصيا، كما نشرت الصحف الاسرائيلية في حينه، واليوم يكمل اتباع عمر سليمان ما بدأه عبر معاودة التنسيق الامني مع الكيان الاسرائيلي على اعلى مستوى، وتكفي الاشارة الى ان طائرة مروحية عسكرية مصرية دخلت اجواء قطاع غزة بعد الانقلاب وحلقت في سماء رفح وخان يونس لمدة ساعة كاملة وبموافقة إسرائيلية.

يحاصر الاسرائيليون قطاع غزة من 3 جهات في حين يحاصره الجنرالات الانقلابيون من الجهة الرابعة، ويسومون اهالي القطاع والزوار سوء العذاب على معبر الجحيم المسمى "معبر رفح" حيث يعاملون بطريقة لا انسانية وتفتقر الى اللياقة، وتنتشر الرشوة "لتمشية الامور"، ولم تقف الامور عند هذا الحد بل تعداها الى هدم الانفاق وإغلاقها مع انها الشريان الوحيد لقطاع غزة المحاصر.

الجنرالات الانقلابيون ينفذون مخططا خطيرا لخنق غزة من الوريد الى الوريد عبر اغلاق الانفاق وتدميرها، وهم الذين اجبروا الفلسطينيين "منذ عهد المخلوع مبارك" على التحول الى "كائنات تحت أرضية تتحرك تحت الارض بدل ان يتحركوا فوقها في واحدة من اكثر عمليات الاذلال وضاعة في التاريخ الانساني.

لقد ادى اغلاق تدمير الانفاق الى توقف 80 في المائة من العمل في قطاع البناء والإنشاءات بسبب عدم وجود مخزون من مستلزمات البناء يكفي لمواصلة العمل، وهذا ما يوضحه نقيب المقاولين الفلسطينيين المهندس نبيل ابو معيلق بقوله "ان الحصار على الأنفاق وصل إلى نسبة 100%على المواد في قطاع المقاولات والبناء والمواد الخام والتجارية، مما ادى الى تأجيل عدد من المشاريع القطرية كمدينة حمد السكنية، كما تأجل فتح مظاريف بعض العطاءات، وتأجيل طرح عطاء المرحلة الأولى من مدينة الشيخ حمد ومستشفى حمد وشارع الرشيد-المرحلة الأولى والثالثة، والتي كان من المفروض تسليم عطاءاتها اليوم (الأحد).

ولا تقف الامور عند توقف البناء بل يتعداها الى اضرار خطرة اخرى مثل شح المواد الغذائية والأدوية وارتفاع الاسعار بشكل كبير جدا، وتدهور العمل في المستشفيات والمراكز الصحية بسبب شح الوقود، وتعطل حركة النقل في قطاع غزة وحدوث كارثة صحية وبيئية وإنسانية واجتماعية في القطاع وانهيار البنى التحتية وتدمير الاقتصاد المحلي بسبب عدم توفر المحروقات والمواد الإنشائية، الامر الذي يزيد من معدلات الفقر والبطالة المرتفعة جدا والتي تصل الى 70 في المائة من سكان قطاع غزة

وهنا من المهم التأكيد ان توقف العمل بالمنحة القطرية والتي تبلغ 400 مليون دولار سيزيد من معاناة الفلسطينيين هناك ويوقف عجلة التنمية في القطاع، فقد توقف العمل في المدارس، فأعمال البناء توقفت في 39 مدرسة جديدة مما يؤثر على العملية التعليمية، وتوقف استكمال 12 مدرسة قيد التنفيذ، وقد ارتفع سعر طن الاسمنت من 140 دولارا الى 365 دولارا للطن.

هذا الوضع المأساوي دفع مؤسسة حقوقية أوروبية الى التحذير من وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة، وقال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان":"إن مسار الأحداث في غزة ينذر بحدوث كارثة حقيقية تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لإغاثة القطاع وإنقاذ قرابة مليون ونصف مليون مواطن من مأساة إنسانية". وأضاف المرصد "إن أزمة نقص الوقود تنذر بكارثة حقيقية خلال ساعات قليلة في مستشفيات ومراكز وزارة الصحة، كما أنها ستلقي بظلالها على القطاع البحري، إذ يهدّد توقف العمل عن الصيد جرّاء نفاذ الوقود اللازم لتشغيل مركبات الصيد، ما يقارب أربعة آلاف صيّاد يعيلون آلاف الأسر الفلسطينية، وفي حال عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محطات معالجة المياه العادمة فسيتم دفعها نحو البحر، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى كارثة بيئية حقيقية.

ان الحصار على قطاع غزة عمل "بربري همجي لا اخلاقي ولا إنساني يمنع الفلسطينيين من الحياة كبشر لهم حقوق، وهو حصار يشارك فيه الاحتلال الاسرائيلي والجنرالات الخارجين عن القانون، مما يجعل من مطالب رفع الحصار عن قطاع غزة مطلبا ضروريا لانقاذ الفلسطينيين هناك.

ان الحصار الذي يفرضه "الجنرالات الانقلابيون والاحتلال الإسرائيلي جريمة ضد الانسانية وحرب ابادة صامتة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وهذا ما يجب ان ينتهي.

اخبار ذات صلة