قائمة الموقع

مقال: تغليب الحل الأمني جريمة كبرى بحق مصر

2013-07-29T06:40:59+03:00
مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

يرى البعض أن كثرة الحديث فيما يجري في مصر هو إهمال للقضايا الوطنية الفلسطينية كالقدس واللاجئين والاحتلال والشأن الفلسطيني الداخلية من مصالحة وغيرها، ولكن الحقيقة أن هذا الاهتمام الذي يرى فيه البعض أنه مبالغ فيه هو هروب من معالجة القضايا الوطنية والانكفاء عليه بدلا من الانشغال في شان مصر وأوضاعها الداخلية.

اعتقد أن طريقة التفكير هذه غير مسئولة وهي لا تدري حجم التأثير الذي يمكن لمصر أن تلعبه على المستوى العربي والإقليمي الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر وكبير على القضية الفلسطينية التي ارتبطت بعمقها العربي والإسلامي وعلى رأس هذا العمق مصر، وما يجري فيها لا يمكن فصله عن فلسطين والقضية الفلسطينية، لذلك يأتي هذا الاهتمام بمصر وأحداثها لأن الواقع والماضي يؤكد ألا انفصال بين الساحتين المصرية والفلسطينية وتأثرهما ببعضهما البعض.

ما يجري في مصر يشي بأمور خطيرة قد تعصف بمصر والمنطقة وتضعهما على فترق طرق يحمل بذور التدمير والخراب وقد حذرت في مقال سابق من قضية الاحتكام للشارع بأنها وصفة للاحتكام للفوضى، والفوضى لا تؤسس لدول ولا لنظام إنما تؤسس لخراب ودمار. وما حدث في مدينة نصر بالقرب من منطقة رابعة العدوية من مجزرة لم ترتكب في التاريخ المصري على أيدي الجيش أو الشرطة وهذا ناتج عن سوء تقدير للموقف من قبل السلطة الحاكمة في مصر بعد الانقلاب العسكري على رئيس شرعي مدني منتخب والنتيجة هي مقدمات لحرب أهلية نرجو الله أن يجنب مصر الفتنة والنزاع والخلاف.

الصورة في مصر مخيفة حقيقة وهي تشير إلى مزيد من الدماء وان من استمع للمؤتمر الصحفي لوزير الداخلية المصري محمد إبراهيم لا يرى فيه إلا تغليبا للحل الأمني -على طريقة بشار الأسد- على أي حل آخر رغم المبادرات التي تقدم على الساحة السياسية المصرية والتي كان آخرها مبادرة الدكتور العوا ومفكرين وعلماء وسياسيين وقانونيين مصريين والتي من قراءة للواقع تقول أن مصيرها الرفض من قبل السيسي وفريقه لأن هناك خشية من مآلات عودة الشرعية المنتخبة وان قائد الانقلاب وبعض مناصريه يتحسسون رؤوسهم لذلك سيرفضون بشكل كبير ويعتبرون أن المبادرة مقدمة مما يسمونه الإسلام السياسي ( مصطلح مغلوط، لان الإسلام لا يفرق بين الدين والسياسة كما يرى أصحاب المصطلح) وسيعملون على استكمال مخططهم في السيطرة بالقوة على الشارع السياسي المصري والعمل على اقتحام الميادين وإراقة مزيد من الدماء الأمر الذي سيدفع المجتمع المصري إلى حالة مشابهة لما يجري في سورية. لذلك نتمنى على العسكر أن يتوقفوا ويفكروا قليلا قبل تغليب الخيار الأمني الذي لن يكون عاملا رابحا لأي طريق بل سيدفع المصريون ثمنا كبيرا مقابل هذا الحل الشيطاني التي تحدث عنه وزير الداخلية، ونتمنى أن ينهض العقلاء والحكماء في كل الأطراف من أجل تدارك الموقف قبل انفجار الوضع في مصر وحدوث مقتلة لا تحمد عقباها.

اختم بالمضحك الذي خرجت به النيابة المصرية والتي وجهت اتهاما إلى الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي بالتخابر مع حماس. هذا اتهام موجه من النيابة بعد شكوى تحمل هذا الاتهام وهو ليس من جهات رسمية وإلا كان يجب تقديم الكثير من قيادات مصر السياسيين والعسكريين لاتصالاتهم مع حماس، ولكن الاتهام يهدف بالأساس لتقديم التبرير أمام الرأي العام الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية التي طالبت بالإفراج عن الرئيس مرسي أو تقديم لائحة اتهام فكانت هذه اللائحة التي أول ما نُظرت في محاكم الإسماعيلية ولم تقدم النيابة إلى دليل على الاتهام وهي الآن تجدد في القاهرة.

ولكن في نفس الوقت إن هذا الاتهام لمرسي بالتخابر مع حركة حماس هو استكمال لحالة التشويه لفلسطين ومقاومتها واستكمال للحملات المشبوهة التي يقودها الإعلام المصري المأجور والذي يقوده أصحاب المصالح ممن ترسم لهم سياساتهم عبر غرف عالمية تشارك فيها (إسرائيل) وأمريكا بعض دول الخليج وجزء من الفلسطينيين.

ونؤكد أن عمق العلاقة الفلسطينية المصرية ستطوي هذه الصفحة السوداء التي يعمل هذا الإعلام على ترسيخها في العقل المصري، لأن هذه العلاقة أقوى من عملية تشويه أو أكاذيب تصنع بوعي من صانعيها من أجل ضرب هذه العلاقة الأزلية ولن ينجحوا وستنهض مصر وتتجاوز هذه المحنة رغم ما ستدفعه من أثمان كبيرة من شهداء ودماء.

اخبار ذات صلة