قائد الطوفان قائد الطوفان

قد يضيع الأجر

"إني صائم"..تخرج بعد إفراغ شحنة العصبية

غزة/ أمينة زيارة      

قال صلى الله عليه وسلم: "الصوم جُنة، فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم" هذا الحديث جمع قيماً تربوية دعا إليها الإسلام العظيم تركزت بتجنب الغضب في نهار رمضان، ولكن ما يحدث الآن هو إساءة أدب مع الله في الغضب الذي ينتاب الكثيرين من خلال سلوكيات خاطئة نراها في الشارع والعمل وداخل البيوت وهي تضيع ثواب الصوم، "الرسالة" ناقشت السلوكيات الخاطئة في رمضان وأهمها الغضب والعصبية.

خارج عن الإرادة

في النهار الأول لشهر رمضان رصدت "الرسالة" تاكسي أجرة مع سائق عصبي المزاج، حيث بدأ بالتهكم على بعض السائقين ومزاحمة الآخرين، علاوة على كيل الشتائم على من سبقه في المرور عبر "إشارة المرور" أو تأخيره عنها، وبعد كل ما قام به قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "اللهم إني صائم" .

وعلى شاكلته الكثير حيث تكثر العصبية والغضب في نهار رمضان سواء في العمل أو الشارع أو داخل البيوت خاصة لدى المدخنين الذين ينقطعون طوال النهار عن التدخين لأجل الصوم، ويقول "أبو محمد ناجي" وهو مدخن منذ عشرات السنين: إن إدمان التدخين يؤثر على الصائم خاصة إن انقطع عن "مزاجه" طيلة النهار مما يدفعه إلى الغضب لأتفه الأسباب, مضيفاً: نشاهد ظواهر مرتبطة بالعصبية التي تنتاب الناس في شهر رمضان وأرى أنه أمر خارج عن إراداتهم مع أن الإسلام دعانا إلى كظم الغيظ.

و تعتبر "أم عبد الله" أن الغضب إساءة أدب مع الله فهناك أحاديث وآيات كثيرة تدعونا إلى التوقف عن الغضب وإمساك أنفسنا عند الغضب لما له آثار سلبية على حياة الإنسان، لكن بعض الناس تغضب بسرعة وتقلب الدنيا ولا تعلم بأنها تخسر الكثير جراء غضبها هذا، وتتابع: تكثر فترات الغضب في شهر رمضان حيث نجده جلياً في الشارع والعمل والبيت، وقد يعطي هؤلاء مبرر شعورهم الضغط النفسي والحصار وضغط العمل لكن القرآن والسنة كانا واضحين جداً في الدعوة لعدم الغضب واتخاذ طرق معينة لمنعه.

" إني صائم"

" إني صائم"، جملة كافية في رمضان لدرء الأخطاء وتجنب الوقوع في المحظور" بهذه الجملة افتتح البقال "أبو حسن" حديثه فقال: يجب أن يتذكر أي صائم عند وقوعه في الأخطاء أو الإشكاليات مع الآخرين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " الصوم جُنة(......) فليقل إني صائم", ويواصل بابتسامة شقت ملامح وجهه الخمسيني: نسمعها من البعض بعد فوات الأوان فنجده يكيل الشتائم والسباب ويتذمر ويتأفف ولا يترك سلوكاً خاطئاً إلا ويسلكه خاصة المدخنين وفي نهاية الأمر يقول " اللهم إني صائم" بعد أن فقد ثواب الشهر في تلك الأخطاء.

إدمان التدخين

وبدورها ترجع الأخصائية النفسية في مركز الصدمات آمال شويدح أسباب عصبية الصائمين وسرعة غضبهم في رمضان إلى أن بعضهم مدمن على التدخين، وعندما ينقطع عن التدخين لبضع ساعات يبدأ يعاني من أعراض الحرمان من التبغ الذي اعتادت عليه خلايا دماغه، فيشعر بالعصبية وسرعة الغضب والتململ والصداع، وضعف التركيز وانخفاض المزاج، والقلق وضعف الذاكرة، واضطراب النوم، "وهي أعراض تختفي خلال أسبوع إن بقي ممتنعًا عن التدخين".

وترى أن التدخين مسلك سلوكي سلبي يجعل المدخن مدمنا، والمدمن بطبيعته إذا مُنع عنه المادة التي أدمن عليها يتغير سلوكه ويشعر بالغضب والانفعال والتوتر والقلق نتيجة المتغيرات التي طرأت على جسده لأن جسده بحاجة للمادة التي أدمن عليها، ونصحت المدخنين أن تجعلوا رمضان فرصة للإقلاع عن التدخين، ويكون مدخل خير لتغيير هذا السلوك السلبي.

مضيفة شويدح: وهذه الأعراض ناجمة عن إدمانه على التدخين، وليست ناتجة عن الصيام بحد ذاته، فالشخص الطبيعي الذي لم يدمن شيئًا لا يمر بها إن صام، كذلك عدم تفهم الصائم الغرض الإيماني والمعنوي للصيام.

وتضيف: الأصل أن الصيام حالة شعورية تحكم السلوك، فالمسلم سريع الغضب في رمضان فتجده عصبياً في عمله وفي بيته وفي كل الأوقات، وهنا لا تتحقق الغاية من صيامه وهي "صيام الجوارح".

اللجوء إلى الله

وتقدم الأخصائية شويدح خطوات عملية لتجنب الغضب قائلة: يجب اللجوء إلى الله والاستعانة به على الغضب، ثم الوضوء والصلاة ركعتين من دون الفريضة، والدعاء بصرف هذا المرض، البعد عن الأماكن والأشخاص والمواقف التي تثير الغضب، تعويد النفس وحملها على الصبر، وتذكيرها بأجر الصابرين، والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، المسارعة إلى الوضوء في حال وقوع الغضب، تغيير الحال التي يكون عليها الإنسان لحظة الغضب، فإن كان جالساً فيقوم وإن كان واقفاً فيجلس وهكذا.

وعن استفادة الطب النفسي من الرؤية الإسلامية لمعالجتها لمسالة الغضب تشير شويدح الى ان الرؤية الإسلامية القويمة عالجت مسألة الغضب بشكل عملي وسلوكي أيضاً، فذكر الله والاستعاذة من الشيطان مسلك نفسي وكذلك تغيير هيئة الشخص الغاضب إذا كان واقفاً فليجلس وإذا كان قاعداً فليتكئ, هذه مسالك نفسية يجب أن يستفيد منها علم النفس والأخصائيين ويتبعونها في حالات الإرشاد الديني.

وتتابع حديثها: لو نظرنا إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تحمله إيذاء قومه والصبر عليهم والدعاء لهم هي طرق للتعامل مع الغضب، فالصبر واللجوء إلى الله أحد الطرق، وكذلك الوضوء والقيام والحركة والاغتسال.

 

 

البث المباشر