بينما توقع كثيرون بدء العملية العسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضد سوريا على الفور، فاجأ الرئيس الأمريكي الجميع بأن الهجوم قد لا يبدأ قبل عشرة أيام.
قد لا يستهوي هذا القرار أولئك الذين يتهمونه دوما بالتردد. ولكن هذا الإرجاء ربما يكون على هوى معظم أعضاء الكونغرس.
ومن المرجح أن يتمكن أوباما من الحصول على تأييد أغلبية أعضاء الكونغرس، وذلك من خلال مراجعة التصريحات التي أدلى بها معظم أعضاء المجلس لوسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية.
ويعتقد أوباما أنه سيحصل على تأييد الكونغرس، ولكن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، كان يعتقد، هو الآخر، أن حصوله على تأييد مجلس العموم للمشاركة في هذه الضربة العسكرية مضمون أيضا.
وكان لقرار مجلس العموم البريطاني رفض المشاركة في عملية عسكرية ضد سوريا انعكاسا مباشرا على قرار أوباما. ودفعت هذه الصدمة بعض مستشاري البيت الأبيض للامتعاض من عرض القرار على الكونغرس.
ولكن مصادر داخل البيت الأبيض أشارت إلى أنه سيجري دعوة الكونغرس للانعقاد من أجل مناقشة القرار.
تجدر الإشارة إلى أن بريطانيا واجهت اتهامات في الماضي بالاستسلام للولايات المتحدة، ولكن قرار مجلس العموم الأخير أفقد أوباما دعما حيويا من حليفه التقليدي.
ويلفت المراقبون الأنظار إلى إشارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لفرنسا باعتبارها "الحليف الأقدم". وهو ما يوضح مدى حاجة أوباما إلى الدعم المعنوي على الصعيد العالمي لتأييد موقفه.
يذكر أن الفرنسيين تحالفوا مع الولايات المتحدة ضد البريطانيين في الحرب التي دارت رحاها من عام 1778 حتى عام 1783.
وعلى الصعيد الشعبي، بدأ محتجون في الولايات المتحدة يرددون الهتافات التي تشيد بالموقف البريطاني. وبدا أن أوباما في حاجة لرد من الكونغرس على هذه الهتافات، فإذا كان برلمان بريطانيا رفض فقد وافق برلماننا.
هذا في حالة موافقة الكونغرس. أما في حالة الرفض، فبدلا من إظهار أوباما بالرئيس الضعيف، يكون لديه الحجة لإظهار أنه يقدر، ولكن يديه مكبلتان.
الجدير بالذكر أن برنامج أوباما الانتخابي تضمن إنهاء التدخل العسكري الأمريكي في العراق.
ويطالب الكثير من المؤيدين أوباما بالتركيز على "بناء البلاد من الداخل".
ولكن بدا أن أوباما أسرف في وضع الخطوط الحمراء التي قيدت من حركته لاحقا، بحسب مراقبين. وها هو الآن أضحى في حاجة ماسة إلى إرسال إشارة إلى كل من إيران وكوريا الشمالية.
ومؤخرا، أشار استطلاع للرأي أن ثمانين بالمائة من الأمريكيين يعتقدون أنه ينبغي أن يعرض الأمر على الكونغرس قبل أن يتم اتخاذ القرار بالتدخل العسكري.
ولن يحظى قرار الحرب غالبا بتأييد كبير. خاصة وأن بناء تحالف دولي يشارك في هذه الضربة العسكرية أمر غير مؤكد، بالإضافة إلى المعارضة التي يمنى بها مثل هذا القرار على المستوى المحلي.
موقف الرئاسة الأمريكية ضعيف لهذه الأسباب.
وفي هذه الحالات، من المنطقي تشاطر المسؤولية عن العمل الذي لا يحظى بشعبية جارفة مع سياسيين آخرين.
ولأسباب داخلية فإن طلب قرار من الكونغرس في هذا الشأن يمكن أن يبقي على تماسك الكونغرس.
وأخيرا، فإن البعض يرى بأن الاستماع إلى قرار الكونغرس هو السبيل الديمقراطي الأجدر بالاتباع.
مارك مارديل محلل الشؤون الأمريكية- BBC