"أطالب الفريق عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة بأن يأمر الطائرات العسكرية المصرية بضرب بؤر الإرهاب وحركة حماس في قطاع غزة".
لم تخرج هذه الكلمات من جنرال أو سياسي بارز, وإنما تشدق بها إعلامي مثير للجدل يطل برأسه عبر قناة "الفراعين" المصرية يدعى توفيق عكاشة.
يحرض عكاشة منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي على غزة وحماس ببجاحة, ويكيل الإتهامات للحركة وللفلسطينيين, وسرعان ما يضرب كفه على الطاولة زاعما أن لديه وثائق.
الإعلامي عكاشة ظهر عبر "الفراعين" يوم السبت الحادي والثلاثين من أغسطس الماضي, وطالب الفريق السيسي بضرب غزة للقضاء على حماس وما وصفها بؤر الإرهاب الفلسطينية.
يظهر من خلال حديث عكاشة تخطيه لأدبيات الإعلام, وكونه إعلامي ليثار لدى الفلسطينيين جدل في تفسير ظاهرته, فمنهم من وصفه برجل المخابرات, وآخرين وصفوه بـ"البهلول".
تصاعدت بالتوازي مع حديث عكاشة حملات أمنية مصرية لهدم الأنفاق بين غزة ومصر, كما يحاول الجيش العربي فرض منطقة عازلة بين الجارتين مستدعيا قوات عسكرية كبيرة.
وسبق أن خاطب عكاشة المشاهدين في الرابع والعشرين من يوليو بالقول: "سيوجه جيش مصر العظيم ضربة عسكرية شديدة إلى غزة, إذا لم يتحرك الشعب ويعلن الثورة على حماس".
كما ألمح عكاشة لزعزعة الإستقرار في غزة يوم الرابع عشر من مارس العام الجاري بإدعائه أن القطاع لا يوجد فيه أجهزة أمن, قائلا: "كثيرا من الناس في غزة ليسوا مثقفين ويقال لهم إن القطاع به وزارة داخلية".
فمن أين تتوقع أنه يستقي معلوماته الأمنية؟ ومن يقف خلفه ويعطيه الضوء الأخضر للتحريض على الفلسطينيين؟ وما علاقته بمحاولات البعض إثارة القلاقل في القطاع؟ كل هذه الأسئلة تثيرها مساحة الحرية التي يتحدث بها عكاشة عبر قناة تلفزيونية!
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف رأى أن عكاشة يستقي معلوماته من خياله الذي وصفه بالمريض, ومن أجهزة أمنية مصرية, وخلية مختصة في تشويه الفلسطينيين والتحريض على المقاومة في غزة.
وقال الصواف في حديث لـ"الرسالة نت" إن عكاشة لا يعرف إلا القليل المشوه عن غزة والشعب الفلسطيني ويوظف ذلك في هجمته الإعلامية وتطبيق ما يرسم له من سياسات بأثمان أمنية وسياسية ومالية.
وأوضح أن الذي يمارسه عكاشة عبر قناة "الفراعين" لا يمكن وصفه بالإعلام, قائلا: "عكاشة ينشر كذبا ممنهجا يعتمد على فبركات تحتوي على جزء يسير من الحقائق لتحبك بشكل إعلامي, ولا نستغرب من التحريض على قتل الفلسطينيين، فقد سبق أن حرض على قتل المصريين".
ما يدور في الخفاء أعظم مما ينبئ به الإعلام المصري, بحسب ما كشفه الفريق المتقاعد سامي حسن عن مخطط عسكري مصري لخنق غزة وإجهاض تجربة حماس في الحكم بتمويل إمراتي.
وقال حسن في تغريده له عبر "تويتر" إن "هناك مخطط عسكري يقوده الفريق السيسي لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية في الأيام القادمة, موضحا أن الهدف من المخطط التضيق على الفلسطينيين وقطع الإمدادات التموينية التي تصل عبر الأنفاق لسكان القطاع وخاصة المحروقات".
وأوضح أن المجلس العسكري بقيادة الفريق السيسي يأمل قطع الطريق على حماس وإفشال تجربتها بالحكم في غزة كما حصل بمصر في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين التي خرجت حماس من رحمها.
وأشار حسن إلى أن إفشال تجربة الإخوان في مصر سيعزز من نجاح ما وصفها الثورة المضادة في غزة، وهذا الأمر يدفع الفلسطينيين داخل القطاع إلى ما وصفها "بالثورة" على حماس.
وأوضح أن التطبيق الفعلي لهذه المؤامرة بدأ إعلامياً من قبل العديد من وسائل الإعلام المحلية والعديد من القنوات المصرية ومن قبل بعض الشخصيات الإعلامية، وسيبدأ في الأيام القادمة التطبيق العملي شعبياً بعد الانتهاء من المشاكل التي تواجه القوات المسلحة داخل سيناء.
إبراهيم المدهون الكاتب المحلل السياسي وصف عكاشة بـ"البهلوان", مؤكدا أنه يحصل على بعض المعلومات الأمنية التي ربما تكون صحيحة ويخلطها بكثير من الأكاذيب.
وقال في حديث لـ"الرسالة نت" إن عكاشة يحمل خيالا خصبا ويؤثر في طبقة معينة من المجتمع المصري لهذا يجري استغلاله من قادة الانقلاب لأهداف كثيرة.
وأوضح المدهون أن عكاشة يطلق الكثير من بالونات الاختبار عبر برنامجه لقياس ردات الفعل في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بقطاع غزة.
وحذر من أن التحريض الذي يمارسه الإعلام المصري "خطير وذو طبيعة عدوانية ولا أحد ينكر أن الفريق السيسي يحمل الشر للفلسطينيين في غزة".
وأشار المدهون إلى أن الساحة الإعلامية المصرية تعيش حالة من الفوضى والترهل والعبث ولا توجد قواعد أو قانون ما يسمح لعكاشة وغيره من الإعلاميين استغلال الشاشة للتحريض وفق أجندة خاصة.
ولم يستبعد المدهون أن يتراجع عكاشة عن مواقفه في حال فشل الإنقلاب في مصر والمخطط الذي يحاك ضد غزة ويتوجه لشتم الفريق السيسي ورفع صور كتائب القسام, حسب تعبيره.
ظاهرة عكاشة بدأت تتسلل كمرض عضال لعقول الكثير فتجدهم يستقون أخبارهم منه وينفثون بها في المجتمع دون التحقق مما يزعم الإعلام المصري بعد الإنقلاب.