هل نشاهد الممثل الأمريكي "سلفستر استالوني" الشهير بـ"رامبو" قريباً يؤدي فيلماً في جبال إيران بعد حالة التصالح غير المعلنة مع "الشيطان الأكبر" !.
أولئك العاملون في صياغة تصريحات الغزل السياسي يراجعون الجمل كثيرا استعدادا لتلقي تحليلات الصحافة سريعة الطلقات !! فما بعد التصريحات كثير من الحديث وبعض من الآمال الاجتماعية والثقافية وصولاً إلى استضافة سينمائية متبادلة.
أكثر المنزعجين من الغزل الأمريكي-الإيراني هي (إسرائيل) التي خلعت ثوب حضارتها الشرق أوسطية هذه المرة وعادت للحديث عن استخدامها لكامل القوة ولو بدون مساعدة "أمريكا" إن مضت طهران قدماً في برنامجها النووي .
مارست (إسرائيل) هذه اللهجة قبل أسبوعين لكنها في الأيام الثلاثة الماضية تزيد من حدتها حيث أسماها كثير من المحللين والمتابعين حالة ابتزاز واضحة منها نحو أصدقائها وعلى رأسهم أمريكا.
التقارب بدل الحرب
لا عيب في ممارسة سلوك "الحرباء" عند اتخاذ المواقف السياسية فاقتضاء المصلحة يبرر استعمال كامل الألوان في حضرة الأصدقاء المرتقبين والأعداء القدامى.
المراوغة الأمريكية في غابة السياسة الدولية لم ترق لـ(إسرائيل) التي اعتادت أن تكون الشبل المدلل في رعاية ملك المكان والزمان.
يأتي كل ذلك في ظل تصنيف جديد للسياسة الدولية ولو جزئياً نحو إيران فكثير من الدول تخطب ودّ "أمريكا" وتتبع لهجتها الطريّة الجديدة نحو طهران وقليلون يحافظون على شعور (إسرائيل) فلكل مصالحه!.
ويرى د. خالد صافي المختص في شئون الحركات الإسلامية أن حالة التقارب الأمريكي-الإيراني مردها أولاً إلى فشل مخطط أمريكا في سوريا بسبب قوة الموقف الروسي تجاه سوريا.
أما الأمر الثاني فهو إخفاق الولايات المتحدة في كل من الوحل الأفغاني والعراق لذا هي لا ترغب في فتح باب مواجهة جديد.
ويضيف: "يقدم الرئيس الإيراني حسن روحاني خطاب جديد يؤكد فيه أن برنامجه النووي سلمي لذا نشهد الآن تقارباً إيرانياً-أمريكيا تحت نظر (إسرائيل) المستاءة مما يجري".
أما د. عدنان أبو عامر الباحث في الشئون (الإسرائيلية) فيقول أن حالة عدم الرضا (الإسرائيلية) تتصاعد وتطورت مؤخراً لوضع حد لهذا التقارب المزعج لها .
وتستخدم (إسرائيل) حسب رأيه عدة أدوات أهمها الضغط من الداخل الأمريكي عبر "الكونجرس" و"اللوبي بأنواعه" وكذلك التلويح بضربة عسكرية والتهديد بخوض غمار المعركة وحدها .
ويشير أبو عامر أن تلك المساعي ليس بالضرورة أن تكلل بالنجاح لكنها تمضي في التهديد لأنها تدرك أن إيران تستفيد من الوقت بينما يفهم "روحاني" أن ثمن أي حرب قد يكون باهظاً لذا يدير دفة الحديث ببراعة.
التصعيد الأكثر !
هناك فرق كبير بين الإرادة (الإسرائيلية) المتعلقة بالإمكانات والرضا (الإسرائيلي) المؤدي لامتداح الآخر في السياسة الخارجية المحيطة بها وبالعكس .
ويؤكد الدكتور صافي أن (إسرائيل) تحاول من سنوات طويلة جرّ أمريكا للاصطدام مع إيران وتحريضها بكافة السبل بينما هي الآن أكثر انزعاجاً من ذي قبل .
ويضيف: "تقول (إسرائيل) إنها على استعداد للتصعيد حتى أنها صعدت لهجتها نحو بريطانيا وكثير من الدول التي تؤيد التقارب مع طهران وهي تلوح باستخدام القوة لذا تستعرض قوتها ودبلوماسيتها على العالم".
وكان الوزير (الإسرائيلي) السابق، تساحي هنغبي قد أكد أن (إسرائيل) قادرة بمفردها على مواجهة إيران وشن هجوم عسكري ضدها في حال رفض الغرب والولايات المتحدة القيام بذلك مشيراً أن تجربة الماضي تدل على أن الغرب ليس معينا بالوصول لمواجهة مع إيران .
ويذكرنا تهديد (إسرائيل) الحالي لطهران بقصة محاولة وزير دفاعها السابق موشى دايان حين رسمياً من رئيسة وزرائه غولدا مائير تفويضاً باستخدام السلاح النووي.
وقد رفضت "غولدا مائيير" طلب دايان لكنه استخدم لابتزاز الولايات المتحدة بالتهديد باستخدامه وتسارع واشنطن إلى التدخل بدعم سريع لدولة الاحتلال يغير مسار الحرب، وهو ما حدث فعلاً، وتضمن الدعم تسعة أنواع من القنابل العنقودية المحرمة دولياً .
روحاني يقود إيران
يقف في قمرة القيادية الإيرانية الآن "إصلاحي جديد" يجيد المناورة السياسية من فوق مقود السفينة التي ستحمل قريباً سلاحا نووياً .
ويقول د. أبو عامر الباحث في الشئون (الإسرائيلية) إن إيران تحاول شراء المزيد من الوقت إلى حين تمكنها من إنتاج سلاحها النووي قريباً في عهد روحاني.
ويتابع: "المجتمع الدولي أمام انزعاج (إسرائيل) وتقارب أمريكا مع إيران ليس على قلب رجل واحد فمعظمه سيتبع رأس الهرم -أمريكا- وهو ما شاهدناه مؤخراً في موقف بريطانيا فيما هناك من له صداقة وعلاقة أقوى مع (إسرائيل).
أما د. صافي فيؤكد أن إيران كان لها منذ بداية الثورة الإسلامية خطاب سياسي وإعلامي نحو أمريكا وصفها بـ"الشيطان الأكبر" لكنه الآن يميل للاعتدال في عهد "روحاني" متوقعاً أن يتلو التقارب السياسي تقارب إعلامي لم تتضح معالمه بعد بشكل واضح .
ولن تجد (إسرائيل) بداً من الجنوح للهدوء أمام الموقف الأمريكي المعلن من إيران وإتباع الدول المؤثرة إقليميا ودولياً لها في لهجة التقارب نحو إيران وربما استضافة روحاني على أراضيها.