قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: جريمة دبي "2"

بقلم: أ. وائل عبد الرزاق المناعمة

     لا شك أن جريمة الموساد على أرض دبي تعتبر من أفشل العمليات الجبانة التي ينفذها الجهاز في تاريخه حيث تم اكتشاف المجرمين في غضون أيام قلائل على غير العادة التي ينفذ فيها هذا الجهاز عملياته دون ترك أي أثر يدل عليه, ولكن يبقى السؤال مطروحاً وهو لماذا هذه الحملة العلنية التي يقودها مدير شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان ضد أفراد الموساد الذين نفذوا عملية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في فندق البستان روتانا داخل دبي في العشرين من الشهر الماضي خاصة وأن دولة الإمارات العربية حليف استراتيجي لأمريكا والدول الغربية, عدا عن فتح أبوابها أمام الإسرائيليين سواء كانوا سياسيين أم رجال مال وأعمال, وفي المقابل الإمارات غير معنية بتطوير علاقتها مع حركة حماس كونها مرفوضة من النظام الأمريكي وغالبية النظم الغربية.

من الواضح أن هذه الحملة التي تقودها دبي ضد الموساد لم يكن لها أن تكون لولا الضوء الأخضر الذي حصلت دولة الإمارات عليه من الولايات المتحدة الأمريكية كون الأخيرة غير راضية عن فعل الموساد وتنفيذه لعملية الاغتيال على أرض دبي، حيث أن دبي على وجه التحديد إحدى المدن التي تقع تحت السيادة الأمريكية غير المباشرة إذ  تبلغ نسبة الأجانب فيها حوالي 80% في مقابل 20% فقط للسكان الأصليين، وهناك نسبة كبيرة من الأمريكان من هؤلاء الأجانب, ويأتي الرفض الأمريكي لدخول الموساد أرض دبي وتنفيذ عملية الاغتيال خشية فتح المجال أمام حركات المقاومة بأن تأخذ على عاتقها القيام بعمليات رد وانتقام قد تطال المواطنين الأمريكان أنفسهم وهذا ما لا ترغب به الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك سبب آخر يجعل من الولايات المتحدة الأمريكية ترفض فعل الموساد على أرض الإمارات العربية ويكمن في أن الإمارات العربية وخاصة دبي تضم الكثير من المؤسسات والمصالح الاقتصادية الأمريكية أو التي تعمل لصالح أمريكا، بمعنى آخر أن دبي تعتبر إمارة أمريكية في منطقة الشرق الأوسط وهذا يجعل من أمريكا غاضبة عند دخول الموساد إلى أرض دبي دون الحصول على إذن مسبق منها حتى لا يفتح المجال كذلك أمام عمليات الاستهداف والانتقام التي تضر بالمصالح الاقتصادية الأمريكية.

نتيجة الأسباب سابقة الذكر كان من المنطقي أن تشرع دبي بكشف خلية الموساد والبدء بعملية ملاحقة يقودها الانتربول الدولي لاعتقال ومحاكمة منفذي عملية الاغتيال.

وفي المقابل هناك غموض حول طبيعة تعاطي الدول الغربية خاصة الاتحاد الأوروبي مع استخدام جوازات أربع دول منها من قبل الموساد في عملية الاغتيال حيث لم يرتق الموقف الأوروبي إلى إدانة دولة الاحتلال صراحة على هذا الجرم المتكرر من قبل الموساد مما يثير التساؤل حول مدى التواطؤ الغربي مع جرائم الموساد ضد رموز المقاومة.

البث المباشر