غزة-الرسالة نت
دعا مشاركون في ندوة نظمتها وزارة السياحة والآثار بغزة اليوم، إلى ضرورة توحيد الجهود العربية والإسلامية لنشر الوعي بما يحدث في القدس، على اعتبارها ركيزة للاستقرار والأمن العالمي والتحذير من خطر التطرف الصهيوني الذي يتنامى في المنطقة و يهدد استقرار الأمن العالمي.
وأكدوا على الوحدة الوطنية الفلسطينية والالتقاء حول قضية القدس وتجاوز الخلافات القائمة، مشددين على دعم صمود أهل القدس مادياً ومعنوياً وإعلامياً وتضمين تاريخ القدس والمقدسات في المناهج التعليمية في المدارس والجامعات العربية.
وأكد وزير السياحة والآثار الدكتور محمد رمضان الأغا خلال الندوة التي حملت عنوان:" المواقع الأثرية بين سياسات الضم للتراث والتهويد"، أكد أن أرض فلسطين عربية إسلامية خالصة وما يحدث فيها من انتهاكات اعتداء على الأمة العربية والإسلامية.
واعتبر أن إعلان حكومة الكيان الصهيوني ضم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، ومسجد بلال بن رباح في مدينة بيت لحم إلى قائمة المواقع الأثرية والتي ستضم أيضاً أماكن أخرى كثيرة من بينها قبر يوسف في نابلس "زيف يجب التصدي له بالقوة وعدم تمرير المخطط الإسرائيلي بشتى السبل والوسائل".
و وشدد على أهمية أن تقوم الهيئات والفعاليات في العالمين العربي والإسلامي بدورها في نشر ثقافة القدس دينياً وحضارياً في مؤسسات دولهم لإحياء هذه القضية وفضح الممارسات الإجرامية بحق بيت المقدس وأهلها و إبراز قيمة بيت المقدس في إحياء روح التعاون والتعايش الديني والإنساني، مطالباً الدول العربية والإسلامية والهيئات العربية والإسلامية الدولية وكافة المؤسسات ذات العلاقة بالقدس الاضطلاع بدورها في المحافظة على عروبة القدس وإسلاميتها وديمغرافيتها السكانية والعمرانية والوقوف أمام محاولات طمس هذه الهوية.
وطالب الأغا القادة العرب بضرورة عقد مؤتمر قمة عربية لبحث قضية القدس ووضع البدائل العملية للوقوف أمام تهويد القدس، مناشداً إياهم تضمين خطاباتهم ومناقشاتهم مع رؤساء الدول الأخرى قضية القدس وما تتعرض له من مؤامرات، إضافة إلى مخاطبة أمين عام الأمم المتحدة بضرورة دعوة الهيئة العامة للأمم المتحدة لدراسة موضوع المقدسات الإسلامية والمسيحية وضرورة اتخاذ قرار دولي لمنع العبث الصهيوني بهذه المدينة المقدسة.
وشدد الأغا على دعوة المؤرخين الغربيين ومراكز الدراسات الغربية إلى النظر في التاريخ القديم المتعلق بفلسطين وبيت المقدس بنظرةً فاحصةً وعادلة ودقيقة، لأن هذا التاريخ كتب حسب الفكر التوراتي والتلمودي البعيد عن الدقة التاريخية والموضوعية، داعياً الباحثين والدارسين لمدينة بيت المقدس إلى التعامل مع تفسيرات نتائج الحفريات الأثرية التي قام بها الكيان الصهيوني بحرص كبيرو إعادة النظر في كثير من المعلومات والتفسيرات التي يعتمدون عليها في دراساتهم وأبحاثهم والتي سيطرت عليها المؤسسات الصهيونية العالمية.
وشدد الأغا على أهمية وضع إستراتيجية إعلامية عربية إسلامية شاملة للدفاع عن القدس والتحرك بها عربياً وإقليمياً ودولياً تحركاً إيجابياً، موضحاً أن ذلك يكون بتكثيف الجهد الإعلامي العربي والإسلامي عالمياً، وإبراز قضايا القدس عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة بلغات العالم، ودعوة الإعلاميين الغربيين بالإطلاع على الانتهاكات والجرائم الصهيونية ضد الإنسانية ونشر ذلك في وسائل إعلامهم.
من جهته دعا خطيب وإمام المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا الدكتور عكرمة صبري، إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه للتصدي للهجمة الصهيونية الجديدة القديمة على الأقصى والمقدسات، مندداً في الوقت ذاته بقرار الحكومة الإسرائيلية بضم أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس والحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى قائمة المواقع الأثرية اليهودية .
واعتبر خطوة الاحتلال تجاه المحاريب الإسلامية بمثابة إفلاس حضاري، حيث لم تستطع سلطة الآثار العثور على حجر واحد في فلسطين له علاقة بالتاريخ العبري القديم.
واعتبر صبري أن الأمة الإسلامية لن تتهاون تجاه أرض الإسراء والمعراج التي لا تزال تئن تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن قضية فلسطين والقدس هي قضية جميع المسلمين في أرجاء المعمورة، وقال:"المسجد الأقصى المبارك تاج فلسطين، يمثل جزءاً من إيمان المسلمين وعقيدتهم شأنه شأن المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة".
وأكد صبري على أن الحق الشرعي في فلسطين يستند إلى قرار رباني إلهي ولن يضيع هذا الحق بمرور الزمن مهما طال ومهما تعاقبت الأجيال، وأضاف:"إن هذا الحق لن يخضع لتفاوض ولا لتنازل، ولا بد أن يعود إلى أصحابه الشرعيين كما وعدنا عز وجل، رغم الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني المرابط الصابر ".
وتحدث صبري في الندوة عن محاور عديدة، حملت منزلة مدينة القدس في الإسلام و تاريخها وبدايات الأطماع الصهيونية بالقدس وفلسطين، وما تتعرض له في الوقت الحالي من استيطان سرطاني ومخططات تهويد المدينة.
ووضع صبري مقترحات ومعالجات لحماية القدس من التهويد أهمها ما يتعلق بالمحافظة على المؤسسات الفلسطينية الحكومية منها والأهلية و تشجيع الإسكان والاهتمام بمجالي التعليم والصحة ورفع مستواهما وتحسين أدائهما، بما يمكن دعم صمود المواطنين المقدسيين.
من جهته شدد رئيس لجنة القدس في المجلس التشريعي الدكتور أحمد أبو حلبية ، على أهمية بذل كل الجهود من قبل الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم والمنظمات الدولية لنصرة القدس والمسجد الأقصى المبارك والمقدسات والآثار الإسلامية والمسيحية، داعياً توفير الحماية اللازمة للمقدسيين وحفظ حقوقهم وأرضهم وعقاراتهم والعمل على إجبار السلطات الصهيونية على تنفيذ جميع القرارات الدولية الصادرة بخصوص المدينة المقدسة.
واعتبر أبو حلبية أن الاعتداءات والانتهاكات الصهيونية المتكررة والمتواصلة على مدينة القدس ومسجدها الأقصى المبارك وعلى المعالم والآثار الإسلامية تهدف إلى تحقيق أهداف كثيرة من أهمها تهويد المدينة المقدسة بالكامل من خلال تهجير سكان الأصليين وترحيلهم خارج هذه المدينة والاستيلاء على عقاراتهم وممتلكاتهم وأراضيهم وجعل من تبقى منهم أقلية في داخل هذه المدينة المقدسة بين أغلبية يهودية مغتصبة.
وأشار إلى أهداف الاحتلال في طمس المعالم والآثار الإسلامية والعربية في المدينة المقدسة, واستبدال مسميات المعالم والآثار بمسميات يهودية مختلفة، لافتاً إلى سعي الاحتلال للنيل من قدسية المسجد الأقصى المبارك حرمته وذلك من خلال التدنيس والاقتحام المستمر ومن خلال الإعداد لهدمه وتقويض أركانة وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه .
وقال أبو حلبية:"يظن اليهود الصهاينة أنهم بهذا التهويد الكامل لمدينة القدس ومسجدها الأقصى المبارك وطمس معالمها وأثارها يستطيعون السيطرة على الأرض الفلسطينية في القدس من خلال طرد أهلها الشرعيين, وإحلال مغتصبين صهاينة محلهم ولتحقيق هذه الأهداف رسمت سلطات الاحتلال الصهيونية لنفسها سياسات"، لافتاً أن المخططات الصهيونية تهدف للتأثير على الصعيدين الأول سلب الأرض والجغرافيا والثاني الديموغرافيا والسكان في مدينة القدس.
وفي كلمته أكد الأب منويل مسلم رئيس دائرة العالم المسيحي في مفوضية العلاقات الدولية ، أن القدس محاصرة وأصبحت زيارتها تحت رحمة المفاوضات والسلام مع "إسرائيل"، لافتاً أن الجدار العنصري و الحفريات تحت الأقصى المبارك والانهيارات في الشوارع وتصدع الأماكن المقدسة في جدران الأقصى والمسجد المرواني وغيرها من المباني الشعبية "ينبيء بالكارثة".
وأشار إلى تهويد القدس وإزالة معالمها التاريخية والجغرافية والديمغرافية وهدم منازلها ومحاصرة أهلها بالضرائب والمخدرات والجنس وتغيير أسمائها وأسماء أماكنها وشوارعها ومحاولة احلال شعب بدل شعب وأماكن مقدسة بدل أماكن مقدسة وحضارة بدل حضارة، وقال :"إسرائيل لا حضارة لها ولا تراث قي فلسطين، ولو كانت لهم حضارة وتراث لحافظ الفلسطينيون عليها لأنها تراث فلسطين"، مؤكداً أن كل مخططات "إسرائيل" في القدس وفلسطين هدفها إقامة تراث أو الادعاء بإحياء تراث.
واعتبر مسلم أن ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال إلى التراث الإسرائيلي "عنوانا لما تخطط له إسرائيل التي تصر على هدم الأقصى لبناء الهيكل الثالث مكانه لادعائهم باطلا أنه يقوم مكانه وعلينا أن نتصدى لهذا الفكر الصهيوني بتقديم قادته إلى محاكم الله العادلة أولا ثم محاكم ضمير كل إنسان حي قبل أن يقدموا إلى محاكم الجرائم الدولية "، لافتاً إلى تهاون العرب والمسلمون عن نصرة القدس لاقتلاعها من براثن "إسرائيل".
وأكد مسلم على الوحدة الوطنية الفلسطينية سبيل للنضال من أجل القدس، قائلاً:"وحدة المسيحيين قوة للقدس..الوحدة الإسلامية المسيحية قوة للقدس..العلاقات العربية العربية قوة للقدس المؤسسات الفلسطينية قوة للقدس..مقاطعة المنتجات الإسرائيلية قوة للقدس..الإعلام العربي الصحيح قوة للقدس".
غير أن مسلم اعتبر أن الزمن الضائع من التحرير، والمفاوضات الطويلة التي انتهت دون تحقيق أي هدف من أهدافها والمقاومة التي لم يساندها المفاوض الفلسطيني أعطت "إسرائيل" إمكانية هائلة للسيطرة على القدس وفلسطين، مستدركاً:" لكننا بوقفتنا الصلبة وقفة العزة والكرامة والتمسك بثوابتنا ، لن تفلت القدس من أيدينا ونعلن أن المقاومة بالمحبة حدّها قبول الآخر بالعدالة وإلا فإنها ليست هي الأداة الوحيدة في يد الفلسطيني المسيحي والمسلم ".
ودعا العرب إلى اتخاذ قرار سياسي واضح وحازم في شان القدس لان طموح "إسرائيل" لن يتوقف على القدس بل سيمتد إلى مكة والمدينة أيضا ، مستشهداً بتصريحات وغطرسة قادة الاحتلال الكاذبة بـ(دايفيد بن غوريون) حينما قال : "لقد استولينا على القدس، واستعدناها، وغدا سيكون طريقنا إلى يثرب"، وبـ(موشي ديان) يقول بعد احتلال القدس "الآن أصبح الطريق مفتوحا أمامنا إلى المدينة ومكة"، و(غولدا مائير) تقول: "إني أشم رائحة أجدادي بالحجاز، وهي وطننا الذي علينا أن نستعيده".