وضع بنك قطر الوطني وديعة بنصف مليار دولار في البنك المركزي التونسي لتعزيز احتياطي البلاد من العملة الأجنبية، وتخفيف المشكلات المالية التي تعاني منها منذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق قبل نحو ثلاثة أعوام.
وتأتي هذه الوديعة في وقت تواجه فيه تونس مصاعب اقتصادية للحصول على قروض أجنبية بشروط ميسرة ونسبة فائدة معقولة، بعدما خفضت وكالات التصنيف العالمية تصنيفها الائتماني جراء الأزمة السياسية والتطورات الأمنية الأخيرة.
وتمّ توقيع اتفاقية الوديعة التي ستردّ على خمس سنوات بنسبة فائدة لا تتعدى 3%، في تونس من قبل محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري ووزير المالية القطري ورئيس مجلس إدارة بنك قطر الوطني شريف العمادي.
تعزيز الاحتياطي
وعن الغاية من الحصول على هذه الوديعة، يقول مستشار رئيس الحكومة المكلف بالمالية سليم بسباس إنّ الحصول على الوديعة "تدخل في سياسة البنك المركزي التونسي لتعزيز مدخراته من العملة الأجنبية ككل البنوك المركزية".
ويضيف للجزيرة نت أن الوديعة ستعود بالنفع على تونس باعتبارها "تحتاج إلى تعزيز مدخراتها من العملة الصعبة مع نهاية العام حتى تكون قادرة على إنجاز التزاماتها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والتوريد ودعم الدينار التونسي".
ويؤكد المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالمالية بأن الاحتياطي النقدي التونسي من العملة الأجنبية "في وضع مريح للاقتصاد الوطني خلال الفترة الحالية"، مشيرا إلى أن الاحتياطي النقدي يتجاوز أكثر من مائة يوم من الواردات.
وبلغ احتياطي العملة الأجنبية نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 11.37 مليون دينار (6.78 مليارات دولار) أي ما يعادل 104 أيام من الواردات. لكنه تراجع بدرجة مقلقة إلى 93 يوما في نفس الفترة عام 2012.
وتسعى الحكومة التونسية خلال موازنة العام المقبل إلى تعبئة نحو سبعة مليارات دينار من موارد الاقتراض المحلي والخارجي من أجل تمويل الموازنة وتقليص العجز إلى 5.7% مقابل 6.8% متوقعة هذا العام.
ويقول سليم بسباس إن تونس ستلجأ العام المقبل للاقتراض من السوق المحلية والأسواق العالمية مثل البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية، وكذلك الاقتراض من بعض الدول الصديقة، إضافة إلى إصدار صكوك إسلامية بقيمة 825 مليون دولار.
وكانت تونس تقدمت بطلب للحصول على قرض بقيمة 1.75 مليار دولار من صندوق النقد الدولي من أجل تحمّل النفقات المتزايدة للدولة، في ظلّ ارتفاع مصاريف الدعم الحكومي ومصاريف التأجير والأسعار في الأسواق العالمية.
وحصلت تونس على قسط أول، لكنها تخشى أن يجمّد صندوق النقد قسطين آخرين متفق عليها مثلما جمّد البنك الأفريقي للتنمية قرضا بقيمة 312 مليون دولار مطلع هذا العام.
وتزور بعثة من صندوق النقد تونس لمراقبة سير الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها للتحكم في عجز الموازنة.
مصاعب اقتصادية
ويقول الخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان للجزيرة نت إن تونس تواجه مصاعب اقتصادية كبيرة جراء الاضطراب الأمني والسياسي خلال الفترة الانتقالية، موضحا أن خفض تصنيفها السيادي من قبل وكالات التصنيف العالمية صعّب عليها الحصول على قروض.
ويضيف أنّ لجوء تونس إلى الوديعة يدلّ على احتياجها لدعم رصيدها من العملة الصعبة الذي انخفض بسبب تراجع الصادرات نحو أوروبا وتعمق العجز التجاري وتراجع الاستثمار الأجنبي وصعوبة الاقتراض الخارجي بشروط ميسرة.
لكن سعيدان يرى أنّ الوديعة القطرية "لها مواصفات قرض عادي"، قائلا "هناك محاولة من السلطة لاعتبارها وديعة حتى لا يتمّ احتسابها من قبل صندوق النقد الدولي أو وكالات التصنيف العالمية على أنها قرض".
الجزيرة نت