عندما كان المطر منهمرا، كان نظر الطفل محمد عيسى "عشر سنوات"، معلقا في سقف منزلهم الصفيحي، ثم أخذ يمسح غرفته من الماء الدالف من أعلى.
ويبدو الطفل عيسى الذي يجلس بجوار نافذة يغطيها النايلون منزعجا، ويقول إن بيتنا أصبح يشبه "السجن"، وبخاصة أن مساحته صغيرة ويقع بين آلاف البيوت المماثلة.
وتسقط الأمطار الغزيرة والمصحوبة بعواصف رعدية على مختلف مناطق قطاع غزة منذ منتصف الأسبوع الجاري, بعد استقبال فلسطين لمنخفض جوي قادم من القطب الشمالي لقارة أوروبا.
ويسكن نحو مائة وأربعين ألف لاجئ فلسطيني في معسكر جباليا شمال غزة في بيوت سقفها من ألواح الصفيح "الزينقو" أو الكرميد المتهالك، والذي يسمح بدخول المياه من بين جنباته، الأمر الذي يزيد من معاناتهم في الشتاء.
محاولات التغلب
ورغم برودة الجو فإن الشاب ابراهيم صاحب الوجه القمحي لبس معطفه وراح يصلح ألواح "الزينقو" فوق البيت، غير آبه بتحذيرات والدته، ويعلل ذلك بأنه لم يستطع أن يتحمل دلف المياه أكثر داخل البيت، فيما بدأ جيرانه الآخرون بالعمل ذاته.
وأكثر ما يثير الشفقة على سكان المخيمات، هو انخفاض بيوتهم عن مستوى الأرض والشوارع، الأمر الذي يسمح للمياه بالتوغل داخلها بسهولة.
ويبدي طفل آخر يدعى براء غيرته من بيوت أصدقائه المشيدة من الاسمنت وتتمتع بخدمات متقدمة عن بيته، متمنياً انقشاع الغيم والحصار معاً.
واشتكى الحاج أبو محمد من قرب بيته الصغير من بركة أبو راشد لتجميع المياه، مبينا أن البركة اقتربت على الطفح بعد كمية الأمطار الكبيرة التي هطلت خلال الأيام الماضية.
بنية تحتية
وقال أبو محمد : " إن بيوتنا الصغيرة غير مناسبة لمثل هذه الظروف بالمطلق، لاسيما أنها تفتقر إلى أدنى الاحتياجات حيث لا تتوفر فيها سقف اسمنتي يمنع دخول المياه، ناهيك عن أن الأمطار كشفت أن البنية التحتية للمعسكر غير جاهزة لاستقبال الأمطار.
ولجأت العائلات الفلسطينية في قطاع غزة الي مدراس وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين هربا من المنخفض الجوي والاحوال الجوية السائدة .
وهربت الأسر والعائلات الفقيرة التي غمرت بيوتهم مياه المنخفض الجوي الذي يضرب الأراضي الفلسطينية والمنطقة بحثا عن الأمان والدفئ لها ولأطفالهم .
وفتحت الأونروا العديد من مدراسها شمال القطاع وجنوبه لايواء المتضررين حيث تشهد المناطق الشمالية والجنوبية للقطاع أعنف الأحوال الجوية وشدة الأمطار .
وغمرت مياه الأمطار والصرف الصحي عشرات المنازل في قطاع غزة أدت الي تضرر بعضها كليا وأخر جزئيا ووقوع اصابات .
طلبات اغاثة
من جانبه، أكد مدير عام بلدية جباليا النزلة يوسف خلة أن البلدية تعمل بكل طاقتها وإمكانياتها في الميدان لمساعدة المواطنين المتضررين جراء المنخفض الجوي.
وقال خلة "كل الجهود مسخرة؛ لكن المضخات لا تستطيع استيعاب أو شفط هذه الكميات الكبيرة من المياه والأمر أكبر من قدرتنا في ظل انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود".
وحذّر مدير بلدية جباليا النزلة من أن قطاع غزة مقبل على كارثة إنسانية، معرباً عن أمله أن يصل نداء غزة لأصحاب القلوب الحية وأن يلقى آذانا صاغية وفعاليات حقيقية تساند شعبنا على أرض الوقاع.
ولفت إلى أن الحمل يقع على عاتق البلديات والدفاع المدني في مواجهة هذه الأزمة، مبيناً أن بلديتهم سخرت كل طاقاتها للحيلولة دون حدوث كوارث.