قائد الطوفان قائد الطوفان

الشتاء يمر ثقيلاً على أطفال مدارس "الكونتينر"

غزة- فادي الحسني

لما كان المطر منهمراً كان نظر الطفل مروان الفيومي "عشر سنوات"، معلقاً في سقف فصله الصفيحي، ثم أخذ يمسح مقعده من الماء الدالف من أعلى.

ويبدو الطفل الفيومي الذي يجلس بجوار نافذة يغطيها الشبك منزعجاً، ويقول إن هذا الفصل أشبه بـ"السجن"، وبخاصة أن مساحته لا تزيد عن ستة عشر متراً ويتواجد بداخله نحو خمسة وثلاثين طلباً وطالبة.

ويتلقى نحو مائة وأربعين من طلبة مدرسة غزة (ج) المشتركة، تعليمهم في أجواء غير صحية، حيث يقيمون داخل حاويات معدنية، أطلق عليها مصطلح (كونتينر).

ورغم برودة الجو فإن الطالب إبراهيم  صاحب الوجه القمحي خلع معطفه غير آبه بتحذيرات المعلمة، ويعلل ذلك بأنه عائد لارتفاع حرارة الفصل المكتظ، وقال: "الفصل حار صيفاً وشتاءً"، فيما فتح زملاؤه الآخرون النوافذ.

وأكثر ما يثير غضب الطلبة داخل الحاويات الصفية، هو عدم قدرتها على عزل الأصوات الخارجية المنبعثة من الفناء الخارجي والمشوشة للانتباه، بالإضافة إلى أرضية الفصل الخشبية التي يبدو المشي عليها كقرع الطبل.

ويبدي طالب يدعى براء غيرته من مدارس أخرى مجاورة مشيدة من الاسمنت وتتمتع بخدمات متقدمة عن مدرسته، متمنياً انقشاع الغيم والحصار معاً.

واشتكت المعلمة نجوى مطر من عدم صلاحية الفصول المعدنية للتدريس، مشيرة إلى عدة معوقات تشتت انتباه الأطفال، كعدم ثبات السبورة بالإضافة إلى عدم القدرة على اغلاق النوافذ نتيجة الحر الشديد داخل الصفيح، إلى جانب ضيق المساحة والحركة المحدودة، فضلا عن أن الجدران المعدنية غير مؤهلة لاحتواء وسائل تعليمية.

وقالت المعلمة مطر: "إن الفصل غير مناسب للتعليم بالمطلق، لاسيما أنه يفتقر إلى أدنى الاحتياجات حيث لا تتوفر فيه خزانة، ناهيك عن أن الحواف المعدنية الحادة للفصل قد تتسبب بأذى وجروح للطلبة".

ودأبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على استخدام هذه الحاويات التي تبدو كمخازن للبضائع لسد العجز الحاصل في عدد الفصول المدرسية.

وتقول مديرة المدرسة فلورندا مصلحة، إن إدارة الوكالة الدولية، وفرت الفصول المعدنية كحل مؤقت للأزمة الحاصلة في عدد الغرف الصفية الناتجة عن الحصار، مؤكدة أن تلك الفصول غير مناسبة للعملية التعليمية.

وأشارت مصلحة إلى أن هناك وعود بإنهاء هذه الأزمة مع بداية العام الدراسي المقبل، مؤكدة أن (الأونروا) تعمل على بناء مدارس جديدة لتغطية العجز القائم.

واستخدام فصول الكونتينر هي واحدة من محاولات تجاوز الحصار (لإسرائيلي)المفروض على غزة منذ منتصف حزيران/ يونيو 2007، الحائل دون إدخال المواد الخام اللازمة لإقامة المنشآت الضرورية.

وتؤكد وكالة الغوث أن بناء المدارس المؤهلة من أولوياتها لكن استمرار الحصار ومنع دخول مواد البناء إلا بصورة مقننة لمؤسسات الأمم المتحدة يعيق التنفيذ السريع لبناء هذه المدارس. وتشرف (أونروا) على تعليم 214 ألف طالب في قطاع غزة موزعين على 220 مدرسة.

وتقول الوكالة الدولية إنها تستقبل زيادة بعدد طلبات الانتساب إليها بنحو ثمانية آلاف طالب سنويا، الأمر الذي يعكس مدى حاجة قطاع غزة لمدارس جديدة تستوعب هذا العدد من الطلبة المحاصرين.

البث المباشر