يمكن التنازل عن غور الأردن

غور الاردن (الأرشيف)
غور الاردن (الأرشيف)

بقلم - رؤوبين بدهتسور

حينما صاغ "يغآل ألون" الخطة المسماة باسمه "خطة ألون"، بيّن فقال، "أرى أن سيطرتنا على غور الأردن ضرورة ينبغي عدم التخلي عنها", ومر منذ ذلك الحين أكثر من أربعة عقود وزالت التهديدات التي كانت تقلق "ألون" في حينه، فقد انتقضت "الجبهة الشرقية" ولم يعد خطر حرب جيوش نظامية تهاجم من قبل أرض الأردن، ولم يعد قائماً, ولذلك لم تعد توجد أهمية لغور الأردن باعتباره حاجزاً لغزوٍ بري محتمل من الشرق.

في عصر أصبح التهديد المستقبلي المركزي من الشرق هو السلاح المائل المسار (الصواريخ الباليستية والقذائف الصاروخية)، لم تعد توجد أية أهمية وأية فائدة من وجود قوات الجيش الإسرائيلي في غور الأردن, وإن ادعاء مؤيدي السيطرة على الغور هو أنه لا يمكن في الشرق الأوسط توقع تطورات وتحولات لأنه قد يمكن في المستقبل هجوم عسكري بري من الشرق، ولهذا فإن وجود الجيش الإسرائيلي الدائم في غور الأردن ضرورة أمنية, لكن من الواضح أن قوة الجيش الإسرائيلي التي ستمكث على الدوام في غور الأردن ستكون محدودة المقدار بالضرورة، وستكون بسبب ظروف المكان في وضع سيء من جهة التضاريس ومُعرضة للنيران من الشرق والغرب ومُعرضة لخطر التطويق الدائم.

حينما يقول وزير "الدفاع" "موشيه (بوغي) يعلون" وقت زيارته للغور، "أنا رجل استيطان... لا يوجد أمن في مكان لا يسكنه اليهود"، فإنه ينسى كما يبدو درس حرب يوم الغفران, فبلدات هضبة الجولان فضلاً عن أنها لم تهيئ "الأمن"، أصبحت عبئاً واحتيج إلى إخلائها بسرعة.

وإذا تحقق مع كل ذلك السيناريو الأقل احتمالات لهجوم عسكري من الشرق فإن الجيش الإسرائيلي يملك قدرة عملياتية ممتازة للقضاء على قوات متقدمة تقدماً عميقاً في أرض الأردن, وإذا لم يتم القضاء على جزء من قوات العدو المتجهة غرباً فسيدخل الجيش الإسرائيلي آنذاك الضفة الغربية من الشمال والجنوب ويستطيع بالطبع أن ينقل قوات في الجو ويُنزلها لإغلاق الشوارع الرئيسة القليلة التي يمكن التقدم فيها من الغور إلى الغرب.

وفي كل ما يتعلق بتهديد حرب العصابات و"إرهاب" المنظمات عرفنا من قبل أن أنجع طريقة للمواجهة هي التأليف بين الاستخبارات وعائق أمين بين "إسرائيل" وأراضي السلطة الفلسطينية (الجدار الأمني), وبعد أن تُقام الدولة الفلسطينية وبالاعتماد على الترتيبات الأمنية معها، ستكون مصلحة الفلسطينيين في منع بناء قاعدة "إرهاب" في أرضهم، وإحباط دخول "إرهابيين" من الأردن, وستمنع قوات الأمن الأردنية ذلك من الجهة الشرقية لنهر الأردن.

وإذا تناولنا خطر تهريب وسائل قتالية إلى داخل الدولة الفلسطينية من الشرق، فإن من المناسب أن يتم تقوية عائق نهر الأردن مع نشاط الأردن وفلسطين لمنع التهريب، وأن يكون هناك وجود إسرائيلي في المعابر الحدودية، وينبغي أن يضاف إلى ذلك محطات الإنذار في مناطق "باعل حتسور" وجبل "عيبال" حيث سيكون وجود إسرائيلي أيضاً, وينبغي عدم التخلي بالطبع في كل تسوية ستكون مع الفلسطينيين عن السيطرة الالكترو- مغناطيسية والجوية الإسرائيلية التي ستسهم في جمع المعلومات الاستخبارية أيضاً.

ويتبين من كل ذلك أن قول رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" "سأوقع على تسوية دائمة إذا اشتملت فقط على بقاء إسرائيل في الغور"، هو قول سياسي لا يعتمد على تحليل عسكري مختص, حيث يستطيع "نتنياهو" في الحقيقة أن يحاول إحراز موافقة فلسطينية على وجود عسكري في الغور، بل إن فريق وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" يساعده على ذلك، لكن يجب عليه أن يدرك أن للسيطرة على الغور فائدة أمنية هامشية قياساً بالمكسب الأمني الاستراتيجي الذي سنناله من التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

البث المباشر