بقلم: عبد الله محمد عبد الرحيم
أما ذلك الغاضب من أولئك الذين سجنوا ابنه ظلماً – كما يدعي – فقد كانت غضبة بمثابة رشفة دواء للزهايمر المزمن الذي يعاني منه, فتذكر – سبحانك الله – أن دولة غربية منعت بناء المساجد فأعلن الجهاد – الاقتصادي - ضدها, لكن الصفعة لم تكن بتلك الحدة لتنهي المرض من جذوره لأن مولانا لم يتذكر بعد أن الأقصى يقتحم كل صلاة جمعة ويدنس كل لحظة ويهتك عرضه كل يوم ويداس من قبل بني قرد آناء الليل وأدبار النهار, ولم يتذكر بعد أن المسجد الأقصى على أعتاب الهدم ....... فللبيت ربي يحميه.
لم يتحمل صاحبنا ما يسمعه يوميا عن حصار للشعب في غزة, وانتهاك للحرمة في الضفة, لم يتحمل وهو صاحب الشهامة والقوة والبأس أن يسمع عن انتهاكات بالمسجد الأقصى ولم يتحمل أن يرى أصحاب اللحى الطويلة يبكون أمام حائط البراق ويتعهدون لربهم الشخصي أن يهدموا الأقصى بحثا عن الهيكل, غضب فاحترقت مرارته الأخيرة – كان يدخرها للفترة الرئاسية القادمة – فتوجه لدولة غربية صديقة لينتزعها وأما البيت فله رب يحميه.
كبير المتنافسين على النفوذ في الشرق الأوسط وزعيم واحدة من أكبر الدول العربية والإسلامية – لا تظلموا الرجل فهو ينتمي لمحور الاعتدال – قرر أن يفعل جائزة للتراث والتاريخ ويسميها باسمه ويمنحها لمن يهتمون بالتراث, وأنا بصفتي باحث في الشأن ذاته أبلغك يا سيدي أن "إسرائيل" تستحق أول جائزة للتراث والتاريخ لأنها استطاعت أن تهود شوارع القدس وفلسطين وتنسب لها صفاتها, استطاعت أن تمحوا اسم فلسطين من خرائط الشبكة العنكبوتية وسجل التاريخ العربي والدولي وتحولها إلى "إسرائيل" وبأحسن الأحوال "أرضى السلطة الفلسطينية", استطاعت أن تفرض اسم المبكي وتزيل البراق, وأخيرا – لا آخراً - أن تنسب الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح لتراثها, استطاعت أن تسرق الثقافة الفلسطينية وتحولها لثقافة "إسرائيل", دولة كهذه في أقل من سبعون عام استطاعت أن تخلق لها تراث يمتد لقرون ألا تستحق جائزتك الأولى؟ امنح الجائزة يا سيدي الزعيم المفدى واترك البيت لربه يحميه.
زعيم دولة عربية أخرى يتعب نفسه بالسهر لأجل شعبه؛ فبعد تفكير عميق, وبعد أن أجهد ذهنه – مجازاً – كيف يخفف عن الشعب آلام ما يجرى في الحرم القدسي وما يتهدد المسجد الأقصى قرر أن يجعل يوم ميلاده عيد للشعب يمتد ثلاثة أيام, تباح فيه الخمور – بشرط الترخيص – ويجاز فيه الرقص المتعري وتفتح أبواب المعاصي – على أساس كثرة الطاعات طول العام – وبينما الشعب لاهي يخفف عن نفسه آلام القهر مما يحصل للأقصى يقف هذا القائد الشهم بين يدي منظمة المؤتمر الإسلامي – اسم لدغدغة العواطف – يعلن أنه رب المنظمة ورب شعبه ورب كل شيء هو ربه - طبعا سينال التصفيق- عدا الأقصى فله رب يحميه.
الشعب الذي يتقاسم قطع الموت القادمة من إحدى السبيلين – الأنفاق والمعابر – ينتظر موقفاً من قادته الذين برعوا في جميع اللغات – الشجب والإدانة, الاستنكار والمطالبة, الشعارات والمسيرات الغاضبة بكل المسميات – ونسوا لغة الحرب, موقفٌ قد لا يظهر قريباً لجلالة طعم الكرسي – الخابور - الذي تقاسموه, فالأول لا يزال يتشبث بمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع العدو مقدما كل التنازلات الممكنة والغير ممكنة في سبيلها, ولكنه يحتفظ بتصميمه على توقيع الورقة من قبل الطرف الآخر لبدء المصالحة – مفارقة غريبة – والثاني بدأ يحسب العواقب الكامنة خلف لغة غير لغة الخطابة واكتفي بالابتهال لله عل الطير الأبابيل تأتي من السماء تحمل الحجارة فتلقي بها على نتياهو وزمرته, والطرفان داخلهما اليقين كما هو داخلي وداخل من يقرأ كلماتي وداخل كل الشعب الإسلامي العربي – من وحي العادة – أن للأقصى رب لا بد ويحميه.