في زحمة التهديدات والضغوطات التي يتعرض لها السيد محمود عباس من الولايات المتحدة الأمريكية و( (إسرائيل) ) لثنيه عن المضي فيما توافق عليه مع حركة حماس على تنفيذ اتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة في محاولة لإنهاء الانقسام وتحقيق وحدة الصف لمواجهة المشروع الصهيوني الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر المفاوضات واتفاق الإطار الذي يحمله خيري والذي يشكل ترجمة عملية لخطاب نتنياهو في جامعة بار أيلان في (تل أبيب) عند توليه رئاسة الحكومة (الإسرائيلية) السابقة.
حتى اللحظة حماس تتصرف بمرونة عالية جدا مع حالة التسويف والمماطلة التي يبديها أبو مازن في موضوع تشكيل الحكومة رغم أن أسماء الوزراء لا خلافات كبيرة حولها فقط تم التوافق على المعايير بل أكثر من ذلك تم تحديد من سيتولى الوزارات بشكل كبير جدا والمختلف عليهم ربما عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ولا يشكل الأمر أي إشكالية أو عقبة ولن تتوقف حماس كثيرا عند ما تبقى من وزراء مختلف عليهم.
محمود عباس لازال مترددا ولازال متوجسا أيضا من الموقف العربي والغطاء المالي الذي قد يشكله هذا الغطاء لو أقدم على تنفيذ الاتفاق بشكل نهائي ودون تردد وهو الآن ينتظر أين تتجه الرياح ورغم أن المدة الممنوحة لتشكيل الحكومة والإعلان عنها آخذة بالنفاد وهي المدة المقررة في القانون الفلسطيني والزيادة على المدة المقررة ثلاثة أسابيع ومن ثم أسبوعين إضافيين، سيجد عباس نفسه في مواجهة الوقت وانتهاء المدة الممنوحة والتي يمكن أن تمدد تحت مسمى المصلحة الوطنية لأسبوع أو أسبوعين طبعا بالتوافق وهذه قد تكون وسيلة لتسهيل التهرب من انجاز المصالحة بشكل كامل كما يرغب الشعب الفلسطيني وقواه المختلفة .
لازلت أتشكك في رغبة محمود عباس بالمصالحة وعليه أدعو حركة حماس أن يكون لديها مرونة عالية في موضوع المصالحة طالما لا مساس بالثوابت والاستراتيجيات وان اللعب على التكتيكات أمر مشروع في السياسة ولا غضاضة فيه وعلى حماس ألا تتوقف كثيرا أمام بعض الفروع وأن تمد حبالها لمحمود عباس وأن تبقي شعرة معاوية وان تساعد عباس على تجاوز الضغوطات الأمريكية و(الإسرائيلية) لأنها لو دخل في المصالحة بشكل قوى وهذا ما تسعى إليه حماس تكون قد أنقذت القضية الفلسطينية من مشروع التصفية التي يحمله كيري، وربما تعيد محمود عباس إلى المسار الصحيح الذي يتوافق مع مصلحة الشعب الفلسطيني العليا.
على حركة حماس أن تدفع عباس وحركة فتح إلى عدم الالتفات إلى الضغوط الأمريكية و(الإسرائيلية) والاعتماد على قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والتحدي من خلال وحدة الصف والتوحد خلف قيادة فلسطينية قادرة على اتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة بما يخدم الشعب الفلسطيني ويحافظ على حقوقه وثوابته، وعلى حماس وفتح أن ينزعا حالة الشك وعدم الثقة فيما بينهما وأن يبنيا علاقاتهما بعد المصالحة على قاعدة التعاون فيما يتفقا عليه ويعذر كل منهما الآخر فيما يختلفان عليه، وان يعملا معا على لم الصف الفلسطيني والقوى السياسية المختلفة على قاعدة الشراكة في اتخاذ القرار وتحمل المسئولية، والعمل على بناء إستراتيجية سياسية فلسطينية توافقيه لمواجهة المرحلة القادمة.
حماس اليوم مطالبة بالأخذ بيد فتح نحو المضي قدما ودون تردد، وعدم تركها للهروب من اتفاق المصالحة تحت أي مبرر من المبررات خاصة أن محمود عباس يعيش مرحلة صعبة جدا ويمر بظروف ضاغطة قد تجعله يخلق حجة او مبرر للهروب من تنفيذ اتفاق المصالحة ويخضع للضغوطات وهذا سيشكل انتكاسة نتمنى ألا تحدث ، وان يمضي عباس معتمدا على الله أولا ثم على بناء الثقة مع الكل الفلسطيني وسيكون الحامي للجميع هو الشعب الفلسطيني الذي أثق به وأراهن عليه.