قائد الطوفان قائد الطوفان

ماذا بعد مغادرة حماس قُمرة القيادة الحكومية؟

اجتماع للحكومة في غزة (أرشيف)
اجتماع للحكومة في غزة (أرشيف)

الرسالة نت- أحمد الكومي

تترك حركة حماس هذه الأيام مقاليد الحكومة نزولا عند نتائج "اتفاق الشاطئ" لإنهاء الانقسام، لكن ذلك لا يعني بكل تأكيد "تركها الحكم"، فأمامها استحقاق سياسي آخر بعد ستة شهور من تشكيل حكومة التوافق، كما هو مقرر.

حماس تتحلل بذلك من بعض أعباء الحكومة ومسؤوليات قطاع غزة الواقعة على عاتقها، وجزءا من مسؤولية الانقسام، ويجعلها تتفرغ لترتيب التنظيم، وتمكين الالتحام بالجمهور، وهو ما يعتبره مراقبون أبرز إيجابيات المصالحة بالنسبة للحركة.

فمأزق الحصار والأزمة المالية الخانقة التي تزامنت مع جملة من الظروف المحلية والإقليمية، أثرت في قدرات حماس على إدارة الوضع المعيشي لسكان غزة، بعدما فُرض عليها حصار وعزلة إقليمية ودولية، زادت حدتها بعد انقلاب 3 تموز/يوليو في مصر، والعداء المتصاعد للإخوان المسلمين في عدد من الدول العربية.

ألحق بذلك، تراجع الدعم الإيراني منذ منتصف عام 2012 بصورة واضحة بسبب موقف الحركة من الثورة السورية، وأيضا توجه السلطات المصرية بعد الإنقلاب إلى تدمير 90% من الأنفاق الواصلة بين قطاع غزة وسيناء، الأمر الذي تسبّب بخسائر كبيرة مسّت النشاطات الاقتصادية كافة خلال النصف الثاني من عام 2013.

عن ذلك كله، نتج تأخر صرف رواتب نحو 50 ألف موظف عمومي بفاتورة شهرية تبلغ حوالي 37 مليون دولار شهريًا، في حين ارتفعت نسبة البطالة لأكثر من 30% في الربع الأخير من عام 2013، وقد يكون ذلك من جملة الأسباب التي دفعت حماس إلى إنهاء حالة الانقسام في هذا الوقت تحديدا.

ترك الحكومة يفرض على حماس تحديات، ربما أبرزها "إبقاء الظهر الحامي للمقاومة في غزة"، كما كتب المحلل السياسي عدنان أبو عامر، الذي يعتقد أيضا أن من "إيجابيات انسحاب حماس من الحكم، إعادة ترميم علاقتها بالجمهور، التي تضررت كثيرا كأي حكومة عادية، مما يتطلب شحذ الهمم وتقصير المسافات".

ويسود إجماع فلسطيني بأن حماس نجحت في تثبيت دعائم الأمن بشكل ملحوظ في قطاع غزة، وهو ما تعتبره الإنجاز الأهم في نظرها والفلسطينيين كذلك، بعد حالة التدهور الأمني التي سادت في عهد الحكومات السابقة.

الأمر الثاني الذي ينادي به أبو عامر، وجوب أن تتفرغ قيادة حماس لشؤون التنظيم الداخلية خشية من التأثيرات السلبية لانشغالها عنه بأمور السلطة.

القاعدة الشعبية لحماس ترى أن ترك الحكومة "قرار صائب" إذا ما حافظت حكومة الوحدة على الثوابت التي واجهت لأجلها الحركة حصارا وعدوانيْن شرسين في غزة، لكن ذلك لم يمنع توجس البعض، خاصة في الضفة الغربية المحتلة؛ نظرا لما عدّوه مصالح وبرامج متضاربة لطرفي الانقسام.

ثم إن التخفف من أعباء الحكومة يتيح لحماس المناورة فيما يتعلق بموضوع التهدئة والصراع مع الاحتلال (الإسرائيلي)، خاصة أن حرص حماس على تنمية غزة برغم الحصار، وتغذية فصائل المقاومة بالسلاح والعتاد، جعلها لا تبادر لفتح مواجهة عسكرية واسعة، وتحافظ على تهدئة معقولة المدى.

أتبع ذلك، التفات حماس بشكل أكبر للعمل الخيري والمؤسساتي والنقابي وتلمس حاجات الناس، خاصة أن أقطاب العمل الخيري بالحركة كانوا في قمرة القيادة الحكومية، والعودة تفرض إكمال المشوار بهمة أكبر ونفس أطول.

الكاتب الفلسطيني ساري عرابي يعتقد من جانبه في حديث مع "الرسالة نت" أن تخفف حماس من الحكومة لا يكفي "لأنها بعد 6 شهور ستقف أمام استحقاق سياسي، وهذا يتطلب جمع قواعدها التنظيمية خلفها"، وفق قوله. وأكد ضرورة "حل مشاكلها الداخلية وإعادة تفعيل مؤسساتها"، مستدركا: "هي على المستوى التنظيمي تحتاج عملا كثيرا".

حماس تدرك جيدا أهمية الممارسة السياسية في الحالة الفلسطينية، ويفرض ذلك برأي مراقبين أن توازن بين المقاومة بما يحفظ لها الإرث القديم في العمل على حماية الحقوق التاريخية والشرعية لفلسطين، وأيضا تصويب الممارسة السياسية بما يحفظ أيضا مكتسبات القضية.

البث المباشر